أخي الفاضل أبو مريم..
لست من الرافضات للزواج التقليدي .. وكذلك لست من الرافضات للزواج عن سابق معرفة .. رغم أنني أميل أكثر للثاني لسبب بسيط هو أن الحب غير مضمون بالفعل بعد الزواج .. بمعنى أنه قد يحدث وقد لا يحدث ... ولكن في كل الأحوال أنا من المؤيدات للنصيب .. والنصيب سيأتي بمشيئة رب العالمين سواء بالطريقة التقليدية أو غير التقليدية .. وكذلك بالطبع أنا من المؤيدات للأخذ بالأسباب
خُطبتُ سابقاً لشخص تقدم لي بطريقة تقليدية بحتة .. لا أعرفه ولا أعرف أحداً من أهله ولا يعرفني ولا يعرف أحداً من أهلي .. فقط كانت بيننا صديقة مشتركة .. شعرت بالقبول المبدئي .. ثم استخرت وقبلت وتمت الخطبة (بدون عقد قران طبعاً لأنني من الرافضات بشدة لعقد القران على شخص لا أعرفه) .. وبالطبع كانت بيننا مكالمات ولقاءات في بيت والدي حتى أتعرف عليه أكثر .. وسبحان الله لم يشأ الله أن نكمل معاً لأسباب عديدة .. أبسطها أنه طالبني بأن أقول له إنني أحبه بعد خطبتنا بأقل من أسبوعين بل وأصبح يلح في ذلك!!!!!! .. وقمتُ بفسخ الخطبة.
زوجي الحبيب لم يتقدم لي بالطريقة التقليدية .. بل كانت بداية تعارفنا غير تقليدية أبداً .. وشعرت بالراحة والانجذاب .. وبدأت شرارة الحب بيننا .. ورغم ذلك عندما سألني (هل تعتقدين أنني الشخص المناسب ليكون زوجاً لكِ) قلت له: (لا أستطيع أن أقول نعم لأنني لم أعرفك جيداً بعد) .. وقد احترم ردي كثيراً .. واكتشفت فيما بعد أنه كان يختبرني ويختبر مدى جديتي وعقلي ونضجي في التعامل مع الموضوع.
نعم أحببته .. ولكنني لم أسمح لحبي بأن يلغي عقلي ويغمض عيني عن أية عيوب محتملة يمكن أن تؤذي حياتنا وتهدد استقرارنا فيما بعد.
نعم أحببته .. ولكنني أردت مع الحب التزاماً وأخلاقاً واحتراماً ونضجاً وتحملاً للمسؤولية .. ولم أكن مستعدة أبداً للتنازل عن مطالبي هذه حتى لو كان حبي هذا هو أعظم وأكبر حب في الوجود .. لذلك فقد كنت حريصة جداً على مراقبة ورصد كل تصرف وكل كلمة حتى أتأكد من أنه الرجل الذي يستحق أن أقضي معه بقية حياتي ... والحمدلله لم أجد فيه إلا كل خير.
نعم أحببته وأحبني .. ولكننا لم ننطق بكلمة الحب إلا بعد شهور طويلة تأكد كل منا خلالها أن الآخر هو الشريك الذي يريده ومقتنع به تماماً.
رأيي أن المشكلة ليست في الحب قبل الزواج أو بعده .. ولكن المشكلة أن معظم الذين يحبون قبل الزواج يكونون غير ناضجين بشكل كافٍ مما يؤدي إلى فشل الارتباط فيما بعد .. وحتى في حالات الزواج التقليدية فإنني أزعم أن فشل معظمها مرده ايضاً عدم النضج وقلة الوعي.
وحقيقةً أنا لا أؤمن بأن الحب أعمى .. ولكنني أرى أن العقل هو الذي يكون أعمى أحياناً بسبب عدم النضج الكافي .. مما يؤدي بالمحب إلى إغماض عينيه عن مساوئ الطرف الآخر حتى لو كانت واضحة وضوح الشمس.