قال:وهل كان علي أن أتخلى عن رفقي وليني ؟
قلت: لم أقل هذا , النبي عليه الصلاة والسلام يقول : ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه , وما نُزع من
شيء إلا شانــه ) .
وأنا لم أدعك إلى التخلي عن الرفق .. وإنما دعوتك لتجعل رفقك في قوة , ولينك في حزم , ورقتك في حسم .
قال: أجمع بين المتناقضات ؟
قلت: ليست تناقضات .. و لأعطك مثلاً : ألم يمر بك وأنت على مقاعد الدراسة .. معلم لا يسمح لتلميذه من
تلاميذه بالخروج على النظام .. وتجاوز الحد .. دون أن يضربهم أو يعاقبهم ؟ يعلمهم ويوجههم دون أن يصرخ
فيهم ويغضب منهم ؟
يلزمهم بطاعته وهم يحبونه ؟
قال: كثيرون من المعلمين كانوا كذلك ..
قلت: لو افترضنا أن هذا المعلم .. تساهل في محاسبة تلاميذه على عدم كتابة واجباتهم ... أو حفظ
دروسهم .. أما كانوا سيهملون , مع الأيام , إلا قليلاً منهم ؟ أو أنه ترك لهم حرية العبث في الفصل .. والحديث
أثناء شرح الدرس .. أما كانت الفوضى ستعم الفصل ويصعب ضبط التلاميذ ؟
قال: صحيح .
قلت: وهكذا يحسن أن يكون الزوج .. غير متساهل في تقصير زوجته في حق الله , أو في حقه , يأمرها
بكل معروف .. وينهاها عن كل منكر , لا يترك لها الأمر على هواها .. ويشعرها بوجوده في كل شأن ..
وبضرورة موافقته على كل أمر ذي بال ..
قال: أي أني سأفتح جبهة في البيت ... ! إني والله لا أحب هذا .. لماذا لا نجعل الأمور هينة يسيرة ..
كانت حياتنا في البداية سعيدة .. ولم نكن بحاجة لهذا .. فلماذا الآن ؟
قلت: للحياة الزوجية بهجة في بدايتها تغطي كثيراً من السلبيات .. التي لاتظهر إلا بعد مرور فترة
طويلة نسبياً على الزواج .. والجبهة التي لا تريد ان تفتحها في البيت .. أنت الذي أخذت بأسبابها ..
وأوصلتك إلى هذه الصفعة على خـد زوجتك ..
قال: سأحاول أن أغير من طبعي ما استطعت .. وأن أكون حازماً آمراً ناهياً مقرراً لكل شيء في
البيت .. حسن هذا ؟
قلت: دون أن تتخلى عن رفقك ولينك ؟
قال: وهل أستطيع أن أتخلى عنهما ؟
قلت: ومتى ستبدأ بتطبيق الحزم والأمر والنهي ؟
قال: فـور أن أعيد زوجتي إلى البيت !
قلت: ماذا قلت ؟
قال: فــور أن أعيد زوجتي ؟
قلت: بل قبل ذلك !
قال: ماذا تعني ؟
قلت: الحزم يقتضي أن لا تعيدها أنت .. بل أن تأتي هي بنفسها .. لأنها خرجت بنفسها .
قال: لكني صفعتها .
قلت: مهما يكن .. فما كان عليها أن تخرج من بيتها دون إذنك .
قال مبتسماً: والله شيء جميـل ...
أردف: ولكن .. إذا لم ترجــع ؟
قلت: سترجع أو يُرجعها أبوهـا .
( بـعــــد ثلاثــة أيـــام اتصــل بي قائلاً : أبشــــرك .. لقد عادت . )
قلت: لا تنسى ما اتفقنا عليه .
قال: إن شاء الله .
بعد ستة أشهر , كان في زيارتي , طمأنني بأن حياته عادت أسعد مما كانت عليه , وكان مما قاله لي :
هل تصدق ماذا قالت لي زوجتي قبل أيــام .. في جلسة مودة جمعت بيننا ؟
قلت: هـات أخبرني .
قال: لقد قالت إنها على الرغم من أنها تألمت من الصفعة التي هويت بها على وجهها , وكراهيتها لي
في تلك اللحظات , إلا أنها أحست لأول مرة برجولتي !
قلت ضاحكاً: ... ولكن احذر أن يدفعك هذا إلى تكرار الصفعة !
قال ضاحكاً أيضاً: اطمئن .. فقد جعلت كلامك شعاراً لي : حـــــــزم في ليـــــن .. وشدة في رفق .. !
ونطرونا بالقصة الياية
اخوكم المجدد