منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - قصة حياة بنيت على سراب ! :(
عرض مشاركة واحدة
قديم 18-07-2019, 01:05 PM
  #2
أبو أسامة
رئيس الهيئة الشرعية
تاريخ التسجيل: Jul 2004
المشاركات: 987
أبو أسامة غير متصل  
رد: قصة حياة بنيت على سراب ! :

أخي الكريم:
بدأ الخطأ حين رهنت حياتك ومشاعرك لشخص، حتى لو تحقق مرادك وتزوجتها فلا ترهن حياتك لأجلها، هذه الدنيا حقيرة جدًا، لا تستحق أن يرهن أحدٌ حياته لأحد، فإنها فانية، إن الذين تحبهم سيموتون يومًا وتخسرهم، أو تموت قبلهم، هذه هي الدنيا، لن يبقى لك أحد، هذا إذا استمرت الحياة معه كما تريد، واستمرارها كما تريد لا يتحقق دائماً، فالقلوب تتقلب، والنفوس تتغير، والأحياء يموتون ويمرضون، ويسافرون ويبتعدون، ولذلك وَرَد في الأثر: (أحْبِبْ حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك يومًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما).
هذه الحقيقة أنت الآن أدركتها عيانًا، والزمن كفيل بأن يجعلك تأخذ الدرس جيدًا وتعرف قدر هذه الدنيا.
كن مستعدًا لكل الفواجع والآلام، لا تعش حياتك وأنت تعتقد الخلود السرمدي.
وما دمت عرفت الخطأ، فلتنتقل إلى مرحلة تجاوز المشكلة، ولا تضع نفسك داخل هذه البوتقة، فتعيش الجزء الثاني من حياتك رهين العشق الماضي، ليصبح مستقبلك مجرد استجرار للماضي الحزين، فانطلق في حياتك الجديدة، واردم حفرة الماضي بالتراب، وضعه تحت قدمك، واصعد فوقه لتعيش حياة جديدة مليئة بالحياة.

كثيرون -وبعضهم عرض علي مشكلته- عشقوا إلى حد الهيام، ولما كنت أعرض عليهم الحلول كانوا يصمون آذانهم، ويقولون: هذا العشق لن ينتهي من حياتي، وسأعيش حياة العشق لا أبرحها، ولا أظن أني أستطيع التخلص منها، فيضع الحاجز أمام نفسه، وينظر إلى هذا الحاجز على أنه يستحيل عليه أن يتخطاه، فإذا كان صبورًا وحريصًا على علاج نفسه، ويحاول أن يمسح هذا العشق من رأسه، استطاع مع مرور الزمن أن ينظر إلى المعشوق نظرة شخص عادي لا يقدم ولا يؤخر.

يجب أن تعرف أن من أكبر مشاكل العشق والحب "الخيال" ، فإن الخيال أجمل من الواقع، وكثيرًا ما صُدِم العاشقون بالواقع، فإن الخيال يختار الأجمل، والواقع يعطيك الواقع بجماله وقبحه، الخيال يصور لك الحياة الملائكية، والواقع يعطيك الحياة البشرية التي تتعرض للتعرق وللأوساخ، وللجمال والقبح، فيرى العاشق محبوبته كما هي، تستيقظ وتنام، وقد يظهر منها تشمئز منه نفسه، ولذلك يشعر بعضهم بالخداع، والحقيقة أنه لم يخدعه أحد، ولكنه خدع نفسه بخياله، ومن أجل هذا الأمر، يعمد بعض المعالجين للعشق، بتذكير العاشق بتلك الجوانب السلبية في المعشوق، سواء كانت جوانب جسدية وحسيّة، أم جوانب معنوية، كالأخلاق ونحوها.
لذلك ينبغي للعاشق ألا يتصور أن اقترانه بمعشوقه أو معشوقته سيجعل حياتهما جنة، بل إن المبالغة في الأحلام قد تسبب ردة فعل عكسية، حينما يرى الواقع ليس محايدًا، فينظر للأشياء العادية أنها سلبيات وسيئات، لأنها أقل مما يتصور.
إنك لا تدري أيها الأخ الكريم، لو تزوجتها فلعلها تكون سيئة الخُلق، بل أنت لم ترها منذ كان عمرك 12سنة تقريبًا، فلا تدري لعل جمالها سيكون أقل مما صوّره خيالُك، ولا تدري لعل أفكارها وربما تدينها ومعقداتها ليست كما تحب، ولعلك إن تزوجتها وجدتها لا تحبك، وتتعالى عليك، وتستغل فرصة هيامك بها أن تحرص على إذلالك أو استغلال هذه النقطة التي تعتبر نقطة ضعف، وربما تكون مغرورة أو غير ذلك، وحتى لو كانت مستقيمة الخَلق والخُلق، فربما لم تتوافقا في التفكير وطريقة الحياة و...
على كل حال، قد ارتبطَت بزوجها، والأجدر بك أن تبتعد عن طريقها، وتبعدها عن طريقك، وعن عقلك لئلا تدمر حياتك وحياتها.
ثم أنت لا تدري لعل الله أراد لك خيرًا دنيويًا أو دينيًا بالبُعد عنها، فربما أضرت بدينك أو دنياك، وأنت تتغافل عنه لأنه من معشوقتك، فلتحمد الله تعالى على ما قضى وقدر.
وأنت أيضًا لا تدري أي زمان يستقبلك، فلعله خير لك وخير لها، ولو رُحتُ معك في رحلة تفكر فيما يمكن أن يعترض عليك في الزمن لطال المقال، فماذا لو ماتت وهي معك؟ أي لوعة ستصيبك، وماذا لو ماتت بعد أن تركت لك طفلاً أو طفلين يقطعان كبدك كلما رأيتهما بلا أم، وماذا لو مُتَّ أنت عنها وتركتها أرملة، أو تركتها معها أطفالك ترعاهم، وماذا لو مرضت معك مرضًا شديدًا لا تستطيع معه القيام بحقك، وتعيش ما شاء الله من عمرك وأنت تلاحق معها المستشفيات لعلاجها داخليًا وخارجيًا، وتدفع أموالك لأجلها؟ وماذا لو كانت سببًا في ضياع دينك وآخرتك؟ وبسبب حبك لها تطاوعها، ثم تخسر خسارة أكبر من مكسبك بها، وماذا وماذا... المهم أن المستقبل المتخيَّل وغير المتخيل لا يمكن التنبؤ به، ولا يمكن معرفة ما يختبئ فيه.

إن علاجك يكمن في طرحها من عقلك وفكرك والابتعاد عن التفكير فيها، وأن تعرف أنها اتخذت طريقًا يجب أن تبتعد عنه، وتفكيرك فيها لن يزيدك إلا حرقة وحزنًا، فلتجتهد في إزالة عوالقها، حتى لا يبقى لها أثر في نفسك.
أنا أعلم الآن أنك تقول في نفسك: (لا أستطيع)، والحقيقة أنك حتى لو كنت لا تستطيع أو تظن أنك لا تستطيع، يجب أن تجاهد نفسك وتصبر وتصابر لمحوها من ذاكرتك، اجعلها فقط مجرد ذكرى جميلة مرت بك، اجعلها حادثة مرت وانتهت، واحرص قدر المستطاع على نسيانها وعدم التفكير فيها، فإن التفكير يجلب التفكير والهم، وإن الزمن إذا اجتهدت في الابتعاد عنها فكرًا وخيالاً كفيل بأن يجلعها تتلاشى من ذاكرتك، أو يخف حزنك عليها.

ثم عليك أن تبحث عما يحل محلها:
1. أشغل نفسك بمشغلات تحبها، من قراءة أو رياضة أو عمل مباح أو أفضل منه، ومن المشغلات الأصدقاء الصالحون والأهل والأقارب، ليكن لك في الناس سلوى وشغل، واعلم أن وقت الفراغ هو أكثر ما يتعبك، حتى عند نومك، احرص على ألا تذهب إلى فراشك حتى يهدك النوم، لئلا يكون الفراش مكانًا لاستجرار الألم.
2. املأ فراغ حبها بحب جديد، ولو كان ضئيلاً فإنه مع الزمن سيكبر وينمو، ابحث عن امرأة صالحة وتزوجها وأحبها وأكرمها واجعلها تملأ حياتك.
3- عليك بالدعاء والالتجاء إلى الله والانطراح بين يديه، فإنه مقلب القلوب، وقلبك بيده، سله أن يشفيك من هذا العشق، وأن يجعل حبك معتدلا لمن تحب في قادم الزمن، ابك بين يديه، وأكثر من الدعاء.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
__________________
كثير من المشاكل الأسرية والمعقدة لا تنتهي تماما، وإنما تبقى لها بقايا.
أي أنها قد يبقى منها 20% مثلا


مشاكلنا الأسرية المعقدة كثير منها لا ينتهي بصورة نهائية وإنما تبقى لها بذور يمكن أن تنمو في يوم ما، ما لم نتعاهدها بالحصاد.

مشاكلنا المعقدة لا يمكن حلها بضغطة زر، وإنما تحتاج إلى ممارسة ومجاهدة وضغط نفسي ومدة أطول مما نتوقع ليأخذ الحل مجراه.
المهم الصبر، فقد يكون بينك وبين الحل غشاء رقيق، فلا تتوقف.
رد مع اقتباس