رد : أسرار الصلاة ..!
أهل الصدق إذا دخلوا في السماع الباطل/
و لهذا كان بعض الصادقين إذا فارق السماع بادر إلى تجديد التوبة و الاستغفار ، و أخذ في أسباب التداوي التي يُدفع بها موجب أسباب القبض و الوحشة و البعد.
و هذا القدر إنما يعرفه أولوا الفقه في الطريق أصحاب الفِطَن ، المعتنون بتكميل نفوسهم ، و معرفة أدوائها و أدويتها و الله المستعان.
و لا ريب أن الصادق في سماع الأبيات قد يجد ذوقاً صحيحاً إيمانياً ، و لكن ذلك بمنزلة من شرب عسلاً في إناء نجس.
و النفوس الصادقة ذوات الهمم العالية رفعت أنفسها عن الشراب في ذلك الإناء تقذراً له ، ففرت منه لاستقامتها و طهارتها ، و علو همتها فهي لا تشرب ذلك الشراب إلا في إناء يناسبه ، فإذا لم يجد إناء يناسبه صانت الشراب عن وضعه في ذلك الإناء ، و انتظرت أن يليق به.
و غيرها من النفوس تضع ذلك الشراب في أي إناء انفق لها ؛ من عظام ميتة أو جلد كلب أو خنزير أو إناء خمر ، طالما ما شرب به الخمر ، أو لا يستحي الغراب أن يشرب أطيب شراب و ألذه في هذه الآنية ؟
و لو جرَّد الصادق ذلك في حال سماعه لوجد ذوقه من ذلك ، و لكن حلاوة العسل تغيب عنه نتنه و قذره و أثر قبحه على قلبه في تلك الحال ، فبعد مفارقته يوجب له ذلك وحشةً و قبضاً ، هذا إذا كان صادقاً في حاله مع الله و كان سماعه لله و بالله.
و أما إن كان كاذباً كان سماعه للذة نفسه و حظه فهو يشرب النجاسات في الآنية القذرات و لا يحس بشيء مما ذكرناه ؛ لاستيلاء الهوى و النفس و الشيطان عليه.
و أما صاحب السماع القرآني الذي تذوَّقه ، و شرب منه ، فهو يشرب الشراب الطهور ، الطيب النظيف في أنظف إناءٍ ، و أطيبه ، و أطهره .
فالآنية ثلاثة : نظيف ، و نجس ، و مختلط.
و الشرابات ثلاثة : طاهر و نجس و ممزوج.