منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - موضوع مهم للجميع :الشباب والأزواج والآباء
عرض مشاركة واحدة
قديم 15-04-2004, 11:28 AM
  #3
hamam129
من كبار شخصيات المنتدى
تاريخ التسجيل: Jan 2004
المشاركات: 3,190
hamam129 غير متصل  
التكملة:


أولا : الأمر بالمجاهدة في القرآن الكريم :

وقد أمرنا الله تعالى بمجاهدة أنفسنا لله فقال تعالى:

(يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ،

وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج )[سورة الحج:77-78]،

وحق الجهاد يكون بفعل مراتب الجهاد الأربع السابقة .


نتيجة المجاهدة :

وعد الله تعالى من جاهد نفسه وخالف هواه وجعل هدفه السعي إلى مرضاة الله ؛


وعده الله تعالى بالمعونة والنصر والتأييد والهداية للطريق القويم ، فقال سبحانه وتعالى :

( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) [ العنكبوت : 69]


ثانيا ـ الأمر بالمجاهدة في الحديث والآثار : وعن " فضالة بن عبيد " رضى الله عنه

أن الرسول e قال : ( والمجاهد من جاهد نفسه في الله ) [ رواه ابن حبان والترمذي في

كتاب فضائل الجهاد وصححه ورواه أحمد وانظر السلسة الصحيحة للألباني (549)] ،


و قال " عمر بن عبد العزيز " رحمه الله :" أحب الأعمال إلي الله ما أكرهت عليه النفوس " .



وقال عبد الله بن المبارك " رحمه الله : " إن الصالحين قبلنا كانت تواتيهم أنفسهم ( أي تعينهم وتوافقهم )

على فعل الخير ونحن لا تواتينا أنفسنا إلا أن نكرها " فسبحان الله ماذا سيقول ابن المبارك لو أدرك زماننا هذا ؟!!


ثالثاـ خطورة عدم مجاهدة النفس :


فقد اتفق علماء السلف على أن النفس تحجز بين القلب وبين الوصول إلى الرب، وأنها لا تستطيع


أن تصل إلى مرضاة الله عز وجل والنجاة يوم القيامة إلا بعد تهذيبها والسيطرة عليها، قال

تعالىونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ،قد أفلح من زكاها ،وقد خاب من دساها )

الشمس : 7_ 10وقال تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه

أمداً بعيداً ) آل عمران :30.



تتمثل خطورة ترك مجاهدة النفس في أن صلاحها وفسادها لا يؤثر على حياة الفرد ومصيره فحسب،

بل يؤثر على المسلمين عامة وعلى الدعاة خاصة.


والمثال على ذلك ما أصاب المسلمين في غزوة أحد ما أصابهم


من القرح الشديد حيث قتل سبعون من الصحابة وجرح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ،


وتساءل بعض الصحابة رضوان الله عليهم ما سبب الهزيمة ألسنا نقاتل في سبيل الله ومعنا

رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وعدنا الله تعالى بالنصر؟ فأنزل الله عز وجل قوله تعالى:


(أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير )

آل عمران : 165سبب الهزيمة من أنفسكم، بسبب مخالفة الرماة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم


أيها الأخوة الكرام : إنه بالرغم ما للنفس من خطورة وأهمية كبيرة إلا أنه وللأسف


1. يترك كثير من الناس نفوسهم ولا يهتمون بتزكيتها ومجاهدتها ولا تطهيرها.


2. ومن الناس من يعرف في نفسه الصفات الذميمة والأمراض الكثيرة كالبخل أو الكبر

أو الرياء أو حب الرياسة والسيطرة على الآخرين أو حب الانتصار للنفس في الباطل أو العجب وحب الظهور

أو الاعتزاز الشديد بالرأي الشخصي، ولكنه لا يقاوم تلك الصفات، بل ويتساهل مع ما تدفعه إليه من أعمال،

فتنمو تلك الصفات، ويصعب عليه السيطرة على نفسه.


3. والصنف الثالث من الناس لا يملك قوة على مواجهة نفسه ولا يريد أن يعترف

أنه مصاب بتلك الصفات الذميمة، وبالتالي لا يفكر أساسا في علاجها، فهل هذه حال أناس

يدركون أهمية صلاح نفوسهم؟


الوقوف مع النفس :


إننا يجب أن نعيد النظر في اهتمامنا بتزكية النفس لنقضي

على تلك المظاهر السابقة أو لتقليلها في صفوف المسلمين، وإلا فالنتيجة وخيمة

لا يرضى بها إلا عدو، وليس من المبالغة في القول إننا يجب أن نقف كثيرا مع نفوسنا

نحاسبها كما يحاسب الشريك المتخوف شريكه، وأن نخطو بقوة وعزيمة كما يخطو الجندي

المهاجم على عدوه، ولعل المقام يسمح بإلقاء الضوء على بعض خطوات إصلاح وتزكية النفس.


رابعاً ـ خطوات إصلاح النفس وبيان أنواعها :


أما الخطوة الأولى لإصلاح النفس وتزكيتها :

هي معرفة موقع النفس ودرجتها، لقد وصف الله سبحانه تعالى النفس في القرآن الكريم

بثلاثة صفات أو ذكر لها ثلاث درجات.



أما الصفة الأولى وهي أدنى وأخس درجة هي النفس الأمارة،

وهي التي تأمر صاحبها بما تهواه من الشهوات والملذات الحسية ، أو تأمر


صاحبها بالأخلاق القبيحة كالظلم أو الحقد أو الفخر وغير ذلك من مخالفات للشرع،

فإن أطاعها العبد قادته لكل قبيح ومكروه قال تعالى: (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي )

يوسف : 53، فأخبر سبحانه وتعالى عن تلك النفس أنها أمارة وليست آمرة لكثرة ما تأمر بالسوء،

ولأن ميلها للشهوات والمطامع صار عادة فيها إلا إذا رحمها الله عز وجل وهداها رشدها ، وهذه هي

النفس التي يجب مجاهدتها .


أما الصفة الثانية

أو الدرجة التي يمكن للنفس أن تعلو إليها فهي النفس اللوامة،


وهي النفس التي تندم على ما فات وتلوم عليه، وهذه نفس رجل لا تثبت على حال


فهي كثيرة التقلب والتلون، فتذكر مرة وتغفل مرة، تقاوم الصفات الخبيثة مرة، وتنقاد لها مرة،

ترضي شهواتها تارة، وتوقفها عند الحد الشرعي تارة.


أما الصفة الثالثة أو أعلى مرتبة يمكن أن تصل إليها نفسك وترقى هي النفس المطمئنة،

وهي تلك النفس التي سكنت إلى الله تعالى واطمأنت بذكره وأنابت إليه وأطاعت أمره واستسلمت

لشرعه واشتاقت إلى لقائه، كرهت كل معصية وأحبت كل طاعة وتخلصت من الصفات الخبيثة من الشح والأنانية


واللؤم والخيانة واستقرت على ذلك فهي مطمئنة، وهذه النفس هي التي يقال لها عند الوفاة

(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) .


هذه هي أحوال النفس التي تتردد

عليها والنفس تكون تارة أمارة وتارة لوامة وتارة مطمئنة،

بل في اليوم الواحد والساعة الواحدة يحصل منها هذا وهذا ،

وها هنا موضع مجاهدة النفس وتزكيتها فمجاهدة النفس تعني أن تنقل نفسك

من حمأة النفس الأمارة إلى يقظة النفس اللوامة ثم إلى نقاء وطهارة النفس المطمئنة والثبات

على ذلك وحتى تعرف أين موقع نفسك أمام هذه الدرجات وأين يقف المؤشر فانظر إلى الصفة الغالبة.



الخطوة الثانية:

في إصلاح نفسك: هي الاعتراف

بالعيوب والتعرف عليها، فإن اعتراف الإنسان

أن به عيوبا خطوة هامة في طريق الإصلاح لأن الإعراض

عن معرفة العيوب هو ضعف ونقص وفقدان للشجاعة في مواجهة النفس،

بل هي إحدى صفات المعرضين عن رسل الله عز وجل حيث قال تعالى: (ولكن لا تحبون الناصحين )


وإن مما يجعلك ترفض الاعتراف بالعيب الشعور بأنك قد بلغت مرحلة من الصلاح لا تحتاج فيها إلى تذكير


ونصح لكثرة ما قرأت وعلمت في إصلاح النفوس، وتطمئن إلى هذه المعرفة دون


أن تقف مع نفسك وقفة حازمة لترى هل تخلصت فعلا من الأخلاق الذميمة، لقد كان


أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه المبشر بالجنة يقول

:"رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي"، وكان يذهب إلى

حذيفة ليعرف هل هو من المنافقين أم لا،


وكان أحد تلاميذ سفيان الثوري يدعو الله عز وجل ويقول:


اللهم عرفني نفسي. وقال محمد بن كعب القرطي: إذا أراد الله بعبد خيرا


جعل فيه ثلاث خصال: فقها في الدين، وزهادة في الدنيا، وبصرا بعيوبه.


هذا وإن من أهم الوسائل التي تعين على معرفة عيوب النفس

باختصار :

طلب العلم والمواظبة عليه ،

ومصاحبة الأخ الناصح الرفيق :

الذي يبصرك بعيوبك ويرى أن ذلك واجبا عليه عملا بقوله

e: (الدين النصيحة) , والاطلاع على كلام أعدائك وخصومك فإنهم يتلمسون دائما معايبك.



الخطوة الثالثة:


لإصلاح النفس ينبغي مجاهدة الصفات الذميمة


أو القبيحة في النفس، والصفات الذميمة التي في النفس كثيرة مثل الحقد،


الحسد، البخل، التكبر عن قبول الحق، الخيانة، الرياء، احتقار الآخرين لميزة

يراها الإنسان في نفسه لعلم أو مال أو جاه، و الاغترار بالرأي الشخصي.


ولتتمكن من مقاومة تلك الصفات عليك أن تثق تماما أنها ستمنعك مما فيه صلاحك

في الدنيا والآخرة ، وأنها ستجلب غضب الله عز وجل فلا تستجيب لندائها ولتفعل

ما يقتضيه مخالفتها قال الشاعر:


إذا طالبتك النفس يوما بشهوة و كان إليها للخلاف طريق
فدعها وخالف ما هويت فإنما هواك عدو والخلاف صديق


وخذ عندك مثلا لذلك، قد يهم الإنسان بالإنفاق في سبيل الله


إعانة الدعوة أو التصدق على الفقراء والمساكين أو غير ذلك،


فيحول الشح والبخل المتأصل في النفس دونك ودون الإنفاق،


وتتولد في نفسك المعاذير لئلا تنفق، وتبدأ نفسك تكثر أمامك الحاجة الملحة للمال

حتى تمسك يدك عن الإنفاق في سبيل الله.



خذ مثالا آخر قد تتولد عندك في فترة من فترات الراحة والارتخاء


دافع قوي للصلح مع ذلك الأخ الذي تشاحنت معه وتأزمت بينك وبينه العلاقة


وتمثلت أمامك الآية التي يقول الله عز وجل فيها: (ادفع بالتي هي


أحسن السيئة فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ،


وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) فصلت : 34،35،


وإذا بالنفس الأمارة وبكبرها وحقدها تقف أمامك لتحول بينك


وبين مصالحة أخيك. كيف وكيف وكيف وهو الذي أخطأ في حقك ؟ كيف وأنت لم تمس


له كرامة؟ وأنت الذي ما قصرت في حق من حقوقه؟ وإذا بهمتك المندفعة للخير تقف وتشل

بفعل نفسك الأمارة إن لم تزدك حقدا . وقد يهم البعض بأن ينطلق في ميدان الدعوة إلى الله عز

وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعليم والتعلم، فلا يكاد يبدأ حتى تخرج عند طبيعة نفسية

هي غلبة حب الكسل والراحة والخمول، فتقعده عن هذا المجال العظيم وتؤخره عنه، وقد يوجد عند بعض الناس

في نفوسهم شيء من العجب أو الرياء، فلا ينشط إلا في المجالات التي يكون فيها فرصة للظهور والبروز،

فإذا ما أصبح وحيدا كسل عن كثير من العبادات والطاعات والسنن التي كان يفعلها أمام الناس،

فينبغي لمثل هذا أن يعلم أن نفسه ستوقعه في الهلاك وستهدم عليه كل ما يقيمه من أعمال إلا أن يقاومها

ويجاهدها ويقف لها بالمرصاد وليكثر من عمل الطاعات في الخفاء ليعود نفسه الإخلاص والصدق في العمل.


والنفس تعلم أني لا أصادقها ولست أرشد إلا حين أعصيها


قال ابن الجوزي: وما زلت أغلب نفسي تارة وتغلبني تارة،


فخلوت يوما بنفسي فقلت لها: ويحك اسمعي أحدثك إن جمعت شيئ


ا من وجه فيه شبهة أ فأنت على يقين من إنفاقه؟ قالت: لا. قلت لها: فالمحنة عند الموت


أن يحظى به غيرك ولا تنالين إلا الكدر العاجل والوزر. ويحك اتركي هذا الذي يمنع الورع لأجل الله ،

أَوَمَا سمعت أن من ترك شيئا لله عوضه الله خير منه.


ثم هذا هو يجاهد نفسه وقد أصابه نوع من العجب بعلمه قال:


وجدت رأي نفسي في العلم حسنا إلا إني وجدتها واقفة مع صورة التشاغل بالعلم


فصحت بها: فما الذي أفادك العلم؟ أين الخوف أين الحذر؟ أَوَمَا سمعت بأخبار الصالحين




في تعبدهم واجتهادهم أَوَمَا كان الرسول e سيد المرسلين ثم قام حتى ورمت قدماه؟



أما كان أبو بكر رضي الله عنه شجي النشيج كثير البكاء؟ أما كان في خد عمر رضي الله عنه خطان من آثار الدموع؟
__________________
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)سورة الطلاق
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ الله عَنْه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

{ ما مَنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعٌو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إلاّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ }.[size=1]رواه مسلــم [/

size]،

أخوكم المحب الناصح همام hamam129