منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 22-08-2017, 09:07 AM
  #51
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

المسألة الثامنة: دفن الميت وصفة القبر وما يسن فيه:
ويسن أن يعمق القبر، وأن يوسع، وأن يُلْحَدَ له فيه، وهو: أن يحفر في قاع القبر حفرة في جانبه إلى جهة القبلة، فإن تعذر اللحد فلا بأس بالشق، وهو: أن يحفر للميت في وسط القبر، لكن اللحد أفضل، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اللحد لنا، والشق لغيرنا) (صححه الألباني).
ويوضع الميت في لحده على شقه الأيمن مستقبل القبلة، وتسد فتحة اللحد باللبن والطين، ثم يهال عليه التراب، ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر مسنماً -أي على هيئة السنام- لثبوت ذلك في صفة قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصاحبيه (انظر: الشرح الممتع (4/ 458)، ليعلم أنه قبر فلا يهان، ولا بأس بوضع أحجار أو غيرها على أطرافه لبيان حدوده ومعرفته، ويحرم البناء على القبور وتجصيصها والجلوس عليها، كما يكره الكتابة عليها، إلا بقدر الحاجة للإعلام؛ لحديث جابر - رضي الله عنه - قال: (نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يُجَصَّص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه) (رواه مسلم برقم (970) (يجصص أي: يطلى بالجص، وهو الكلس أو الكج الذي تطلى به البيوت). زاد الترمذي: (وأن يكتب عليها).
ولأن هذا من وسائل الشرك والتعلق بالأضرحة، وهذا مما يغترُّ به الجُهَّال ويتعلقون به.
ويحرم أيضاً إسراج القبور أي إضاءتها؛ لما فيه من التشبه بالكفار، وإضاعة المال، وبناء المساجد عليها، والصلاة عندها أو إليها؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) (متفق عليه).
وتحرم إهانتها بالمشي عليها أو وطئها بالنعال أو الجلوس عليها وغير ذلك؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده، خير من أن يجلس على قبر) (رواه مسلم برقم (971)، ولنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الوطء على القبور (أخرجه الترمذي برقم (1064) وقال: حسن صحيح).
ويستحب عند الفراغ من الدفن الدعاء للميت؛ لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فإنه كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل) (صححه الحاكم في المستدرك (1/ 370)، ووافقه الذهبي). وأما قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن عند القبر فإنه بدعة منكرة؛ لأنه لم يفعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا صحابته الكرام، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) (متفق عليه).
المسألة التاسعة: التعزية، حكمها، وكيفيتها:
والتعزية: هي تسلية المصاب وتقويته على تحمل مصيبته، فتذكر له الأدعية والأذكار الواردة في فضيلة الصبر والاحتساب.
وتشرع تعزية أهل الميت بما يخفف عنهم من مصابهم، ويحملهم على الرضا والصبر، بما ثبت عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن كان يعلمه، ويستحضره، وإلا فبما تيسر له من الكلام الحسن الذي يحقق الغرض، ولا يخالف الشرع. فعن أسامة بن زيد قال: كنا عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبياً لها أو ابناً لها في الموت، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ارجع إليها فأخبرها: أن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمُرْها فلتصبر، ولتحتسب) (متفق عليه) وهذا من أحسن الألفاظ الواردة في التعزية. وينبغي عند العزاء تجنُّب بعض الأمور التي انتشرت بين الناس، وليس لها أصل في الشرع، منها:
1 - الاجتماع للتعزية في مكان خاص بجلب الكراسي والإضاءة والقراء.
2 - عمل الطعام خلال أيام العزاء من قبل أهل الميت لضيافة الواردين للعزاء. لحديث جرير البجلي - رضي الله عنه - قال: (كنا نعدُّ الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) (صححه الألباني).
3 - تكرار التعزية، فبعض الناس يذهب إلى أهل الميت أكثر من مرة ويعزيهم، والأصل أن تكون التعزية مرة واحدة، ولكن إذا كان القصد من تكرارها التذكير والأمر بالصبر، والرضا بقضاء الله وقدره، فلا بأس. وأما إن كان تكرارها لغير هذا القصد فلا ينبغي؛ لعدم ثبوت ذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه.
والسنة أن يعمل أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاماً؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم أمر يشغلهم -أو أتاهم ما يشغلهم-) (حسَّنه الألباني).
وأما البكاء والحزن على الميت فلا بأس به ويحصل في الغالب، وهو الذي تمليه الطبيعة دون تكلف، فقد بكى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ابنه إبراهيم حين مات، وقال: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ... ) (أخرجه البخاري برقم (1303).
لكن لا يكون ذلك على وجه التسخط والجزع والتشكي. ويحرم الندب، والنياحة، وضرب الخدود، وشق الجيوب؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية) (متفق عليه)، كقوله: يا ويلاه، يا ثبوراه وما أشبه ذلك، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة، وعليها سربال من قطران، ودرع من جَرَب) (أخرجه مسلم برقم (934). والجرب: مرض معروف، وهو بثور تعلو الجلد، ويكون معها حكة).

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس