منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الزواج و الأسرة في السُنَّةِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 27-12-2016, 10:32 PM
  #28
محب السنة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016 ]
 الصورة الرمزية محب السنة
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 1,919
محب السنة غير متصل  
رد: الزواج و الأسرة في السُنَّ



9-


عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ»، فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: «تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي»، قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ»، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ
أخرجه مسلم في صحيحه برقم (1480)




قال الإمام أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي القرطبي الباجي الأندلسي (ت: 474هـ) فيكتابه (المنتقى شرح الموطإ) :


وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا حَلَلْت فَآذِنِينِي» يُرِيدُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك فَأَعْلِمِينِي قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: فِيهِ التَّعْرِيضُ بِالْخُطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَعْلَمَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمِ بْنَ هِشَامٍ خَطَبَاهَا، وَهُوَ أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ الْعَدَوِيُّ وَأَبُو جَهْمِ بْنُ هِشَامٍ انْفَرَدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَهُوَ وَهْمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ» يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ فِيهِ شِدَّةً عَلَى النِّسَاءِ وَكَثْرَةَ تَأْدِيبٍ، وَهَذَا اللَّفْظُ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ أَنْ يَضَعَ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَقْتَ نَوْمِهِ وَأَكْلِهِ فَصَحِيحٌ عَلَى مَقَاصِدِ الْعَرَبِ فِي كَلَامِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ إلَّا الْمُبَالَغَةَ فِي وَصْفِهِ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» وَرَاعَى فِي ذَلِكَ حَاجَةَ النِّسَاءِ إلَى الْمَالِ يَكُونُ عِنْدَ الزَّوْجِ لِمَا لَهُنَّ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَوْرَدَتْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمَشُورَةِ وَتَفْوِيضِ الِاخْتِيَارِ إلَيْهِ فَنَصَحَهَا وَذَكَرَ لَهَا مَا عَلِمَ مِنْ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا تَحْتَاجُ هِيَ إلَى مَعْرِفَتِهِ لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِمَنَافِعِهَا وَمَضَارِّهَا وَفَعَلَ ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ النُّصْحِ لِلنِّسَاءِ، وَالرِّجَالِ وَأَهْلِ الْحَاجَةِ، وَالضَّعْفِ قَالَ ابْنُ وَضَاحٍ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» فِيهِ إنْكَاحُ الْمَوَالِي الْقُرَشِيَّاتِ؛ لِأَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قُرَشِيَّةٌ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَوْلًى وَجَازَ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَهُ مِنْ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ لَمَّا لَمْ يُوجَدْ رُكُونٌ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا تَسْمِيَةُ صَدَاقٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَرْكَنْ إلَى إحْدَاهُمَا أَنَّهَا إنَّمَا ذَكَرَتْ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا وَلَمْ تَذْكُرْ رُكُونًا إلَى أَحَدِهِمَا، لَوْ كَانَ مِنْهَا رُكُونٌ إلَى أَحَدِهِمَا لَذَكَرَتْهُ دُونَ الْآخَرِ وَهَذِهِ حَالَةٌ تَجُوزُ فِيهَا الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ فَخَطَبَهَا لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.

وَقَوْلُهَا فَكَرِهَتْهُ تُرِيدُ أَنَّهَا كَرِهَتْ نِكَاحَهُ لِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي وَلَعَلَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَوَالِي وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَكْرَهُ ذَلِكَ وَتَتَرَفَّعُ عَنْهُ فَأَعَادَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَنْكِحَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ لِمَا عَلِمَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَهَا وَلِمَا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مِنْ جَوَازِ إنْكَاحِ الْقُرَشِيَّاتِ الْمَوَالِيَ قَالَتْ: فَنَكَحْته فَجَعَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا كَثِيرًا وَاغْتَبَطَتْ بِهِ تُرِيدُ أَنَّهَا عَرَفَتْ حُسْنَ الْعَاقِبَةِ فِي اتِّبَاعِ رَأْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنِكَاحِهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَإِنْ كَانَتْ كَرِهَتْهُ أَوَّلًا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19] .اهــ


يتبع ...
__________________
أنا جنتي وبستاني في صدري أين رحت فهي معي لا تفارقني إن حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدى سياحة
إبن تيمية


رد مع اقتباس