منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - صحيح السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-12-2018, 02:46 PM
  #34
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

[COLOR="navy"][CENTER][SIZE="5"]
8 - رؤيا عاتكة وإنذار ضمضم لقريش
سبق وأن ذكرت في حديث ابن عباس رقم: 218، أن أبا سفيان كان يتحسس الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وأنه كان يخاف أن يقوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بقطع الطريق على قافلته، وسلب ما معه من أموال قريش.
فلما سمع من بعض الركبان بخروج رسول الله وأصحابه لاعتراض القافلة، استأجر رجلًا من بني غفار واسمه ضمضم بن عمرو الغفاري لينذر قريشًا من أجل أن تخرج لحماية قافلتها، وقبل أن يصل النذير مكة رأت عاتكة بنت عبد المطلب رؤيا أولت بأن مصابًا سيحل في مكة، سيؤدي إلى قتل عدد من زعماء قريش، مما أثار حفيظة بعض زعماء الشرك، ولنترك المجال لراوي الحدث ليخبرنا بالتفصيلات:
227 - قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان (2) عن عروة بن الزبير قال: "وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب رضي الله عنها قبل قدوم ضمضم (الغفاري) مكة بثلاث ليال، رؤيا أفزعتها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب، فقالت له: يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني (أي : اشتدت علي )، وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة، فاكتم عني ما أحدثك به، فقال لها: وما رأيت؟
قالت: رأيت راكبًا أقبل على بعير له، حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلى صوته: ألا انفروا يا آل غُدُر لمصارعكم في ثلاث، فأرى الناس اجتمعوا إليه، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه، فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة، ثم صرخ بمثلها، ألا انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث، ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس، فصرخ بمثلها. ثم أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تهوي، حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت، فما بقي بيت من بيوت مكة، ولا دار إلا دخلتها منها فلقه، قال العباس: والله إن هذه لرؤيا! وأنت فاكتميها، ولا تذكريها لأحد. ثم خرج العباس، فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة، وكان له صديقًا، فذكرها له، واستكتمه إياها، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، ففشا الحديث بمكة، حتى تحدثت به قريش في أنديتها.
قال العباس: فغدوت لأطوف بالبيت، وأبو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: يا أبا الفضل، إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا.
فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم، فقال لي أبو جهل: يا بني عبد المطلب، متى حدثت فيكم هذه النبّية؟ قال: قلت: وما ذاك؟ قال: تلك الرؤيا التي رأت عاتكة، قال: فقلت: وما رأت؟ قال: يا بني عبد المطلب، أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساءكم! قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال: انفروا في ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يك حقًّا ما تقول فسيكون، وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء، نكتب عليكم كتابًا أنكم أكذب أهل بيت في العرب. قال العباس: فوالله ما كان مني إليه كبير، إلا أني جحدت ذلك، وأنكرت أن تكون رأت شيئًا قال: ثم تفرقنا.
فلما أمسيت، لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني، فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم، ثم قد تناول النساء وأنت تسمع، ثم لم يكن عندك غيرة لشيء مما سمعت!، قال: قلت: قد والله فعلت، ما كان مني إليه من كبير، وأيم الله لأتعرضن له، فإن عاد لأكفيَّنكُنَّه.
قال: فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة، وأنا حديد مغضب أرى أني قد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه.
قال: فدخلت المسجد فرأيته، فوالله إني لأمشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما قال فأقع به، وكان رجلًا خفيفًا، حديد الوجه، حديد اللسان، حديد النظر.
قال: إذ خرج نحو باب المسجد يشتد. قال: فقلت في نفسي ما له لعنه الله! أكل هذا فرقٌ مني أن أشاتمه!
قال: وإذا هو قد سمع ما لم أسمع: صوت ضمضم بن عمرو الغفاري، وهو يصرخ ببطن الوادي واقفًا على بعيره، قد جدع بعيره، وحول رحله، وشق قميصه وهو يقول: يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد وأصحابه ، فالغوث الغوث: قال: فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر" (3).
9 - إجارة الشيطان قريشًا
228 - قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير، قال: "لما أجمعت قريش المسير ذكرت ما كان بينها وبين بني بكر، فكاد ذلك يثنيهم، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، وكان من أشراف بني كنانة، فقال لهم: أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه، فخرجوا سراعًا" (4).
10 - تخوف بعض أئمة الكفر من الخروج
أمية بن خلف وقصته مع سعد بن معاذ.
229 - من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حدث عن سعد بن معاذ أنه قال: "كان صديقًا لأمية بن خلف، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة انطلق سعد معتمرًا، فنزل على أمية بمكة، فقال لأمية: انظرني ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت، فخرج به قريبًا من نصف النهار، فلقيهما أبو جهل فقال: يا أبا صفوان من هذا معك؟
فقال: هذا سعد. فقال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنًا وقد آويتم الصباة، وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينوهم. أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالمًا، فقال له سعد -ورفع صوته عليه-: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه: طريقك على المدينة، فقال له أمية: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيد أهل الوادي. فقال سعد: دعنا عنك يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إنهم قاتلوك). قال: بمكة؟ قال: لا أدري، ففزع لذلك أمية فزعًا شديدًا. فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمدًا أخبرهم أنهم قاتلي. فقلت له: بمكة؟ قال: لا أدري. فقال أمية: والله لا أخرج من مكة.
فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس قال: أدركوا عيركم، فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان إنك متى ما يراك الناس قد تخلفت، وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل حتى قال: أما إذا غلبتني فوالله لأشترين أجود بعير بمكة. ثم قال أمية: يا أم صفوان جهزيني. فقالت له: يا أبا صفوان وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: لا ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبًا. فلما خرج أمية أخذ لا يترك منزلًا إلا عقل بعيره. فلم يزل بذلك حتى قتله الله -عزَّ وجلَّ- ببدر" (5).
.................................................. ...........................................
(1) أخرجه مسلم في الجهاد والسير باب كراهة الاستعانة في الغزو بالكافر رقم: 1817، أبو داود في الجهاد والسير باب في المشرك يسهم له:2732، والترمذي في السير ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم: 1558، وقال حسن غريب، والدارمي: 2/ 233 وأحمد: 6/ 67، 49.
يحتمل أن عائشة كانت مع المودعين فرأت ذلك، ويحتمل أنها أرادت بقولها: كنا، كان المسلمون، كذا قال النووي في شرح مسلم: 12/ 198 - 199.
(2) يزيد بن رومان ثقة من الخامسة، تقريب: 2/ 364.
(3) أخرجه ابن هشام في السيرة: 1/ 607، وسنده صحيح إلا أنه مرسل، وقد جاءت حادثة عاتكة من طرق متعددة -من حديث ابن عباس عد الحاكم: 3/ 19 إلا أن سنده ضعيف، ورواه الطبراني بإسنادين أحدهما مرسل، والآخر مرفوع من حديث مصعب بن عبد الله وفيهما ابن لهيعة وحديثه حسن كما قال الهيثمي في المجمع: 6/ 732، وله سند آخر عند ابن إسحاق عن ابن عباس ولكنه ضعيف"، وأورده ابن منده بسنده عن عاتكة بنت عبد المطلب وسنده ضعيف كما قال ابن حجر في الإصابة: 4/ 347 وبهذه الطرق يقوى الحديث فيرتفع الحديث إلى درجة الحسن لغيره والله أعلم.
* أفظعتني: اشتدت علي.
* يا لغدر: يا أهل غدر، يا آل غدر، مثل به: قام به، أرفضت: تفتتت، جدع بعيره: قطع أنفه، اللطيمة: الإبل التي تحمل البر والطيب.
(4) ابن هشام في السيرة: 1/ 612، وسنده صحيح لكنه مرسل، ابن كثير من طريقه: 2/ 432.
(5) أخرجه البخاري في المغازي باب ذكر النبي من يقتل ببدر رقم: 3950، وأحمد في المسند: (1/ 400) انظر الفتح الرباني: (21/ 42)
.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس