منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - شرخ في جدار النفس..
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2006, 04:26 AM
  #1
الزعيـــــم
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية الزعيـــــم
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 1,946
الزعيـــــم غير متصل  
icon40 شرخ في جدار النفس..

شرخ في جدار النفس

صباح يوم الأربعاء الموافق18/10/1425هـ الساعة الخامسة صباحاً تستيقظ الأم وهي حامل في آخر شهرها التاسع لتبدأ في إعداد طعام الإفطار وبعد ذلك بأقل من الساعة توقظ أطفالها على أشعة الشمس لتناول طعام الإفطار والاستعداد لبداية اليوم المدرسي ، وما أن يتوجه الجميع إلى حجرة الطعام حتى يجدوا الأب في انتظارهم يتناول قهوة الصباح (كعادته) ، وبعد أن تناول الجميع إفطاره يذهب الأب إلى عمله مصطحباً أولاده معه لإيصالهم إلى مدارسهم .
خلال الفترة الصباحية تقوم الأم بترتيب منزلها , ,وإكمال الأعمال الروتينية اليومية ، ثم تشرع في إعداد وجبة الغداء ، وما أن يعود زوجها متعباً من عناء يوم عمل شاق ويعود أولادها وقد أرهقهم شرح المعلمين ،حتى يجد الجميع الراحة والسكون بانتظارهم .
وما أن فرغ جميع أفراد الأسرة من وجبة الغداء حتى بدأ يداهمها ألم المخاض ،فتحملت ذلك الألم الشديد (الذي لا يدركه الرجال أمثالي) حتى الساعة السابعة مساءً ( ونتيجة لخبرتها من ولاداتها السابقة عرفت بقرب ولادتها ) فطلبت من زوجها إيصالها إلى المستشفى فوراً .
وضعت حملها السادس وكانت ( طفلة جميلة ) وفي صباح اليوم التالي هاتفها زوجها :
- كيف حالك ؟ الحمد لله على سلامتك
- أنا بخير وعافية ، وقد أوصى الطبيب بخروجي نهاية اليوم
- هل تريدين شيئاً ؟
- لا حقيبتي معي وفيها ما أحتاجه ، ولكن أريد العودة إلى منزلي ,و كذلك رؤية أطفالي .
- بأذن الله سوف تعودين إلى منزلك وترين أطفالك ،إلى اللقاء عصراً .. مع السلامة
- إلى اللقاء .. مع السلامة
( لم يكن يعلم أنّ ذلك آخر حديث يدور بينه وبينها وأنّها لن تعود إلى بيتها ولن ترى أولادها مرة أخرى )

ذهب الزوج الساعة الخامسة عصراً إلى المستشفى ودخل مع الباب الرئيس ، وتوجه إلى المصعد الطابق الثاني حجرة ذات الرقم(317) ،دخل الحجرة توجه نظره مباشرة إلى السرير ( ب ) فلم يجد زوجته ، فظن أنها _ أجلكم الله _ في دورة المياة ، انتظر .. انتظر ..فأخبرته المرأة المقيمة مع زوجته في نفس الحجرة ( من خلف الستار) زوجتك نقلت إلى قسم العناية المركزة !!
تجمد الوقت ، وبدأت الأصوات تقل حتى ساد الصمت ، وبدأت خفقات قلبه تتسارع كلما تسارعت خطاه إلى مكانها ، حتى وصل إلى القسم المختص ، فبادر بسؤال الطبيب عن حالها :
- ماذا حدث لزوجتي ؟
- زوجتك أصيبت بهبوط حاد في الدورة الدموية.. أدع لها بالشفاء ..
_ ولكن ولادتها طبيعية!!
_ في الطب بعض الحالات لا تقبل أي تفسير علمي ..ولكن لا تخف أطمئن..
سنعمل كل ما بوسعنا..فهي في أيدي أمينة ..

انتظر.. وانتظر .. وأصبح الزمن بطيء جداً وكأنّ عقارب الساعة متوقفة عن الدوران وفي الساعة السابعة مساءً أخبروه بأنّها فارقت الحياة (ساعتان من الانتظار كأنّها عامان ) ، كانت المفاجأة كبيرة...أكبر من أن يستوعبها عقله ،أصابته حالة من الذهول وعدم التصديق فكأنه يحلم !! ،ثم أجهش بالبكاء، بكاء المحب ، بكاء الفقد.
واساه الطبيب وبعض أفراد الطاقم الطبي في القسم ، وذكروه بالله عز وجل ..حتى هدأت أعصابه وسكنت نفسه ..
استلم بعد ذلك المولودة ووضعها عند خالتها ، وفي اليوم التالي استلم جثت زوجته وغسلها وصلى عليها ووضعها في اللحد بيديه وفاءً وإكراماً لها .
أدرك حقيقة الأمر أولاده البالغين أما من لم يصلوا إلى سن التمييز فعند سؤالهم أين ماما ؟؟ يقول سافرت فوق فوق في السماء ولن تعود .
رحلت وتركت له ثلاثة ذكور وثلاث إناث،أكبرهم ابن في الصف الأول الثانوي وأصغرهم رضيعة . ( مختلف الأعمار )
هو من يرتب كتبهم و من يذاكر لهم دروسهم ومن يتفقد ملابسهم و من يسهر على المريض منهم و من يتابعهم وهو من يهتم بمشاعرهم ومن يعرف نواقصهم وحاجاتهم ومن يراعي خواطرهم ..هو الأب وهو الأم في آن واحد ..
هل يعقل أن تقوم الخادمة بدور الأم ؟! وهل يمكن أنّ تقوم البنت ذات الأحد عشر ربيعاً بدور أمها ؟!

وهنا لا بد من وقفة :

بعد أن كان يجمعها منزل واحد في لحظة :
أفتقدها و أفتقد نفسه وأفتقد طعم الحياة التي اكتسحها السواد من بعدها ..أراد الهروب من الواقع المؤلم ولكن لم يستطيع الهروب إلا إلى الوراء حيث كان معها..فهو يهرب منها إليها!!
كل يوم من أيامه يوم غارق في الذكريات الحزينة، والهم، و طلب الصبر.. ؟!الفرح فيه لم يجد له موضعاً في قلبهً فلا وجود له ما لم يكن معه من يحب ليقاسمه معايشة الأحداث..
بل إن الأعياد والمناسبات السعيدة عند هذا الإنسان طقوس تجلب الأسى إلى أعماقه ..فلا يريد التهاني ، بل يحتاج العزاء ..!
أناس كثير فقدهم ، لكن لا يتغير شيء في حياته سوى إضافة بعض الحزن يختلف ( في درجته ) باختلاف الأشخاص ومكانتهم عنده وقربهم له ..
لكن هنا أفتقد من يكون فقده شرخ في جدار النفس لا يكسبه الحزن الطبيعي فقط بل غير مسار حياته نحو منعطف خطير يحتاج إلى جهاد و مجاهدة وصبر ومصابرة ، منعطف دمر حصناً منيعاً يصد ريحاً عاتية محملة بالمتاعب المادية والمعنوية .. منعطف سلبه الأمان النفسي والعاطفي الذي لم يدركه جيداً إلا بعد أن أفتقده..
ولكم تمنّى الآن أن يعود الزمن إلى الوراء، وترجع أجندة التاريخ إلى الخلف .. ليحسن معاشرتها ، ويكف عن الأخذ منها ، ويبذل لها مزيداً من العطاء ، ويوفيها حقها من التقدير والاحترام .
أخي الزوج :
هل فكرت أنّك في لحظة قد تفقد زوجتك ؟
شريكة حياتك ، من تهتم بنفسها وجمالها لإرضائك،، أم ومربية أطفالك، طاهية طعامك، غاسلة ثيابك ، مصدر أنسك وراحتك في بيتك، تأتي إليها وهمومك كالجبال، فسرعان ما تبددها عنك ، ولم يقتصر اهتمامها بك ، بل تعدى إلى أهلك وأقاربك، كم ظرفاً وأزمة نفسية ومالية.. مريت بها وقدرتها لك ،وكانت لك نعم الزوجة ،فهي كل حياتك .
أختي الزوجة :
هل فكرت أنّك في لحظة قد تفقدين زوجك ؟
شريك حياتك ، وأبوأولادك ، يكدح ويعمل ليحقق لقمة العيش لك ولأولادك ،هو من يقوم بواجباتك ، يعرف ما في نفسك وأفكارك ، كلما أردت حاجة وجدتيها بطلبك أو باختيارك ، سندك ( بعد الله) وأمانك ،فهو رأس مالك ..

لو فقدت شريك حياتك :

فأعلم أنّ الحزن أكبر من أن تتجاهله ، والفرح أصعب من أن تتصنعه ، و أنّ النسيان أقل من أن تتحصنه ..
وخصوصاً إذا تجاوزت ذكراه حدود المكان والزمان لتتجسد في بشر يمشي على الأرض .. هم أولادك .

أخي الزوج وأختي الزوجة :

أظهر لزوجك حبك وإخلاصك وتقديرك واحترامك .. قبل أن يأتي يوم يكون هو في عالم آخر ، لم يعد يهمه إذا كنت تحبه و تقدره أو يتمنى أن تظهر له حبك وتقديرك أم لا ؟!

اللهم أحفظ لي الزعيمة ما دمت حياً
ودمتم سالمين ،،،

الزعيم55
__________________

وينك رحلت وغابت بعيني الشمس
وضاعت حياتي كلها في غيابك
هذا مكانك .. مثلما كان بالأمس
وهذي حروفك .. بعدها في كتابك

(( سترى حروفي تسير في عقلك !! ))

التعديل الأخير تم بواسطة الزعيـــــم ; 09-08-2006 الساعة 04:37 AM