منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - في ذات يوم ماطر
الموضوع: في ذات يوم ماطر
عرض مشاركة واحدة
قديم 23-12-2014, 09:58 AM
  #1
قطرة الندى 7
عضو المنتدى الفخري
تاريخ التسجيل: Dec 2014
المشاركات: 2,020
قطرة الندى 7 غير متصل  
في ذات يوم ماطر

[SIZE="5"]في ذات يوم ماطر ...

[img]http://im52.***********/XljnF6.jpg[/img]



في ذات يوم ماطر ، كانت حبَّات المطر تصطف بهندسةٍ إلهية بارعة ، لتشكِّل خيوطا منهمرة من عيون السماء ،
وكانت الريح تغيِّرُ مسار خيوط المطر المستقيم ، ليصبح مائلا كخصلات شعر غجرية ساحر ، تهتُ في رماديَّةِ طرقاته ..


لم يكن يكفي أن أراقب المطر من وراء زجاج شفاف ، أو أسمع نقرات أنامله المائية على درفتي نافذتي ، وكانت رغبة عارمة بأن يغسلني المطر كما غسل أبنية المدينة وطرقاتها ، وأشجار الغابة ودروبها ، و زهور الحديقة وصخورها ، فاكتستْ ببريق الطهارة والنضارة ....


توشَّحْتُ حماقة رغبتي ، وانتعلتُ صخور دربي ،و سرتُ ببطء والمطر يجتاحني ، والريح تدفعني ، والبرق يضيء تارات طريقي ، لا بأس فالمطر صديقي ...

وكان لا بدَّ من مرسى ، فتوقفتُ عند مسكنها ، ودعتني لفنجان قهوة ، ولا أجمل من فنجان قهوة في ذات يوم ماطر !!

كان صوتها ناشزٌ يعكِّر لحن المطر ، وضحكتها الصارخة تضيِّع رهبةَ المطر ، وتساءلتُ لم هي رفيقتي !!

لأننا في نفس الكلية والقسم ؟ والقدر جمعنا بنتين وحيدتين ؟

ربما ...

قلَبَتْ فنجان قهوتها ، وقالت لي مازحة :

- لم لا تقرأين لي فنجاني ؟!!


فابتسمتُ :

- ومن قال لك أني قارئة فنجان ؟!!


ومن دون أن أسمع ردا ، حملتُ فنجانها بين أصابعي ، وتأملتُ فيه وأنا الجاهلة بخطوطه ، ثم نظرتُ في عينيها ، كانت كتابا مفتوحا – على الأقل بالنسبة لي - وهمستُ لها مازحة :

" - إنَّكِ دائمة القلق ، يا "سهام " وشيء ما يقلقك باستمرار ..

هناك شخص تهتمين لأمره لكنه يدير ظهره لك ولا يهتم ..

هناك من جرحك ذات يوم ، وأنت لا تستطيعين النسيان .. "



ورفعتُ نظري من فنجانها ، لأرى عينييها محملقتين في عيوني ، ثم ضحكتْ ضحكتها الصارخة الناشزة تلك وأقسمتْ باستغراب أنَّ كلَّ ما قلتُه لها صحيح ..وأني أفضل من قرأ لها فنجانا ذات يوم ...


ابتسمتُ وأنا الجاهلةُ بخطوط وقراءة الفنجان ، بل ولا أؤمن بهذه الترهات ...

لكن في تلك اللحظة وأنا أنظر لعينيها وردة فعلها ، عرفتُ لم كنت أرافقها !!

لأنها طيبة القلب ، لا تنافق ولا تعرف كيف تنافق ...

تركتُها مع خطوط فنجاها ، وعدتُ لغرفتي ، تبلَّلني قطرات المطر الذي بدأ يصبح طلّا هادئ الرتم والنغم ...

عدتُ أتأمل فنجاني ، ولم أعرف أن أكون ماهرة في فك شيفرة خطوطه كما فعلت مع " سهام " ..

هل ذاتنا دائما بحرٌ حالك السواد ؟! ويتطلب الأمر غواصا ماهرا لنكتشف مكنونات أنفسنا ؟!

أم أنَّها صفحةٌ بيضاء ، وضباب إنسانيتنا الخرقاء يحجبها ؟!

مهلا ، لقد عرفتُ الجواب في ذاتِ يوم ٍماطر ،

فالدرب إلى دواخلنا دائما موجودة ، تنتظر انقشاع الضباب ...



بقلم أختكم : مؤيدة بنصر الله


[/SIZE]
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة قطرة الندى 7 ; 23-12-2014 الساعة 10:02 AM
رد مع اقتباس