منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - قراءة يومية في السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 16-07-2016, 09:09 PM
  #9
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: قراءة يومية في السيرة النبوية

اللقاء التاسع من لقاءات السيرة العطرة
الجهــر بالدعـــوة
الدعوة في الأقربين :
وبعد أن قضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنوات في سبيل الدعوة الفردية ، ووجد لها آذاناً صاغية ، ورجالاً صالحين من صميم قريش وغيرها ، وتمهدت لها السبل ، وتهيأ لظهورها الجو أنزل الله تعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم – ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ{214} وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{215} فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ) سورة الشعراء فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - عشيرته الأقربين ، وهم بنو هاشم ، ومعهم نفر من بني المطلب ، فقال بعد الحمد وشهادة التوحيد :
" إن الرائد لا يكذب أهله ، والله لو كذبت الناس جميعاً ما كذبتكم ، ولو غررت الناس جميعاً ما غررتكم ، والله الذي لا إلا هو أني لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة ، والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبن بما تعملون ، ولتجزون بالإحسان إحساناً وبالسوء سوءاً . وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً " .
فتكلم القوم كلاماً ليناً غير عمه أبي لهب . فإنه قال : خذوا على يديه قبل أن تجتمع عليه العرب ، فإن سلمتموه إذن ذللتم . وإن منعتموه قتلتم . فقال أبو طالب : والله لنمنعنه ما بقينا ، وقال أيضاً : أمض لما أمرت به ، فو الله لا أزال أحوطك وأمنعك ، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب .

على جبل الصفا :
وفي غضون ذلك نزل أيضاً قوله تعالى : (فَا صْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) سورة الحجر آية 94 فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم على الصفا فعلا أعلاها حجراً ، ثم هتف :" يا صباحاه " .
وكانت كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقع أمر عظيم .
ثم جعل ينادي بطون قريش ، ويدعوهم قبائل قبائل : يا بني فهر ! يا بني عدي ! يا بني فلان ! يا بني فلان ، يا بني عبد مناف ! يا بني عبد المطلب !
فلما سمعوا قالوا : من هذا الذي يهتف ؟ قالوا : محمد . فأسرع الناس إليه ، حتى إن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولاً لينظر ماهو ؟
فلما اجتمعوا قال :" أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي بسفح هذا الجبل ، تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي " ؟
قالوا : نعم . ما جربنا عليك كذباً . ما جربنا عليك إلا صدقاً .
قال :" فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد . إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يربأ أهله – أي يتطلع وينظر لهم من مكان مرتفع لئلا يدهمهم العدو – فخشي أن يسبقوه ، فجعل ينادي : يا صباحاه " .
ثم دعاهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . وبين لهم أن هذه الكلمة هي ملاك الدنيا ونجاة الآخرة . ثم حذرهم وأنذرهم عذاب الله إن بقوا على شركهم ، ولم يؤمنوا بما جاء به من عند الله ، وأنه مع كونه رسولاً لا ينقذهم من العذاب ولا يغنيهم من الله شيئاً .
وعم هذا الإنذار وخص فقال : " يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله ، أنقذوا أنفسكم من النار ، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً ، ولا أغني عنكم من الله شيئاً .
يا بني كعب بن لؤي ! أنقذوا أنفسكم من النار ، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً .
يا بني مرة بن كعب ! أنقذوا أنفسكم من النار .
يا معشر بني قصي ! أنقذوا أنفسكم من النار ، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً .
يا بني عبد شمس ! أنقذوا أنفسكم من النار .
يا بني عبد مناف ! أنقذوا أنفسكم من النار ، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً .
يا بني هاشم ! أنقذوا أنفسكم من النار .
يا بني عبد المطلب ! أنقذوا أنفسكم من النار ، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً ، ولا أغني عنكم من الله شيئاً ، سلوني من مالي ما شئتم ، ولا أملك لكم من الله شيئاً .
يا عباس بن عبد المطلب ! لا أغني عنك من الله شيئاً .
يا صفية بنت عبد المطلب : عمة رسول الله ! لا أغني عنك من الله شئياً .
يا فاطمة بنت محمد رسول الله ! سليني بما شئت ، أنقذي نفسك من النار ، لا أغني عنك من الله شيئاً .
غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها – أي سأصلها حسب حقها –
لما أتم هذا الإنذار انفض الناس وتفرقوا ، ولا يذكر عنهم أنهم أبدوا أي معارضة أو تأييد لما سمعوه ، سوى ما ورد عن أبي لهب أنه واجه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسوء ،
فقال تباً لك سائر اليوم . ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) سورة المسد .
أما عامة قريش فكأنهم قد أصابتهم الدهشة والاستغراب حين فوجئوا بهذا الإنذار، ولم يستطيعوا أن يختاروا أي موقف تجاه ذلك ، ولكنهم لما رجعوا إلى بيوتهم ، واستقرت أنفسهم ، وأفاقوا من دهشتهم ، واطمأنوا ، استكبروا في أنفسهم ، وتناولوا هذه الدعوة والإنذار بالاستخفاف والاستهزاء ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا مر على ملأ منهم سخروا منه وقالوا : أهذا الذي بعث الله رسولاً ؟ أهذا ابن أبي كبشة . يكلم من السماء . أمثال ذلك .
وأبو كبشة اسم لأحد أجداده - صلى الله عليه وسلم - من جهة الأم ، كان قد خالف دين قريش ، واختار النصرانية ، فلما خالفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدين نسبوه إليه ، وشبهوه به ، تعييراً واحتقاراً له وطعناً فيه .
واستمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوته وبدأ يجهر في نواديهم ومجامعهم ، يتلو عليهم كتاب الله ، ويدعوهم إلى ما دعت إليه الرسل : )يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ) سورة هود آية 61 وبدأ يعبد الله أمام أعينهم ، فكان يصلي بفناء الكعبة نهاراًَ جهاراً وعلى رؤوس الأشهاد .
وقد نالت دعوته بعض القبول ، ودخل عدد من الناس في دين الله واحداً بعد واحد ، وحصل بين هؤلاء المسلمين وبين من لم يسلم من أهل بيتهم التباغض والتباعد .


__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس