منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - صحيح السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2019, 08:58 PM
  #56
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

هبوب ريح شديدة لموت عظيم من المنافقين:
416 - من حديث ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر، ومحمد بن يحيى بن حبان. "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قفل من غزوة بني المصطلق سلك بالناس طريق الحجاز حتى نزل على ماء بالحجاز فويق النقيع يقال له نقعاء، فلما راح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هبت على الناس ريح شديدة آذتهم، وتخوفوها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تخافوها، فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار، فلما قدموا المدينة، وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بني قينقاع، وكان عظيمًا من عظماء يهود، وكهفًا للمنافقين، مات في ذلك اليوم ...) " (1).
وقد وصله الإِمام مسلم، وعبد بن حميد، وأحمد من طريق آخر عن جابر دون ذكر أن الريح كانت في غزوة بني المصطلق وسأكتفي هنا بإيراد رواية مسلم.
417 - من حديث جابر رضي الله عنه قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم من سفر، فلما كان قرب المدينة هاجت ريح شديدة تكاد أن تدفن الراكب، فزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (بعثت هذه الريح لموت منافق، فلما قدم المدينة، فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات) (2).
وبهذا الشاهد يعلم أن حديث ابن إسحاق يصبح حسنًا لغيره.
المبحث السادس: حادثة الإفك
418 - من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه.
قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، (3) فخرج فيها سهمي، فخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك بعد ما أنزل الله الحجاب، فانا أحمل في هودجي، وأنزل فيها مسيرنا، حتى إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوه، وقفل ودنونا من المدينة آذن (4) ليله بالرحيل".
1 - سبب تأخر عائشة عن الجيش:
فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت من شأني أقبلت إلى الرحل، فلمست صدري فهذا عقدي من جزع (5) ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي (6)، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه.
قالت: وكان النساء إذ ذاك خفافًا، لم يُهَبَّلنَ (7)، ولم يغشهن اللحم (8)، إنما يأكلن العلقة (9) من الطعام، فلم يستنكر القوم ثقل (10) الهودج حين رحلوه ورفعوه، وكنت جارية حديثة السن, فبعثوا الجمل وساروا، ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب.
فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينما أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكراني قد عرس (11) من وراء الجيش فأدلج (12)، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني، فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب عليَّ، فاستيقظت باسترجاعه (13) حين عرفني، فخمرت (14) وجهي بجلبابي، والله ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فركبتها، فانطلق يقول في الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحو الظهيرة (15)، فهلك من هلك في شأني، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول.
2 - انتشار الإفك في المدينة:
فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهرًا، والناس يفيضون (16) في قول أهل الإفك، ولا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني (17) في وجعي أني لا أعرف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللطف (18) الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيسلم ثم يقول: كيف تيكم؟
فذاك يريبني، ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعد ما نقهت (19)، وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع (20) هو متبرزنا, ولا نخرج إلا ليلًا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف (21) قريبًا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه (22)، وكنا نتأذى (23) بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، فانطلقت أنا وأم مسطح وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب، فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا.
فعثرت أم مسطح في مرطها (24). فقالت: تعس (25) مسطح، فقلت لها: أتسبين رجلًا قد شهد بدرًا؟!
قالت: آي هنتاه (26)؟ ألم تسمعي ما قال: قلت: وماذا قال قالت: فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضًا إلى مرضي، فلما رجعت إلى بيتي، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: (كيف تيكم؟) قلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما، فأذن لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئت أبوي، فقلت لأمي: يا أمتاه ما يتحدث الناس، فقالت: يا ابنية هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة (27)، عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن (28) عليها، قالت: قلت: سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا؟
قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي.
3 - استشارة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه عند تأخر الوحي:
ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة فأشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود فقال: يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيرًا، وأما علي بن أبي طالب فقال: لم يضيق الله عليك في النساء كثيرًا، وإن تسأل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة فقال: (أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟).
قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرًا قط أغمصه (29) عليها، أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن (30) فتأكله، قالت: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فاستعذر (31) من عبد الله بن أبي بن سلول.
قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر: (يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلًا ما علمت عليه إلا خيرًا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي) فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك.
.................................................. ........................
(1) سيرة ابن هشام: 2/ 292 وهو مرسل رجاله ثقات وصرح ابن إسحاق بالتحديث.
(2) أخرجه مسلم في كتاب صفة المنافقين رقم: 2782 أحمد في المسند: 3/ 315، 341، 346 وأبو يعلى في مسنده: 4/ 201، والطبري في تاريخه: 2/ 607 والبيهقي في الدلائل: 4/ 61.
(3) غزوة غزاها: هي غزوة بني المصطلق كما هو في رواية أبي يعلى في مسنده عن عائشة: 4/ 450.
(4) آذن: اعلم.
(5) جزع ظفار: خرز يماني.
(6) هودج: مركب النساء.
(7) يهبلن: لم يكثر عليهن اللحم والشحم.
(8) يغشهن: يغط اللحم بعضه بعضًا.
(9) العلقة: القليل من الطعام.
(10) في رواية الليث عن يونس (فلم يستنكر القوم خفة الهودج).
(11) عرس: التعريس هو نزول المسافر آخر الليل نزله للنوم والاستراحة.
(12) أدلج: صار آخر الليل.
(13) الاسترجاع: قوله إنا لله وإنا إليه راجعون.
(14) خمرت: غطيت.
(15) موغرين: النازل في وقت الوغرة وهو شدة الحر.
(16) يفيضون: يخوضون.
(17) يربيني: أوهمه وشكله.
(18) اللطف: البر والرفق.
(19) نقهت: برأت وافقت.
(20) المناصع: مواضع قضاء الحاجة.
(21) الكنف: جمع كنيف المكان الساتر المعد لقضاء الحاجة.
(22) التنزه: البعد لقضاء لحاجة.
(23) نتأذى: نتقذر
(24) عثرت في مرطها: وطئته برجلها فسقطت.
(25) تعس: إذا أعثر وانكب لوجهه وهو دعاء عليه بالهلاك.
(26) هنتاه: يا بلهاء كأنها نسبتها إلى قلة المعرفة بمكائد الناس وشرورهم.
(27) وضيئة: حسنة مبهجة جميلة.
(28) كثرن عليها: القول في عيبها.
(29) أغمصه: أعيبها به وأطعن فيها به.
(30) الداجن: الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم.
(31) استعذر أي قال من يقوم بعذري إن كافأت على سوء صنيعه فلا يلومني.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس