منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - موضوع مهم للجميع :الشباب والأزواج والآباء
عرض مشاركة واحدة
قديم 15-04-2004, 11:37 AM
  #4
hamam129
من كبار شخصيات المنتدى
تاريخ التسجيل: Jan 2004
المشاركات: 3,190
hamam129 غير متصل  
بسم الله

التكملة :

الخطوة الرابعة في تزكية النفس:


هي تنمية الصفات الطيبة ورعايتها حتى يكون لها الغلبة،


وذلك مثل صفات الحلم والكرم والتواضع، ولا يكفي لتنمية تلك الصفات


ورعايتها في نفسك أن تقرأ فيها كتابا أو تحفظ في فضلها نصوصا وأشعارا،


ولكن تحصيل تلك الصفات لابد له من مجاهدة وتمرن وتدريب ، ومثال ذلك من أراد أن يكون

حليما فهذا ينبغي له أن يقو إيمانه ويزيد صبره ويكظم غيظه ويملك نفسه في مواقف الغضب،

قال صلى الله عليه وسلم : (إنما الحلم بالتحلم).


والصبر إذا تكلفته وتمرنت عليه اكتسبته


وكما قالوا: المزاولات تعطي الملكات، ومعنى هذا أن من يزاول شيئا واعتاده


وتمرن عليه صار ملكة وسجية وطبيعة ولا يزال العبد يتكلف الحلم والصبر والصدق حتى تصير له أخلاقا.


ومما يعين على هذا تتبع خلق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، و النظر في أو قراءة سير الصالحين .


الخطوة الخامسة:


محاسبة النفس والمحاسبة هي التمييز

بين ما لك وما عليك قال تعالىيا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ) ،


فأمر سبحانه العبد أن ينظر فيما قدم لغد وذلك يتضمن محاسبة نفسه على ذلك والنظر هل يصلح


ما قدمه من عمل أن يلقى الله به أو لا يصلح.



ومحاسبة النفس نوعان أولا:

محاسبة قبل العمل، وهو أن تقف عند أول همك بالعمل وتنظر أهو لله أم لا؟


أهو موافق للشرع أم لا؟ قال الحسن رحمه الله: رحم الله عبدا وقف عند همه


فإن كان لله أمضاه وإن كان لغيره تأخر.



أما النوع الثاني في محاسبة النفس:


فهو بعد العمل محاسبتها على طاعة قصرت فيها،


ومحاسبتها على معصية ارتكبتها ثم يحاسبها بما تكلمت به

أو مشت رجلاه أو بطشت يداه أو سمعت أذناه، ماذا أرادت بذلك وكم فعلته؟


وعلى أي وجه فعلته؟ قال تعالى: (فو ربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون )


وقال تعالى: (ليسأل الصادقين عن صدقهم )قال أحد السلف: فإذا سأل الله الصادقين فما بالك بالكاذبين.



خامساً ـ


المشقة في مجاهدة النفس :


ومجاهدة النفس فيها عسر ومشقة، وفيها صعوبة،


ولذلك يقول ابن قيم الجوزية - كما في (مفتاح دار السعادة)


-: "لا يستطيع الإنسان أن يحقق المعالي من الأمور إلا بمجاهدة نفسه وجعلها عدوة له".


ويؤكد هذا المعنى جلياً ابن رجب يرحمه الله - كما في شرحه لحديث (لبيك اللهم لبيك) -


فيقول: "النفس تحتاج إلى محاربة ومجاهدة ومعاداة فإنها أعدى عدو لابن آدم


، فمن ملك نفسه وقهرها ودانها عزّ بذلك؛ لأنه انتصر على أشد أعدائه وقهره وأسره واكتفى شره".



وهذا كله تأكيد على مجاهدة النفس و محاربتها ،


واتخاذها عدواً للإنسان؛ وما ذلك إلا لأنها قد جُبِلَت على أخلاق مشينة؛


ولأنه لا بد من تخليصها من أسر نفسها، وإنما كانت صعوبة مجاهدة النفس لمعنيين


اثنين كشف عنهما الغزالي في (منهاج العابدين) بقوله: " فإنها أضر الأعداء،


وبلاؤها أصعب البلاء؛ وإنما ذلك كان لأمرين:



· أحدهما: أنها عدو من داخل الجسد، واللص إذا كان من داخل البيت عزت الحيلة فيه وعظم الضرر.


· والثاني: أنها عدو محبوب، والإنسان عمٍ عن عيوب محبوبه لا يكاد يبصر عيبه".


وهذا كله مدعاة إلى عسر مجاهدة النفس ومحاربتها، وإلى عسر عركها

ومعرفة عيبها، ويدل دلالة واضحة أن الناس أجناس، وما حصل هذا الفارق بين الأجناس

إلا بحصول المجاهدة، فمن جاهد نفسه بعد همة فإن ذلك مدعاة إلى فلاحه.


سادساً ـالوصول للنجاح في مجاهدة النفس :


ويخطئ كثيرون عندما يعتقدون أن المجاهدة غير متحققة للإنسان


خصوصاً عندما تطل الشهوات والشبهات برأسها، وتستحكم الغربة ويذوق الإنسان مرارتها.


وهذا كله لا يصح؛ لأن الله U لم يأمرنا إلا بما تستطيعه النفس البشرية والقدرة التكليفية، وليستحضر الإنسان


حتى يسهل عليه مجاهدة هذه النفس أنه مثاب في عراك النفس ومحاربتها، وأنه مأجور في مجاهدتها.


يقول ابن تيمية يرحمه الله في كتابه المسمى بـ(تزكية النفس): "فإذا كانت النفس تهوى وتشتهي


وهو ينهاها - أي صاحبها - كان نهيه إياها عبادة لله تعالى وعملاً صالحاً يثاب عليه، وقد ثبت عن النبي

صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ) رواه ابن حبان

في صحيحه والترمذي في كتاب فضائل الجهاد وصححه .


كيفية الوصول للنجاح :


كما عرفنا : يعد جهاد النفس أقوى وأشد من مجاهدة العدو ،


ومما يعين عليه أن يحدد الإنسان هدفه ،فهل يريد الدنيا الفانية التي لا تساوي

عند الله جناح بعوضة؟أم رضا الله والجنة؟ وإذا كان يريد الجنة فعليه أن يعلم أنها سلعة الله الغالية،


ومن أجلها يجب أن يقدم الغالي والنفيس من الأوقات والأموال والجهد؛ ويتنازل عن الهوى والشهوات،ويستعين


بالله على نفسه الأمارة بالسوء، ليطوِّعها ويجعل منها نفساً لوامة،وذلك بتربية الضمير لديه ومساعدته على الصبر


على الحق والترفع عن الدنايا منذ نعومة أظفاره،كما ينبغي أن نحبب إليه الجميل من الأفعال ونبغِّض إليه القبيح منها.



فإذا عرف هدفه- وهو الفوز برضا الله – وأحبه؛ عاش له وبه ،وأراح والديه وأسرته ومجتمعه واستراح .



سابعاً : الاعتدال في مجاهدة النفس :


ويخطئ كثيرون عندما يستأسدون على أنفسهم استئساداً يُخْرج المرء


عن القصد والاعتدال ، ويجعل المرء يبتعد عن ما أمر الله تعالى به ، أو نبيه صلى الله عليه وسلم


مع هذه الأرواح والأنفس فرُبَّ رجل أراد خيراً فوقع في الوزر، ورُبَّ مريد للخير لم يبلغه كما يقوله


ابن مسعود رضي الله عنه، ويقول ابن الجوزي في (صيد خاطره) كاشفاً عن شيء من ذلك


: "تأملت جهاد النفس فرأيته أعظم الجهاد، ورأيت خلفاً من العلماء والزهاد لا يفهمون معناه؛


لأن فيهم من منعها حظوظها على الإطلاق وذلك غلط من وجهين:



أما الأول: أنه رُبَّ مانعٍ لها شهوةً أعطاها بالمنع أوفى منها مثل


أن يمنعها مباحاً فيشتهر بمنعه إياه ذلك فترضى النفس بالمنع؛ لأنها قد استبدلت به المدح….


والثاني: أننا قد كُلِّفْنا حفظها، ومن أسباب الحفظ لها: ميلها إلى الأشياء


التي تقيمها، فلا بد من إعطائها ما يقيمها".



ثامناً ـ التدرج في مجاهدة النفس :


أيها الأخوة إن تعويد النفس وتهذيبها وتزكيتها ومجاهدتها أمر شاق ،


وكيف نصل إليه ؟ نصل بالتدرج ، فإن العبد إذا جاهد نفسه على طاعة ربه،


وكفَّها عن معصيته، وألزمها التوبة من التقصير في حقه، وصبر على ذلك ابتغاء مرضاته؛


رغبة في الثواب، وخوفا من العقاب، وتعظيماُ لله وإجلالاً، انقادت نفسه لذلك شيئاً فشيئاً حتى تألف الطاعة،


وتتلذذ بالعبادة، وتتذوق حلاوة الإيمان، وتصبح المعاصي والمخالفات من أكره الأشياء إليها،


فإن الله تعالى إذا علم من عبده حسن النية وصدق القول، والرغبة في الخير، ومحبة القيام بما أوجب الله عليه،


وظهر ذلك على جوارحه، أعانه الله وسدده، وهيأ له أسباب الهداية، وفتح له خزائن الخير، وحفظه في سمعه

وبصره وسائر أعضائه، فبارك له فيها وأعاذه من شرها.


قال تعالى: (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم


وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ،فضلاً من الله ونعمة


والله عليم حكيم )[الحجرات:7-8]. وبذلك تصبح النفس مطمئنة مبشرة بحسن الخاتمة، وهي


على ظهر الأرض، يقال لها عند الموت: (يا أيتها النفس المطمئنة ،ارجعي إلى ربك راضية مرضية ،


فادخلي في عبادي ، وادخلي جنتي ،[سورة الفجر:27-30].


تاسعاً :ميادين المجاهدة :


أيها الأخوة الأحباب: جاهدوا أنفسكم على فعل الطاعات،


وأداء الواجبات، وترك المحرمات، والبُعد عن المنكرات، ولزوم التوبة والاستغفار


من السيئات، والتقصير في سائر الأوقات، تحشروا إلى الله تعالى في صف المهديين المحسنين،


وتأمنوا مما توعد الله به الغافلين الهالكين؛ فإن مجاهدة النفس برهان الاجتباء، وصفة خاصة بالأولياء.


أولى الطاعات التي نلزم النفس بها هي:


المواظبة على طلب العلم الشرعي وسماعه وتحصيله، والحرص على القراءة ،

فإن النفس تنفر من المواصلة في طلب العلم وتتثاقل عنه، ولو أن المرء لم يطلب العلم


إلا إذا مالت نفسه إليه ورغبت فيه فربما لن يطلب العلم الشرعي أبداً طوال حياته ، أو على أحسن الأحوال


سيطلب العلم لفترة قصيرة ثم يدعه ويعرض عنه ، لكن بالمجاهدة وإكراه النفس


على تحصيل العلم وإرغامها على طلبه تلين النفس ، وتنقاد لهذا


االعلم وتحبه وتحرص عليه ، بل وتصبح عاشقة

له تتلذذ بسماع مسائله وقراءة

كتبه ومناقشة

تفاصيله

فأين

المجاهدون الصادقون ؟


والبقية مع المراجع وطلب النصائح بعد صلاة الظهر بإذن الله
__________________
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)سورة الطلاق
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ الله عَنْه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

{ ما مَنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعٌو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إلاّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ }.[size=1]رواه مسلــم [/

size]،

أخوكم المحب الناصح همام hamam129