منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - صحيح السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 18-04-2019, 09:41 PM
  #63
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

المبحث الثاني: زواجه عليه الصلاة والسلام بزينب بنت جحش
1 - إرسال زيد بن حارثة لخطبتها للرسول عليه الصلاة والسلام:
472 - من حديث أنس رضي الله عنه قال: "لما انقضت عدة زينب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزيد (فاذكرها علي) قال: فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها (1) قال: فلما رأيتها عظمت في صدري (2) حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ذكرها، فوليتها ظهري ونكصت على عقبي، فقلت: يا زينب! أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرك، قالت: ما أنا بصانعة شيئًا حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدخل عليها بغير إذن.
قال: فقال: ولقد رأيتنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطعمنا الخبز واللحم حين امتد النهار، فخرج الناس، وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتبعته، فجعل يتتبع حجر نسائه يسلم عليهن، ويقلن: يا رسول الله! كيف وجدت أهلك، قال: فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبرني. قال: فانطلق حتى دخل البيت فذهبت أدخل معه، فألقي الستر بيني وبينه، ونزل الحجاب. قال: ووعظ القوم بما وعظوا به" لفظ مسلم (3).
وفي لفظ آخر عند مسلم من حديث أنس رضي الله عنه: "أن أم سليم أهدت إلى رسول الله طعامًا يوم زواج زينب فيقول: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أم سليم حيسًا، فجعلته في تور (4) فقالت: يا أنس، اذهب بهذا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقل: بعثت بهذا إليك أمي، وهي تقرئك السلام. وتقول: إن هذا لك منا قليل، يا رسول الله! قال؛ فذهبت بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت: إن أمي تقرئك السلام وتقول: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله!
فقال: (ضعه)، ثم قال: (اذهب، فادع لي فلانًا وفلانًا وفلانًا، ومن لقيت) وسمى رجالًا قال: فدعوت من سمى، ومن لقيت".
قال: قلت لأنس: عدد كم كانوا؟ قال: زهاء ثلاثمائة.
وقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا أنس! هات التور) قال: فدخلوا حتى امتلأت الصفة والحجرة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليتحلق عشرة عشرة وليأكل كل إنسان مما يليه) قال: فأكلوا حتى شبعوا. قال: فخرجت طائفة، ودخلت طائفة حتى أكلوا كلهم، فقال لي: (يا أنس! ارفع). قال: فرفعت، فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت.
قال: وجلس طوائف منهم يتحدثون في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، وزوجته مولية وجهها إلى الحائط، فثقلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم -، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلم على نسائه، ثم رجع، فلما رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رجع ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه، قال: فابتدروا الباب، فخرجوا كلهم، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أرخى الستر، ودخل، وأنا جالس في الحجرة، فلم يلبث إلا يسيرًا حتى خرج عليَّ، وأنزلت هذه الآية.
فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرأهن على الناس: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} إلى آخر الآية.
قال الجعد: قال أنس بن مالك: أنا أحدث الناس عهدًا بهذه الآيات وحجبن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -".
2 - نزول الحجاب:
473 - من حديث أنس رضي الله عنه قال: "أنا أعلم الناس بالحجاب، لقد كان أبي بن كعب يسألني عنه قال أنس: أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عروسًا بزينب بنت جحش. قال: وكان تزوجها بالمدينة، فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجلس معه رجال بعد ما قام القوم، حتى قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمشى، فمشيت معه حتى بلغ باب حجرة عائشة ثم ظن أنهم قد خرجوا، فرجع ورجعت معه، فإذا هم جلوس مكانهم، فرجع فرجعت الثانية، حتى بلغ حجرة عائشة، فرجع فرجعت، فإذا هم قد قاموا فضرب بيني وبينه بالستر، وأنزل الله آية الحجاب" (5).
3 - مفاخرة السيدة زينب:
474 - من حديث أنس رضي الله عنه قال: "نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش، وأطعم عليها يومئذ خبزًا ولحمًا، وكانت تفخر على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت تقول: إن الله أنكحني في السماء" (6).
4 - شكوى زيد بن حارثة ومقالة رسول الله له قبل طلاقها منه:
475 - من حديث أنس رضي الله عنه قال: "جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (اتق الله، وأمسك عليك زوجك) قال أنس: لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كاتمًا شيئًا لكتم هذه، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات" (7).
المبحث الثالث: مقتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق
476 - من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رهطًا إلى أبي رافع، فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلًا، وهو نائم فقتله" (8).
477 - من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي رافع اليهودي رجالًا من الأنصار، فأمر عليهم عبد الله بن عتيك، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويعين عليه، وكان في حصن له بأرض الحجاز، فلما دنوا منه، وقد غربت الشمس، وراح الناس بسرحهم، فقال عبد الله لأصحابه: اجلسوا مكانكم، فإني منطلق ومتلطف للبواب لعلي أن أدخل، فأقبل حتى دنا من البواب، ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة، وقد دخل الناس، فهتف به البواب: يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فادخل، فإني أريد أن أغلق الباب، فدخلت، فكمنت، فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الأغاليق (9) على عود.
قال: فقمت إلى الأقاليد (10) فأخذتها، ففتحت الباب، وكان أبو رافع يُسْمَرُ عنده، وكان في علالي له، فلما ذهب عنه أهل سمره، صعدت إليه فجعلت كلما فتحت بابًا أغلقت علي من داخل، قلت: إن القوم نذروا لي لم يخلصوا إلى حتى أقتله، فانتهيت إليه، فهذا هو في بيت مظلم وسط عياله، لا أدري أين هو من البيت، فقلت: أبا رافع؟ قال: من هذا؟ فأهويت نحو الصوت، فأضربه ضربة بالسيف، وأنا دهش فما أغنيت شيئًا، وصاح، فخرجت من البيت، فأمكث غير بعيد، ثم دخلت إليه فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟
فقال: لأمك الويل، إن رجلًا في البيت ضربني قبل بالسيف، قال: فأضربه ضربة أثخنته، ولم أقتله، ثم وضعت خبيب السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره، فعرفت أني قتلته، فجعلت أفتح الأبواب بابًا بابًا حتى انتهيت إلى درجة له فوضعت رجلي، وأنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة، فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة، ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت: لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته أم لا، فلما صاح الديك قام الناعي على السور، فقال: أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز، فانطلقت إلى أصحابي فقلت: النجاء، فقد قتل الله أبا رافع، فانتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثته، فقال لي: (ابسط رجلك)، فبسطت رجلي فمسحها، فكأنها لم أشتكها قط" (11).
الفوائد المأخوذة من هذا الحديث:
2 - قتل من أعان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده أو ماله أو لسانه.
3 - جواز التجسس على أهل الحرب وتطلب غرتهم.
4 - الأخذ بالشدة في محاربة المشركين.
5 - جواز إبهام القول للمصلحة.
6 - جواز تعرض القليل من المسلمين للكثير من المشركين.
7 - الحكم بالدليل والعلامة لاستدلال ابن أبي عتيك على أبي رافع بصوته، واعتماده على صوت الناس بموته (12).
.................................................. ............
(1) تخمر عجينها: تجعل منها الخمر.
(2) عظمت في صدري: هبتها من أجل إرادة رسول الله الزواج منها.
(3) أخرجه مسلم في النكاح باب زوج زينب بنت جحش رقم: 1428 - 89 والنسائي في النكاح باب صلاة المرأة إذا خطبت واستخارتها ربها: 6/ 79 - 80، الفتح الرباني للساعاتي: 21/ 87 - 88.
وأما اللفظ الثاني فقد أخرجه البخاري في النكاح باب الهدية للعروس رقم: 5163، ومسلم في النكاح باب زواج زينب بنت جحش رقم: 1428/ 94.
(4) التور: الإناء.
(5) أخرجه البخاري في الأطعمة باب قوله تعالى {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} حديث رقم: 5466، مسلم في النكاح باب زواج زينب بنت جحش رقم: 1428/ 93.
(6) أخرجه البخاري في التوحيد باب وكان عرشه على الماء رقم: 7421، النسائي في النكاح باب صلاة المرأة واستخارتها ربها إذا خطبت: 6/ 79 - 80.
(7) أخرجه البخاري في التوحيد باب وكان عرشه على الماء رقم: 7420.
(8) أخرجه البخاري في المغازي باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق، ويقال سلام بن أبي الحقيق كان بخيبر ويقال في حصن له بأرض الحجاز حديث رقم: 4038.
(9) الأغاليق: جمع غلق ما يغلق به الباب وهو المفتاح.
(10) الأقاليد: جمع إقليد وهو المفتاح.
(11) أخرجه البخاري في المغازي باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق حديث رقم: 4039.
(12) فتح الباري: 7/ 345.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس