منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - صحيح السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 17-12-2018, 11:24 AM
  #30
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

ميثاق التحالف الإِسلامي:
وكما سبق ذكره تبين لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد عقد حلفًا بين المهاجرين والأنصار، وسأذكر بنود هذا الحلف من خلال الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الحلف:
194 - من حديث علي رضي الله عنه من روايات متعددة عنه من طرق عن عدد من التابعين وكل واحد منهم روى بعضها وكل ما ذكروه وارد فيها "الوثيقة أو الحلف".
من طريق إبراهيم التيمي، عن أبيه يزيد التيمي عن علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا، من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل) وقال: (وذمة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل، ومن تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل" (1).
195 - ومن طريق أبي جحيفة عن علي قال: فيها (الصحيفة) العقل وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر) (2).
196 - ومن طريق أبي حسان الأعرج "بعد أن ذكر الحديث زاد (المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد بعهده) وزاد أحمد: (إن إبراهيم حرم مكة؛ وإني أحرم ما بين حرتيها وحماها كله، لا يختلي خلاها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها, ولا يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره، ولا يحمل فيها السلاح لقتال) (3).
197 - ومن طريق أبي الطفيل (لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض، ولعن الله من لعن والده، ولعن الله من آوى محدثا) (4).
198 - ومن طريق لإبراهيم التيمي قال: (فيها الجراحات وأسنان الإبل) (5).
يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري:
والجمع بين هذه الأخبار أن الصحيفة المذكورة كانت مشتملة على مجموع ما ذكره، فنقل كل راو بعضها، وأتمها سياقًا طريق أبي حسان كما ترى والله أعلم (6).
ومن الواضح أن هذه المقتطفات معظمها يطابق -نصًّا- ما ورد في الوثيقة: كما أنها تغطي معظم بنود الوثيقة المتعلقة بالتزامات المسلمين من المهاجرين والأنصار بعضهم تجاه بعض، ولكن ليس فيها إشارة إلى البنود المتعلقة بموادعة اليهود، مما يرجح أن الوثيقة في الأصل وثيقتان، وأن الصحيفة التي كانت معلقة بسيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صارت عند علي رضي الله عنه هي نفس الكتاب بين المهاجرين والأنصار (7).
وهكذا يتبين أن الرسول - عليه السلام - قد حالف بين الأنصار والمهاجرين في وثيقة خاصة بهم، ووادع اليهود في وثيقة أخرى، الأولى بعد بدر حدد فيها التزاماتهم بعضهم تجاه بعض، والثانية قبل بدر أول قدوم النبي المدينة، لكن المؤرخين جمعوا بين الوثيقتين" (8).
وسأنقل نص الوثيقة كاملة وقد سبق التكلم عن صحتها وقوتها:
جـ - نص الوثيقة:
1 - هذا كتاب من محمَّد النبي (رسول الله) بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تابعهم فلحق بهم وجاهد معهم.
2 - إنهم أمة واحدة من دون الناس.
3 - المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم، وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
4 - وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
5 - وبنو الحارث "بن الخزرج" على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف.
6 - وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
7 - وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
8 - وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
9 - وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
10 - بنو النّبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
11 - وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.
12 - وإن المؤمنين لا يتركون مفرحًا (9) بينهم أن يعطوه بالمعروف من فداء أو عقل. المفرح: المثقل بالدين وكثير العيال
(12 ب) وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه.
13 - وأن المؤمنين المتقين (أيديهم) على كل من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم (10)، أو إثما، أو عدوانا أو فسادًا بين المؤمنين، وإن أيديهم عليهم جميعًا، ولو كان ولد أحدهم.( دسيعة ظلم: الدسيعة هي العطية وهي ما يخرج من حلق البعير إذا رغا ومعناه ما: ما ينال فهم من ظلم.)
14 - ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر، ولا ينصر كافرًا على مؤمن.
15 - وإن ذمة الله واحدة يجير أدناهم، وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس.
16 - وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصرة والأسوة، غير مظلومين ولا متناصر عليهم.
17 - وإن سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم.
18 - وإن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضًا.
19 - وإن المؤمنين يبيء (11) بعضهم عن بعض بما نال دماءهم في سبيل الله. يبيء: يمنع ويكف.
20 - وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدي وأقومه.
20 ب - وأنه لا يجير مشرك مالًا لقريش ولا نفسًا ولا يحول دونه على مؤمن.
21 - لأنه من اعتبط (12) مؤمنًا قتلًا عن بينة فإنه قود به، إلا أن يرضى ولي المقتول (بالعقل)، وأن المؤمنين عليه كافة، ولا يحل لهم إلا قيام عليه. اعتبط: قتل مؤمنًا من غير شيء يوجب قتله.
22 - وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة، وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثًا أو يؤويه، وأن من نصره فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل.
23 - وإنه مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله وإلى محمَّد.
24 - وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.
25 - وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمن دينهم، مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم نفسه وأثم لا يوتغ (13) إلا نفسه وأهل بيته. يرتغ: يهلك.
26 - وإن يهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف.
27 - وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف.
28 - وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف.
29- وإن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف.
30 - وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف.
31 - وإن ليهود بني ثعلبة ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته.
32 - وإن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم.
33 - وإن لبني الشطيبة مثل ما ليهود بني عوف وأن البر دون الإثم.
34 - وإن موالي ثعلبة كأنفسهم.
35 - وإن بطانة يهود كأنفسهم.
36 - وإنّه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمَّد.
36 ب - وإنه لا ينحجز على ثار جرح؛ لأنه من فتك فبنفسه وأهل بيته إلا من ظلم وأن الله على أبر هذا.
37 - وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح والبر دون الإثم.
37 ب - وإنه لا يأثم أمر بحليفه وإن النصر للمظلوم.
38 - وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.
39 - وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة.
40 - وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم.
41 - وإنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها.
42 - وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث، أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله وإلى محمَّد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره.
43 - وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها.
44 - وإن بينهم النصر على من دهم يثرب.
45 - وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإن لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين.
45 ب - على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم.
46 - وإن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة، وإن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه، وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره.
47 - وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وأنه من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة، إلا من ظلم وأثم, وإن الله جار عن بر وتقي، ومحمد
رسول الله (14).
ولقد حلل الأستاذ أكرم ضياء العمري حفظه الله هذه الوثيقة تحليلًا طيبًا، وكتب حولها بحثًا قيمًا في كتابه المجتمع المدني نقلت جزءًا كبيرًا منه لنفاسته وجودته، والله الموفق.
.................................................. ..............................................
(1) أخرجه البخاري في فضائل المدينة باب حرم المدينة رقم: 1870، 3172, 3176، 6755، 7300, ومسلم في الحج باب ضل المدينة: 1370، أبو داود: المناسك باب في تحريم المدينة: 2034، والترمذي في الولاء باب ما جاء فيمن تولى غير مواليه: 2128 وأحمد في المسند: 1/ 81، 126.
(2) أخرجه البخاري في العلم باب كتابة العلم: 111، الجهاد , باب فكاك الأسير: 3047، الديات باب لا يقتل المسلم بالكافرة: 6915، 6755 الترمذي الديات باب ما جاء لا يقتل مسلم بكافر: 1412، وابن ماجه: في الديات: 2658، النسائي في القسامة باب سقوط القود من المسلم للكافر: 8/ 24، والحميدي رقم: 40، وأحمد: 1/ 79، والطحاوي شرح معاني الآثار: 3/ 192.
(3) أخرجه أحمد في المسند: 1/ 119، والثاثي القسامة باب القود بين المماليك والأحرار: 8/ 20 بدون قوله: إن إبراهيم).
(4) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي باب تحريم الذبح لغير الله ولعن فاعله حديث رقم: 1978.
(5) أخرجه البخاري في كتاب الجزية والموادعة باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة رقم: 3172.
(6) فتح الباري: 4/ 85.
(7) المجتمع المدني: 4/ 85.
(8) المصدر السابق: ص 117 ببعض التصرف.
(9) المفرح: المثقل بالدين وكثير العيال.
(10) دسيعة ظلم: الدسيعة هي العطية وهي ما يخرج من حلق البعير إذا رغا ومعناه ما: ما ينال فهم من ظلم.
(11) يبيء: يمنع ويكف.
(12) اعتبط: قتل مؤمنًا من غير شيء يوجب قتله.
(13) يرتغ: يهلك.
(14) المجتمع المدني: ص 119 - 122
.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس