منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الزواج و الأسرة في السُنَّةِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 23-12-2016, 12:39 AM
  #9
محب السنة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016 ]
 الصورة الرمزية محب السنة
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 1,919
محب السنة غير متصل  
رد: الزواج و الأسرة في السُنَّ


5-


عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»
أخرجه البخاري (5063) و مسلم (1401)


قال ابن حجر العسقلاني (ت852هجري ) في كتابة (فتح الباري في شرح صحيح البخاري ):
وَطَرِيقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ فَيُفْطِرُ لِيَتَقَوَّى عَلَى الصَّوْمِ وَيَنَامُ لِيَتَقَوَّى عَلَى الْقِيَامِ وَيَتَزَوَّجُ لِكَسْرِ الشَّهْوَةِ وَإِعْفَافِ النَّفْسِ وَتَكْثِيرِ النَّسْلِ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ مِنِّي إِنْ كَانَتِ الرَّغْبَة بِضَرْبٍ مِنَ التَّأْوِيلِ يُعْذَرُ صَاحِبُهُ فِيهِ فَمَعْنَى فَلَيْسَ مِنِّي أَيْ عَلَى طَرِيقَتِي وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْمِلَّةِ وَإِنْ كَانَ إِعْرَاضًا وَتَنَطُّعًا يُفْضِي إِلَى اعْتِقَادِ أَرْجَحِيَّةِ عَمَلِهِ فَمَعْنَى فَلَيْسَ مِنِّي لَيْسَ عَلَى مِلَّتِي لِأَنَّ اعْتِقَادَ ذَلِكَ نَوْعٌ مِنَ الْكُفْرِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى فَضْلِ النِّكَاحِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ وَفِيهِ تَتَبُّعُ أَحْوَالِ الْأَكَابِرِ لِلتَّأَسِّي بِأَفْعَالِهِمْ وَأَنَّهُ إِذَا تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ مِنَ الرِّجَالِ جَازَ اسْتِكْشَافُهُ مِنَ النِّسَاءِ وَأَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى عَمَلِ بِرٍّ وَاحْتَاجَ إِلَى إِظْهَارِهِ حَيْثُ يَأْمَنُ الرِّيَاءَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَمْنُوعًا وَفِيهِ تَقْدِيمُ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى الله عِنْد الْقاء مَسَائِلِ الْعِلْمِ وَبَيَانُ الْأَحْكَامِ لِلْمُكَلَّفِينَ وَإِزَالَةُ الشُّبْهَةِ عَنِ الْمُجْتَهِدِينَ وَأَنَّ الْمُبَاحَاتِ قَدْ تَنْقَلِبُ بِالْقَصْدِ إِلَى الْكَرَاهَةِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ فِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ مَنَعَ اسْتِعْمَالَ الْحَلَالِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَالْمَلَابِسِ وَآثَرَ غَلِيظَ الثِّيَابِ وَخَشِنَ الْمَأْكَلِ قَالَ عِيَاضٌ هَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ فَمِنْهُمْ من نجا إِلَى مَا قَالَ الطَّبَرِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا قَالَ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الْكُفَّارِ وَقَدْ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْرَيْنِ قُلْتُ لَا يَدُلُّ ذَلِكَ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى إِحْدَى الصِّفَتَيْنِ وَالْحَقُّ أَنَّ مُلَازَمَةَ اسْتِعْمَالِ الطَّيِّبَاتِ تُفْضِي إِلَى التَّرَفُّهِ وَالْبَطَرِ وَلَا يَأْمَنُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ لِأَنَّ مَنِ اعْتَادَ ذَلِكَ قَدْ لَا يَجِدُهُ أَحْيَانًا فَلَا يَسْتَطِيعُ الِانْتِقَالَ عَنْهُ فَيَقَعُ فِي الْمَحْظُورِ كَمَا أَنَّ مَنْعَ تَنَاوُلِ ذَلِكَ أَحْيَانًا يُفْضِي الىالتنطع الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ صَرِيحُ قَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ والطيبات من الرزق كَمَا أَنَّ الْأَخْذَ بِالتَّشْدِيدِ فِي الْعِبَادَةِ يُفْضِي إِلَى الْمَلَلِ الْقَاطِعِ لِأَصْلِهَا وَمُلَازَمَةَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْفَرَائِضِ مَثَلًا وَتَرْكَ التَّنَفُّلِ يُفْضِي إِلَى إِيثَارِ الْبَطَالَةِ وَعَدَمِ النَّشَاطِ إِلَى الْعِبَادَةِ وَخَيْرُ الْأُمُورِ الْوَسَطُ وَفِي قَوْلِهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَيْهِ إِشَارَةٌ إِلَى ذَلِكَ وَفِيهِ أَيْضًا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِاللَّهِ وَمَعْرِفَةَ مَا يَجِبُ مِنْ حَقِّهِ أَعْظَمُ قَدْرًا مِنْ مُجَرّد الْعِبَادَة الْبَدَنِيَّة وَالله أعلم. اهــ

قال الإمام الذهبي رحمه الله (ت 748 ه) في كتابة (سير أعلام النبلاء ) :
وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَزُمَّ نَفْسَهُ فِي تَعَبُّدِهِ وَأَوْرَادِهِ بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، يَنْدَمُ وَيَتَرَهَّبُ وَيَسُوْءُ مِزَاجُهُ، وَيَفُوْتُهُ خَيْرٌ كَثِيْرٌ مِنْ مُتَابَعَةِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ الرَّؤُوْفِ الرَّحِيْمِ بِالمُؤْمِنِيْنَ، الحَرِيْصِ عَلَى نَفْعِهِم، وَمَا زَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَلِّماً لِلأُمَّةِ أَفْضَلَ الأَعْمَالِ، وَآمِراً بِهَجْرِ التَّبَتُّلِ وَالرَّهْبَانِيَّةِ الَّتِي لَمْ يُبْعَثْ بِهَا، فَنَهَى عَنْ سَرْدِ الصَّوْمِ، وَنَهَى عَنِ الوِصَالِ، وَعَنْ قِيَامِ أَكْثَرِ اللَّيْلِ إِلاَّ فِي العَشْرِ الأَخِيْرِ، وَنَهَى عَنِ العُزْبَةِ لِلْمُسْتَطِيْعِ، وَنَهَى عَنْ تَرْكِ اللَّحْمِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي.
فَالعَابِدُ بِلاَ مَعْرِفَةٍ لِكَثِيْرٍ مِنْ ذَلِكَ مَعْذُوْرٌ مَأْجُوْرٌ، وَالعَابِدُ العَالِمُ بِالآثَارِ المُحَمَّدِيَّةِ، المُتَجَاوِزِ لَهَا مَفْضُوْلٌ مَغْرُوْرٌ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ -تَعَالَى - أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ.
أَلْهَمَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ حُسْنَ المُتَابَعَةِ، وَجَنَّبَنَا الهَوَى وَالمُخَالَفَةَ. اهــ


يتبع ...
__________________
أنا جنتي وبستاني في صدري أين رحت فهي معي لا تفارقني إن حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدى سياحة
إبن تيمية


رد مع اقتباس