قلت: عفا الله عما سلف .. عوض عما فات يا أخي .
قال: ولكن كيف يا أخي .. ؟ كيف أنقلب مرة واحدة من تعاملي الجاد معها ... إلى الملاعبة والملاطفة ؟
ألن تتساءل زوجتي : ماذا جرى للرجل .. ؟ ألن تستنكر مني ؟
قلت: هناك كثير من الأمور يمكن أن تفعلها في مرحلة الانتقال من جفافك القديم .. إلى ربيعك الجديد .
قال: تفضـــل .
قلت: كيف طبخ زوجتك ؟
قال بحماسة: لن تذوق في حياتك أطيب منه .. أكلت في مطاعم كثيرة في مختلف أنحاء العالم أثناء
سفراتي في اعمال للشركة .. لم أجد أطيب مما تطبخه زوجتي .
وسأدعوك إلى الغداء لتذوق بنفسك .
قلت: شكراً سلفاً ... ولكن هل أثنيت على طبخ زوجتك مادامت تجيده إلى هذا الحد ؟
( رفع حاجبيه وقد فطن إلى ما أردته من سؤالي عن طبخ زوجته )
قال: أذكر أني قلت لها مرة : أنت يا أم أحمد تتقنين الطبخ جيداً .
قلت: مستنكراً: مرة واحدة ... ويا (( أم أحمد )) .... ؟!!
لماذا لا تخاطبها باسمها ؟ وكيف تثني على طبخها مرة واحدة وأنت تعترف بأنك لم تذق مثله في مطاعم
العالم كلها ؟ لماذا هذه العبارة المختصرة الجامدة ... وكأنك تذكر نتيجة علمية : ( أنت يا أم أحمد تتقنين
الطبخ جيداً )) !!!
قال: ( وقد ظهر عليه بعض خجل ممزوج ببعض حرج ) : وماذا كان علي أن أقول ؟
قلت: كان عليك أن تقول هذه الحقيقة عشرات المرات ... وبعبارات كثيرة مبهجة ومفرحة لزوجتك ..
كان عليك إثر كل عودة من سفر من أسفارك أن تقول لها وأنت جالس إلى مائدة الطعام : صدقيني يا
( وتذكر اسم زوجتك .. ) ... أني لم أجد , من يطبخ أطيب منك .. كنت أفتقد أكلاتك , اللذيذة هناك ...
ما رأيك لو تكتبين طرائق طبخك لنجمعهما لك في كتاب تستفيد منه باقي النساء ... ولكن لا .. ليست
القضية قضية طريقة وكميات .. القضية قضية فن ونَفَس

.... حتى لو عرفوا الطريقة منك .. فمن أين لهم
أن يحصلوا على نَفَسك في الطبخ ...
والتفت إلى ابنتك فاطمة وقل لها : تعلمي من أمك يا فاطمة .. تعلمي منها طرائق الطبخ .. ولازميها لتأخذي
منها هذا النفس .. أريد أن يستطيب زوجك في المستقبل طبخك .. كما أستطيب طبخ أمك ...
قال: سيسرها هذا الكلام كثيراً ويملأ قلبها بهجة وسعــــادة ...
قلت: وهل يقلل هذا الكلام من اهتمامك بالشركة وعملك فيها .. ؟
قال: لا .. أبداً .
قلت: لعله يأخذ من وقتك !
قال: أي وقت يأخذه وأنا جالس إلى مائدة الطعام !!
قلت: كلام طيب .. لا يكلفك مالاً .. ولا يأخذ من وقتك .. ولا ينقص اهتمامك بعملك .. وفي نفس الوقت
يدخل المسرة والبهجة والرضا إلى نفس زوجتك .. ماذا كان يمنعك من قوله ؟
قال: ( وهو يحك بيده أعلى جبهته ) لعله النسيان ... أو الإهمال .. أو انشغال البال في العمل ... أو ..
والله لا أدري ما أقول لك .. ! لكني أعدك أن أبدأ غداً التغيير .. وحتى أجلس إلى مائدة الغداء .. سأردد
تلك العبارات المادحة لطبخها الرائع ..
قلت: لا ترددها ترديداً .. اجعلها نابعة من قلبك .. ولا تتقيد بألفاظ محددة .. ثم لماذا تقصر ملاطفتك
لزوجتك على ثنائك على طبخها ؟ لقد ضربت الثناء على طبخها مثلاً أظهر لك فيه مجالاً من المجالات
الكثيرة لمحادثة زوجتك وإدخال البهجة إلى نفسها .
قال: وماذا غير الثناء على طبخها ؟
قلت: الثناء على لبسها .. على شكلها .. على حسن رعايتها لأطفالها وتربيتها لهم .. على ذوقها
في ترتيب البيت .. على إخلاصها لك .. على صبرها على بعدك عنها طوال النهار ... ما أكثر المناسبات
التي تحدث فيها زوجتك بالكلام الطيب .. وتسمعها فيها الثناء عليها .. والرضا عنها ...
قال: يبدوا أن جلستنا هذه ستتكرر , لتشرح لي بالتفصيل ما أقوله في كل مناسبة من هذه المناسبات
أريد أن أعوض أم أحمد عن السنوات الماضية ...
قلت: على الرحب والسعة ... لكنني متفائل بأنك لن تحتاجني كثيراً في المستقبل ... لأن الكلمات ستجر
بعضها .. والنتائج الطيبة ستشجعك على المزيد .
قال: هذا ما أرجوه .
قلت: يبقى شيء يبدوا أنني نسيت أن أذكرك به ...
قال متلهفاً : قل لي .............
قلت: إن كلامك الطيب لزوجتك .. ومسامرتك لها ... لن تكسبك مودتها فحسب .. بل ستربحك أيضاَ
كما يربحك عملك في الشركة مرتباً عالياً وعلاوات متتالية .
قال فرحاً: وكيـــــــــــف ؟
قلت: لقد أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أن الكلمة الطيبة صدقة , وأن اللقمة التي تضعها في فم
زوجتك صدقة , ... بل حتى تلبية شهوتك في زوجتك صدقة ... فانظر أي رصيد من الحسنات يدخره لك ربك
يوم القيامـــة .... ومن أحسانك لزوجتك فقط ....
قال: ما أكرمك يا رب وما أعظم عطاءك .....
قلت: اتفقنا على التغيير ؟
قال: اتفقنـــــــــــــــــــــا