منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - أصول الإيمان
الموضوع: أصول الإيمان
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-09-2018, 11:54 AM
  #44
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: أصول الإيمان

الإيمان بالبعث
الإيمان بالبعث من أعظم أصول الإيمان في هذا الدين وهو مشتمل على جوانب متعددة مما دلت عليه النصوص في هذا الباب، وسيكون بحثه هنا من خلال عدة مطالب تجلي حقيقته وتبرز أهمية الإيمان به وما يجب على المؤمن أن يؤمن به من أحواله وأحداثه:
المطلب الأول: معنى البعث وحقيقته: البعث في كلام العرب يأتي على وجهين:
أحدهما: الإرسال، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى} (الأعراف: 103) ، أي: أرسلنا.
والثاني: الإثارة والتحريك، تقول بعثت البعير فانبعث أي أثرته فثار، ومنه بعث الموتى وذلك بإحيائهم وإخراجهم من قبورهم. قال تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} (البقرة: 56) ، أي: أحييناكم.
والبعث في الشرع: هو إحياء الله للموتى وإخراجهم من قبورهم.
وحقيقة البعث: أن الله تعالى يجمع أجساد المقبورين التي تحللت ويعيدها بقدرته كما كانت ثم يعيد الأرواح إليها ويسوقهم إلى محشرهم لفصل القضاء. قال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ - قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} (يس: 78، 79) .
وعن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: «إن رجلًا حضره الموت لما أيس من الحياة أوصى أهله: إذا مت فاجمعوا لي حطبًا كثيرًا ثم أوروا نارًا حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي فخذوها فاطحنوها فذروني في اليم في يوم حار أو راح فجمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك، فغفر له» (البخاري) .
فدلت الآية والأحاديث على أن الله تعالى يعيد الأجساد نفسها ويجمع رفاتها المتحلل حتى تعود كما كانت فيعيد إليها أرواحها فسبحان من لا يعجزه شيء وهو على كل شيء قدير.
وقد جاء في السنة بيان كيفية البعث وأن الله ينزل إلى الأرض ماءً فينبت به أهل القبور كما ينبت العشب وقد دل على ذلك حديث أبي هريرة الذي أخرجه الشيخان «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال: (ما بين النفختين أربعون) قال: أربعون يومًا. قال: أبَيْت، قال: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت، قال: (ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا، وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة» . فقد دل هذا الحديث على كيفية البعث وأن أهل القبور يبقون في قبورهم أربعين بين النفختين وهما نفخة الإماتة ونفخة البعث ولم يجزم الراوي بتحديد الأربعين ما هي وهل المراد أربعون يومًا أو شهرًا أو سنة على أنه جاء في بعض الروايات أنها أربعون سنة. ثم إذا أراد الله بعث الخلائق أنزل مطرًا من السماء. جاء في بعض الروايات أنه مثل مني الرجال فينبت أهل القبور من ذلك الماء كما ينبت العشب بعد أن فتت أجسادهم إلا عجب الذنب وهذا بخلاف الأنبياء فإن أجسادهم لا تبلى كما تقدم تقريره فتبين بهذا حقيقة البعث ووقته وكيفيته والله أعلم.

المطلب الثاني: أدلة البعث من الكتاب والسنة والنظر
دَلّ الكتابُ والسنة على بعث الله تعالى للأموات وجاء تقريره في مواطن كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم.
فمن الكتاب قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: 56) ، وقوله عز وجل: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (لقمان: 28) ، وقوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (التغابن: 7) .
ومن السنة حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم أنه قال: «لا تفضلوا بين أنبياء الله فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله قال: ثم ينفخ فيه مرة أخرى فأكون أول من بعث أو في أول من بعث فإذا موسى آخذ بالعرش» . .) (البخاري ومسلم) . وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الصحيحين: «فأكون أول من تنشق عنه الأرض» (البخاري ومسلم) . فدل الحديثان على بعث الله تعالى للأموات يوم القيامة من قبورهم إلى أرض المحشر وفيهما فضيلة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم لكونه أول من يبعث.
كما دل النظر الصحيح على تقرير البعث وذلك أن البعث هو إعادة للخلق ومعلوم لكل عاقل أن الإعادة للشيء أهون من إنشائه وابتدائه ولهذا قال الله تعالى في كتابه مقررًا للبعث ووقوعه بإبداء خلق الإنسان ونشأته الأولى وبأن القادر على الابتداء قادر على الإعادة من باب أولى، فقال المعترض على البعث كما حكى الله عنه: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (يس: 78) ، قال تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} (يس: 79) ، وقال تَعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (الروم: 27) . فهذا دليل شرعي عقلي من كتاب الله للرد على كل معاند مكذب بالبعث، وهو دليل لا يستطيع رده.
المطلب الثالث: الحشر
دلت النصوص على حشر العباد بعد بعثهم إلى أرض المحشر حفاة عراة غرلا قال تعالى: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} (الكهف: 47) ، وقال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (إبراهيم: 48) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم يقول: «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غُرْلا " قلت: يا رسول الله! النساء والرجال جميعًا، ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: (يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض» (متفق عليه) .
غُرْلا:غير مختونين
وهذا الحشر عام لجميع الخلائق. وقد دلت النصوص أن هناك حشرا آخر إما في الجنة وإما في النار فيحشر المؤمنون إلى الجنة وفدا والوفد هم القائمون الركبان. قال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} (مريم: 85) .
أخرج الطبري عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85] قال: (أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم، ولا يساقون سوقا ولكنهم يؤتون بنوق لم ير الخلائق مثلها، عليها رحال الذهب، وأزمتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة) (تفسير الطبري) . وأما الكفار فإنهم يحشرون إلى النار على وجوههم عميا وبكما وصما. قال تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا} (الفرقان: 34) . قال تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} (الإسراء: 97) .
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس