منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2018, 09:48 AM
  #203
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، سألنا عن الأخطاء التي تقع عند رمي الجمار أو في الرمي، وذكرتم من هذه الأخطاء: الظن بأن الحصى لابد أن يكون من مزدلفة، وغسل الحصى، والظن بأن الجمرات شياطين، والرمي بالأحجار الكبيرة، والرمي بالأحذية والخشب وما إلى ذلك، وأيضا: الرمي دون تحقق وقوع الحصى في الحوض، والظن بأنه لابد من إصابة العمود، والتهاون أيضا في التوكيل في الرمي مع القدرة، وعكس الترتيب في الرمي ورمي الجمرات قبل الزوال، فهل هناك أخطاء أيضا غير هذه الأخطاء التي ذكرتم؟
الجواب: نعم، هناك أخطاء بقيت من الأخطاء التي تقع من بعض الحجاج في الرمي، لكن ورد فيما ذكرتم أن من الأخطاء عدم تحقق وصول الحصاة في المرمى، والواقع: أن المقصود هو أن بعض الناس يرمي جمرة العقبة من الخلف، من خلف الجدار، فيقع الحصى في غير المرمى؛ لأن الجدار يحول بينه وبين الحوض، وتحقق وقوع الحصاة في المرمى ليس بشرط؛ لأنه يكفي أن يغلب على الظن أنها وقعت فيه، فإذا رمى الإنسان من المكان الصحيح وقذف الحصاة، وهو يغلب على ظنه أنها وقعت في المرمى: كفى؛ لأن اليقين في هذه الحال قد يتعذر، وإذا تعذر اليقين، عمل بغلبة الظن، ولأن الشارع أحال على غلبة الظن فيما إذا شك الإنسان في صلاته: كم صلى، ثلاثا أم أربعا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((ليتحر الصواب، ثم ليتم عليه)) (البخاري) ، وهذا يدل على أن غلبة الظن في أمور العبادة كافية وهذا من تيسير الله عز وجل؛ لأن اليقين أحيانا يتعذر.
نرجع الآن إلى تكميل الأخطاء التي تحضرنا في مسألة الرمي، أعني رمي الجمرات:
فمنها: أن بعض الناس يرمي بحصى أقل مما ورد، فيرمي بثلاث أو أربع أو خمس وهذا خلاف السنة بل يجب عليه أن يرمي بسبع حصيات؛ كما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه رمى بسبع حصيات بدون نقص، لكن رخص بعض العلماء في نقص حصاة أو حصاتين؛ لأن ذلك وقع من بعض الصحابة رضي الله عنهم، فإذا جاءنا رجل يقول: إنه لم يرم إلا بست ناسيا أو جاهلا، فأننا في هذه الحالة نعذره ونقول: لا شيء عليك، لورود مثل ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، وإلا فالأصل أن المشروع سبع حصيات؛ كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الحجاج في الرمي، وهو سهل لكن ينبغي أن يتفطن له الحاج: أن كثيرا من الحجاج يهملون الوقوف للدعاء بعد الجمرة الأولى والوسطى في أيام التشريق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رمى الجمرة الأولى، انحدر قليلا، ثم استقبل القبلة، فرفع يديه يدعو الله تعالى دعاء طويلا، وإذا رمى الجمرة الوسطى فعل ذلك، وإذا رمى جمرة العقبة، انصرف ولم يقف، فينبغي للحاج أن لا يفوت هذه السنة على نفسه، بل يقف ويدعو الله تعالى دعاء طويلا إن تيسر له، وإلا فبقدر ما تيسر، بعد الجمرة الأولى والوسطى.
وبهذا نعرف أن في الحج ست وقفات للدعاء: على الصفا وعلى المروة ـ وهذا في السعي ـ وفي عرفة، ومزدلفة، وبعد الجمرة الأولى، وبعد الجمرة الوسطى. فهذه ست وقفات كلها وقفات للدعاء في هذه المواطن، ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن الأخطاء التي يرتكبها بعض الناس: ما حدثني به من أثق به من أن بعض الناس يرمي رميا زائدا عن المشروع ـ إما في العدد، وإما في النوبات والمرات؛ فيرمي أكثر من سبع، ويرمي الجمرات في اليوم مرتين أو ثلاثا، وربما يرمي في غير وقت الحج، وهذا كله من الجهل والخطأ، والواجب على المرء: أن يتعبد بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لينال بذلك محبة الله ومغفرته؛ لقول الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران: 31) .
هذا ما يحضرني الآن من الأخطاء في رمي الجمرات
فضيلة الشيخ، كنا قد سألنا عن الإقامة بمنى في اليوم الثامن قبل الخروج إلى عرفة، وذكرتم الأخطاء التي تقع فيها، لكن حبذا أيضاً لو عرفنا الأخطاء التي قد تقع من بعض الحجاج في الإقامة بمنى في أيام التشريق؟
الجواب: الإقامة في منى في أيام التشريق يحصل فيها أيضا أخطاء من بعض الحجاج، وأنا أعود إلى مزدلفة، فإن فيها بعض الأخطاء التي لم ننبه عليها سابقا:
فمنها: أن بعض الناس في ليلة مزدلفة يحيي الليلة بالقيام والقراءة والذكر، وهذا خلاف السنة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة لم يتعبد لله عز وجل بمثل هذا، بل في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى العشاء، اضطجع حتى طلوع الفجر، ثم صلى الصبح، وهذا يدل على أن تلك الليلة ليس فيها تهجد أو تعبد أو تسبيح أو ذكر أو قرآن.
ومنها ـ أي من الأخطاء في مزدلفة ـ أنني سمعت أن بعض الحجاج يبقون في مزدلفة حتى تطلع الشمس ويصلون صلاة الشروق أو الإشراق، ثم ينصرفون بعد ذلك، وهذا خطأ؛ لأن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وموافقة لهدي المشركين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دفع من مزدلفة قبل أن تطلع الشمس حين أسفر جدا، والمشركون كانوا ينتظرون حتى تطلع الشمس ويقولون: ((أشرق ثبير، كيما نغير)) ؛ فمن بقى في مزدلفة تعبدا لله عز وجل حتى تطلع الشمس، فقد شابه المشركين وخالف سنة سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه.
أما الأخطاء في منى: فمنها: أن بعض الناس لا يبيتون بها ليلتي الحادي عشر والثاني عشر، بل يبيتون خارج منى من غير عذر، يريدون أن يترفهوا، وأن يشموا الهواء - كما يقولون- وهذا جهل وضلال، ومخالفة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والإنسان الذي يريد أن يترفه لا يأتي للحج، فإن بقاءه في بلده اشد ترفها وأسلم من تكلف المشاق والنفقات.
ومن الأشياء التي يخل بها بعض الحجاج في الإقامة بمنى، بل التي يخطئ فيها: أن بعضهم لا يهتم بوجود مكان في منى، فتجده إذا دخل في الخطوط ووجد ما حول الخطوط ممتلئاً قال: إنه ليس في مني مكان، ثم ذهب ونزل في خارج منى، والواجب عليه أن يبحث بحثاً تاماً فيما حول الخطوط وما كان داخلها، لعله يجد مكاناً يبقى فيه أو يمكث فيه أيام منى؛ لأن البقاء في منى واجب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لتأخذوا عني مناسككم)) ، وقد أقام صلى الله عليه وسلم في منى، ورخص للعباس بن عبد المطلب من أجل سقايته أن يبيت في مكة ليسقي الحجاج (البخاري)
ومن الأخطاء أيضاً: أن بعض الناس إذا بحث ولم يجد مكاناً في منى، نزل إلى مكة أو إلى العزيزية، وبقي هنالك، والواجب إذا لم يجد مكاناً في منى أن ينزل عند آخر خيمة من خيام الحجاج ليبقى الحجيج كلهم في مكان واحد متصلاً بعضه ببعض؛ كما نقول فيما لو امتلأ المسجد بالمصلين، فإنه يصلي مع الجماعة حيث تتصل الصفوف ولو كان خارج المسجد.
ومن الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في الإقامة بمنى، وهو يسير، لكن ينبغي المحافظة عليه: أن بعض الناس يبيت في منى ولكن إذا كان النهار نزل إلى مكة، ليترفه في الظل الظليل، والمكيفات والمبردات، ويسلم من حر الشمس ولفح الحر، وهذا- وإن كان جائزاً على مقتضى قواعد الفقهاء حيث قالوا: إنه لا يجب إلا المبيت- فإنه خلاف السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بقي في منى ليالي وأياماً، فكان عليه الصلاة والسلام يمكث في منى ليالي أيام التشريق وأيام التشريق، نعم لو كان الإنسان محتاجاً إلى ذلك- كما لو كان مريضاً، أو كان مرافقاً لمريض- فهذا لا بأس به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة أن يبيتوا خارج منى، وأن يبقوا في الأيام في مراعيهم مع إبلهم (قال الترمذي: حسن صحيح)
هذا ما يحضرني الآن من الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في الإقامة في منى.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس