منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - تلاوة كتاب الله ( دورة اقرأ وارتق 2 )
عرض مشاركة واحدة
قديم 27-04-2016, 03:35 PM
  #2018
هداية الله
عضو المنتدى الفخري [ وسام العطاء الذهبي لعام 2015 ]
 الصورة الرمزية هداية الله
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 4,649
هداية الله غير متصل  
رد: تلاوة كتاب الله ( دورة اقرأ وارتق 2 )






سورة قصيرة في الجزء الثلاثين من كتاب الله ، قلما يلتفت إليها الناس ، مع أن أعرابيا جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال : يا رسول الله عِظني وأوجز . فقال عليه الصلاة والسلام :
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾[سورة الزلزلة الآية:7-8]
فقال : قد كُفيت . فتبسم عليه الصلاة والسلام وقال: ( فَقُهَ الرجل )

شطر من آية من سورة قصيرة ، من الجزء الأخير من كتاب الله تلاه النبي على هذا الأعرابي وقال : قد كفيت . فمبال الإنسان في هذه الأيام يقرأ القرآن كله ، ويسمع تفسيره كله ، ولا يزال مُنحرفا عنه.

موضوع السورة يخص زلزال الآرض و لا شك أننا في الدنيا نسمع بالزلازل ، ولكن الزلازل المَوْضعي في بقعة معينة ، في بعض الدول ، في بعض القارات ، في شمال الأرض ، في جنوب الأرض ، في شرقها ، في غربها ، تبقى الزلزلة التي نراها في الدنيا ، أو نسمع بها محدودة ، ولكن الله سبحانه وتعالى قال :﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾[سورة الزلزلة الآية:1]
يوم القيامة يوم لا يمكن أن يتخيله عقل فكأن الأرض حينما خُلِقَت وٌعِدَت بزلزلة عامة تضطرب لها اضطرابا ، وتهتز لها اهتزازا .

وقد تكون الزلزلة في الدنيا ضعيفة فلا تنهدم البيوت ، ولا تتداعى الأسقف ، ولكن الزلزلة التي وصفها الله عز وجل قال :﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾ [سورة الزلزلة الآية:1]
لك أن تتصور زلزالها العظيم ، ولك أن تتصور زلزالها الشديد ، ولك أن تتصور زلزالها الأخير ، آخر زلزلة ، وأعظم زلزلة ، وأشد زلزلة ..
﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾[سورة الزلزلة الآية:1-2]
ومن أثقالها ؟ أهم الأثقال بنو آدم .

يخبر تعالى عما يكون يوم القيامة، وأن الأرض تتزلزل وترجف وترتج، حتى يسقط ما عليها من بناء وعلم ،فتَنْدَك جبالها، وتسوى تلالها، وتكون قاعا صفصفا لا عوج فيه ولا أمت.

{وَقَالَ الإنْسَانُ} إذا رأى ما عراها من الأمر العظيم مستعظما لذلك: {مَا لَهَا} ؟ أي: أي شيء عرض لها؟.
{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ} الأرض {أَخْبَارَهَا} أي: تشهد على العاملين بما عملوا على ظهرها من خير وشر، فإن الأرض من جملة الشهود الذين يشهدون على العباد بأعمالهم، ذلك {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [أي] وأمرها أن تخبر بما عمل عليها، فلا تعصى لأمره .
فقد كان الانسان في الدنيا إذا سمع عن الدار الآخرة ، لم يحمل هذا الكلام محمل الجِد ، كان لا يُبالي ، كان يبالي بالدنيا ، كان يعنيه جمع المال ولا يبالي من أين ؛ كان يعنيه من الدنيا مالُها ، ونساؤها ، وخَيْراتها ، وبهرجتها ، ومنافعها ، ومكاسبها ، وقصورها ولا يهتم لأمر الآخرة ، لذلك قال تعالى :﴿ وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا﴾



أوحى الله لها أن تحدثي أيتها الأرض ، حدثينا عن هذا الإنسان الذي كرمناه ، حدثينا عن هذا الإنسان الذي رفعنا شأنه ، حدثينا عن هذا الإنسان وماذا صنع ؟ الذي خَلقت السماوات والأرض من أجله ، حدثينا عنه ؛ حدثينا عن معاصيه ، عن جرائمه ، عن موبقاته ، عن انحرافاته ..
يختم على فم هذا الذي اقترف السيئات ، والأرض تحدثه بما صنع ، يومئذ تحدث الأرض أخبار الإنسان ماذا اقترف من آثام، ماذا فعل من شرور ، ماذا تركَ من آثار سيئة .
﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾


{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ} من موقف القيامة، حين يقضي الله بينهم {أَشْتَاتًا} أي: فرقا متفاوتين. {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} أي: ليريهم الله ما عملوا من الحسنات والسيئات، ويريهم جزاءه.
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} وهذا شامل عام للخير والشر كله، لأنه إذا رأى مثقال الذرة، التي هي أحقر الأشياء، (وجوزي عليها) فما فوق ذلك من باب أولى وأحرى، كما قال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا}

وهذه الآية فيها غاية الترغيب في فعل الخير ولو قليلاً والترهيب من فعل الشر ولو حقيرا.




فلْنَعْلم علم اليقين أن لنا من الأرض في الدنيا حافظ ورقيب ، وأنها في الآخرة يوم القيامة ناطق وشهيد ، هي في الدنيا حافظ ورقيب على أعمالك ، وهي في الآخرةِ ناطقة وشهيدة على سوء تصرفاتك .


عن شداد بن أوس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ )
[أخرجه الترمذي]

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا )[أخرجه الحاكم]
فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله أهكذا يحشرون عراة رجالا ونساء !! . فقال : يا عائشة الأمر أفظع من أن يَعْنيهم ذلك .
﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً﴾ متفرقين ، لا أنساب بينهم ، لا يعرف بعضهم بعضا . يوم الفزع الأكبر لا يعي الناس من حولهم
﴿ لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾ التي فعلوها في الدنيا ، هل تجاوزوا الحدود ؟ هل ظلموا ؟ هل ظلم الزوج زوجته ؟ هل ظلم صاحب العمل أجيره ؟ هل ظلم الجار جاره ؟ هل ظلم الابن أباه ؟ هل ظلم الأخ أخاه ؟ هل اعتدى على حقه ؟ هل اعتدى على عِرضه ؟ ماذا فعل ؟ هل بنى مجده على أنقاض الآخرين ؟ هل بنى غناه على فقرهم ؟ هل بنى أمْنَه على خوفهم ؟ .




﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾
[سورة الزلزلة الآيات: 6-8]
ما هي الذرة ؟ قال إذا دخلت الشمس على غرفة أحدكم ، لا بد أن ترى في جوّ الغُرفة ذرات متناهية في الصغر تحلق في جو الغرفة ، لو فعلت خيرا بهذا الحجم لما ضاع عليك ولرأيته يوم القيامة ، ولو فعلت شرا بهذا الحجم لما أُعْفيت منه ولرأيته يوم القيامة ، لا يكفي أن تراه بل تُحاسب عليه
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾
[سورة الزلزلة الآيات: 7-8]

من الأعمال التي نحقرها إذا أطعمت لقمة لزوجتك ، أو إطعامك لابنك فما قيمتها ؟ صحيح لا قيمة له في الدنيا ولكن هذا العمل سوف تلقاه يوم القيامة ، وكما أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أن تضع اللقمة في فمِ زوجك هي لك صدقة ، وأن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ هو لك صدقة ، وأن تميط الأذى عن الطريق هو لك صدقة ، وأن تُفرغ دلوك في دلو المُستَسقي هو لك صدقة ، وحتى إذا أنقذت فراشة ، إذا أنقذت نملة كادت تغرق في ماء الحوض ، هذا العمل سوف تلقاه يوم القيامة بنَصِّ الآية ،
كما سبق أن سردنا ألَمْ يَقُل الأعرابي للرسول : عِظْني وأوجز ،قال عليه الصلاة والسلام : ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾
قال قد كٌفيت ، كفيت يا رسول الله ، فقال : فقه الرجل ،




هذه السورة القصيرة في الجزء الأخير من كتاب الله ، لا يلتفت إليها الناس ولا يتدبروها
فقط لو فهموها حق الفهم ، لو عرفوا أبعادها ، لو صدقوها ، ليس بألسنتهم بقولهم : صدق الله العظيم ، ولكن بأعمالهم، ولكن للأسف أعمال الناس اليوم لا تصدق هذه الآية ، إن كان من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، وإن كان من يعمل مثقال ذرة شرا يره ، فكيف بمن يفعل الذنوب و السيئات الكبيرة التي تذخله في الكبائر وقد تدخله في الكفر والعياذ بالله؟ يعتدون على حقوق الناس ؛ يأكلون أموالهم بالباطل، يعتدون على على أعراضهم﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾[سورة الزلزلة الآيات: 7-8]
وفي ختام الموضوع نذكر بعضنا البعض بمحاسبة أنفسنا قبل أن نحاسب ، ونزن أعمالنا قبل أن توزن علينا ، وتذكر أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أَتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

أسأل الله أن ينبها من الغفلة قبل الحسرة والندامة


رد مع اقتباس