منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الحياة مع الله ’’’
عرض مشاركة واحدة
قديم 27-06-2013, 06:05 AM
  #10
*سر الحياة*
كبار شخصيات المنتدى
تاريخ التسجيل: Jun 2013
المشاركات: 13,758
*سر الحياة* غير متصل  
رد : الحياة مع الله ’’’

(أسماء الله تعالى كلَّها حُسنى)

بسم الله الرحمن الرحيم



لقد امتدح الله في القرآن الكريم أسماءه العظيمة، بوصفها كلها أنها حسنى، وتكرر وصفها بذلك في القرآن في أربعة مواضع:
*قال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[الأعراف : 180>.
*وقال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى}[الإسراء : 110>.


*وقال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى}[طه : 8>.
*وقال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الحشر : 24>.
ففي هذه الآيات، وصفٌ لأسمائه سبحانه جميعَها بأنها حسنى، أي بالغة في الحسن كماله ومنتهاه، وهي جمع الأحسن، لا جمع الحسن، فهي أفعل تفضيلٍ، معرَّفة باللام، أي: لا أحسن منها بوجه من الوجوه، بل لها الحسن الكامل التام المطلق لكونها أحسن الأسماء.

وهو المثل الأعلى في قوله سبحانه: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الروم:7 >، أي الكمال الأعظم في ذاته، وأسمائه، وصفاته، ولذا كانت أحسنَ الأسماء بل ليس في الأسماء أحسنُ منها، ولا يسدُّ غيرُها مسدَّها، ولا يقوم غيرُها مقامَها، ولا يؤدي معناها.

وتفسير الاسم منها بغيره ليس تفسيرًا بمرادفٍ محض، بل هو على سبيل التقريب والتفهيم، لِكمالها في مبناها، ومعناها، ولحسنها في ألفاظها ومدلولاتها، فهي أحسن الأسماء كما أن صفاته –سبحانه وتعالى- أكمل الصفات.
والوصف بالحسنى وصفٌ لها كلَّها، فهي كلها حُسنى ليس فيها اسم غير ذلك؛ لأنها كلها أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد.

فالله –تبارك وتعالى- لكماله، وجلاله، وجماله، وعظمته، لا يُسمى إلا بأحسن الأسماء، كما أنه لا يوصف إلا بأحسن الصفات، ولا يثنى عليه إلا بأكمل الثناء وأحسنه وأطيبه.
وأسماء الله إنما كانت حُسنى، لكونها قد دلت على صفة كمال عظيمة لله، فإنها لو لم تدل على صفة بل كانت عَلَمًا محضًا لم تكن حسنى، ولو دلت على صفة ليس بصفة كمال لم تكن حُسنى، ولو دلت على صفة ليست بصفة كمال بل إنما صفة نقص أو صفة منقسمة إلى المدح والقدح لم تكن حُسنى.


فأسماء الله جميعها دالة على صفات كمالٍ، ونعوت جلالٍ، للرب -تبارك وتعالى-، فهي حُسنى باعتبار معناها وحقائقها لا بمجرد ألفاظها، إذ لو كانت ألفاظًا لا معاني لها لم تكن حسنى، ولا كانت دالة على مدح وكمال، و لساغ وقوع أسماء الانتقام والغضب في مقام الرحمة والإحسان وبالعكس، فيُقال: اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت المنتقم، أو يقول: اللهم أعطني فإنك أنت الضار المانع، ونحو ذلك من الكلام المتنافر غير المستقيم.
ولهذا، فإن كل اسم من أسماء الله، دال على معنىً من صفات الكمال، ليس هو المعنى الذي دل عليه الاسم الآخر، فالرحمن مثلاً: يدل على صفة الرحمة، والعزيز يدل على صفة العزة، والخالق يدل على صفة الخلق، والكريم يدل على صفة الكرم، والمحسن يدل على صفة الإحسان وهكذا.
وإن كانت جميعها متفقة في الدلالة على الرب تبارك وتعالى.

ولهذا فهي من حيث دلالتها على الذات مترادفة، ومن حيث دلالتها على الصفات متباينة، لدلالة كل اسم منها على معنى خاص مستفاد منه.
قال العلامة ابن القيم –رحمه الله-: أسماء الرب -تبارك وتعالى- كلها أسماء مدح، ولو كانت ألفاظا مجردة لا معاني لها، لم تدل على المدح، وقد وصفها الله سبحانه بأنها حسنى كلَّها، فقال: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[الأعراف : 180>، فهي لم تكن حُسنى لمجرد اللفظ بل لدلالتها على أوصاف الكمال.
ولهذا لمَّا سمع بعض الأعراب قارئاً يقرأ: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله غفور رحيم، قال: ليس هذا بكلام الله تعالى، فقال القارئ: أتكذب بكلام الله، قال: لا ، ولكن ليس هذا بكلام الله، فعاد القارئ إلى حفظه، وقرأ: والله عزيز حكيم، فقال الأعرابي: صدقت عزّ فحكم فقطع، ولو غفر ورحم لما قطع. ولهذا إذا ختمت آية الرحمة باسم عذاب أو بالعكس، ظهر تنافر الكلام وعدم انتظامه. وعليه فإن دعاء الله بأسمائه المأمور بها في قوله تعالى: {فَادْعُوهُ بِهَا}، لا يتأتى إلا مع العلم بمعانيها، فإنه إن لم يكن عالماً بمعانيها، ربما جعل في دعائه الاسم في غير موطنه، كأن يختم طلب الرحمة باسم العذاب أو العكس، فيظهر التنافر في الكلام وعدم الاتفاق.
ومن يتدبرالأدعية الواردة في القرآن الكريم، أو في سنة النبي –صلى الله عليه وسلم- يجد أنه ما من دعاء منها يختم بشيء من أسماء الله الحسنى إلا ويكون في ذلك الاسم ارتباط، وتناسب مع الدعاء المطلوب، كقوله تعالى: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[البقرة : 127>، وقوله: {ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين}[المؤمنون : 109>، وقوله تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}[الأعراف : 89>، وهكذا الشأن في عامة الدعوات المأثورة.

إن معرفة المسلم لهذا الوصف العظيم لأسماء الله تعالى، يزيد فيه التعظيم لها، والإجلال، والحرص، على فهم معانيها الجليلة، ومدلولاتها العظيمة، ويبعده عن منزلقات المنحرفين، وتأويلات المبطلين، وتخرَّصات الجاهلين.هذا ويمكن أن نلخِّص المعاني المستفادة والثمار المجْنية من هذا الوصف لأسماء الله فيما يلي:_

الأول: أنها أسماء دالة على أحسن مسمىً وأجلّ موصوف، وهو الله –تبارك وتعالى- ذو الجلال، والجمال، والكمال.
الثاني: أن فيها إجلالاً لله، وتعظيمًا، وإكبارًا، وإظهارًا لعظمته، ومجده، وكماله، وجلاله، وكبريائه –سبحانه-.
ثالثاً: أن كل اسم منها دال على ثبوت صفات كمال الله –جلَّ وعلا- ولذا كانت حسنى، وصفاته –تبارك وتعالى- كلها صفات كمال، ونعوته كلها نعوت جلال، وأفعاله كلها حكمة ورحمة، ومصلحة وعدل.
رابعاً: أنها ليس فيها اسمًا يحتوي على الشر، أو يدلُّ على نقص، فالشر ليس إليه فلا يدخل في صفاته، ولا يلحق ذاته، ولا يكون شيء من أفعاله، فلا يُضاف إليه فعلاً ولا وصفاً.
الخامس: أن الله أمر عباده بدعائه بها، بقوله: { فَادْعُوهُ بِهَا}، وهذا شامل لدعاء العبادة، ودعاء المسألة، وهذا من أجل الطاعات، وأعظم القُرب.
السادس: أن الله وعد من أحصى تسعة وتسعين اسماً منها، حفظًا، وفهمًا، وعملاً بما تقتضيه، بأن يدخله الجنة، وهذا من بركات هذه الأسماء.
رد مع اقتباس