منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الزواج و الأسرة في السُنَّةِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 31-12-2016, 01:44 PM
  #30
محب السنة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016 ]
 الصورة الرمزية محب السنة
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 1,919
محب السنة غير متصل  
رد: الزواج و الأسرة في السُنَّ


11-

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ» قَالُوا: كَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: «أَنْ تَسْكُتَ» وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: «إِنِ احْتَالَ إِنْسَانٌ بِشَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ بِأَمْرِهَا، فَأَثْبَتَ القَاضِي نِكَاحَهَا إِيَّاهُ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا قَطُّ، فَإِنَّهُ يَسَعُهُ هَذَا النِّكَاحُ، وَلاَ بَأْسَ بِالْمُقَامِ لَهُ مَعَهَا»
أخرجه البخاري رحمه الله برقم (6790) ومسلم رحمه الله برقم (1419)


قال الإمام الترمذي رحمه الله (ت279 هــ) في سننه بعد ما أخرج هذا الحديث برقم (1107) قال :
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ: أَنَّ الثَّيِّبَ لاَ تُزَوَّجُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَإِنْ زَوَّجَهَا الأَبُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَأْمِرَهَا فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ، عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ العِلْمِ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ إِذَا زَوَّجَهُنَّ الآبَاءُ، فَرَأَى أَكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ الأَبَ إِذَا زَوَّجَ البِكْرَ وَهِيَ بَالِغَةٌ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَلَمْ تَرْضَ بِتَزْوِيجِ الأَبِ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ.
وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: تَزْوِيجُ الأَبِ عَلَى البِكْرِ جَائِزٌ، وَإِنْ كَرِهَتْ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ. اهــ



قال الإمام ابن بطال رحمه الله (ت 449 هــ) في شرحه لصحيح البخاري :
قال ابن المنذر: فى هذا الحديث النهى عن نكاح الثيب قبل الاستئمار، وعن نكاح البكر قبل الاستئذان، ودل هذا الحديث على أن البكر التى أمر باستئذانها البالغ، إذ لا معنى لاستئذان من لا إذن لها، ومن سكوتها وسخطها سواء. اختلف العلماء فى تأويل هذا الحديث، فقالت طائفة: لا يجوز للأب أن ينكح البالغ من بناته بكرًا كانت أو ثيبًا إلا بإذنها، قالوا: والأيم التى لا زوج لها، وقد تكون بكرًا وثيبًا، وظاهر هذا الحديث يقتضى أن تكون البكر لا ينكحها وليها أبًا كان أو غيره حتى يستأمرها، وذلك لا يكون إلا فى البوالغ لما دل عليه الحديث، ولتزويج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عائشة وهى صغيرة. وهذا قول الثورى، والأوزاعى، وأبى حنيفة، وأصحابه، وأبى ثور، واحتجوا بهذا الحديث؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال قولاً عامًا: (لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الثيب حتى تستأمر) ، وكل من عقد نكاحًا على غير ما سنه النبى، عليه السلام، فهو باطل، ودل الحديث على أن البكر إذا نكحت قبل إذنها بالصمت أن النكاح باطل، كما يبطل نكاح الثيب قبل أن تستأمر. وقالت طائفة: للأب أن يزوج البكر بغير إذنها صغيرة كانت أو كبيرة، ولا يزوج الثيب إلا بإذنها، وهو قول ابن أبى ليلى، ومالك، والليث، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وقال أبو قرة: سألت مالكًا عن قول النبى (صلى الله عليه وسلم) : (البكر تستأذن فى نفسها) ، أيدخل فى هذا الأب؟ قال: لا، لم يعن بهذا الأب إنما عنى به غير الأب. وإنكاح الأب جائز على الصغار ولا خيار لواحدة منهن بعد البوغ. وقال ابن حبيب: وقد ساوى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين البكر والثيب فى مشاورتهما فى أنفسهما، ولم يفرق بينهما إلا فى الجواب بالرضا، فإنه جعل جواب البكر بالرضا فى صماتها لاستحيائها، وجعل جوابها بالكراهة لذلك فى الكلام؛ لأنه لا حياء عليها فى كراهيتها كما يكون الحياء فى رضاها، ولم يلزم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الثيب الرضا بالصمات حتى تتكلم بالرضا لمفارقتها فى الحياء حال البكر لما تقدم من نكاحها، والدليل على أن المراد باستئمار البكر غير ذات الأب ما روى أبو نعيم، قال: حدثنا يونس بن أبى إسحاق، قال: حدثنى أبو بردة بن أبى موسى، عن أبيه، أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (تستأمر اليتيمة فى نفسها، فإن سكتت فهو إذنها) ، ففرق بتسميته إياها يتيمة بينها وبين من لها أب. فإذا كانت ثيبًا، فيلزم الأب مؤامرتها، ولا يجوز نكاحه عليها بغير إذنها. وأما قول الكوفيين: الأيم التى لا زوج لها وقد تكون بكرًا، فالجواب أن العرب وإن كانت تسمى كل من لا زوج لها أيمًا فهو على الاتساع وأصل الأيمة عدم الزوج بعد أن كان، لكن المراد بالأيم فى هذا الحديث الثيب، والدليل على ذلك أنه قد
روى جماعة عن مالك: (والثيب أحق بنفسها من وليها) ، مكان قوله: (الأيم أحق بنفسها) ، ثم قال: (والبكر تستأذن) ، فذكر البكر بعد ذكره الأيم، فدل أنها الثيب، ولو كانت الأيم فى هذا الحديث البكر لبطل الولى فى النكاح ولكانت كل بكر لا زوج لها أحق بنفسها من وليها، وكان هذا التأويل ردًا لقوله تعالى: (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) [البقرة: 232] ، فخاطب بذلك الأولياء. واختلفوا فى الثيب الصغيرة، فقال مالك وأبو حنيفة: يزوجها أبوها جبرًا كالبكر، وسواء أصيبت بنكاح أو زنا. وقال الشافعى: لا يزوجها إلا بإذنها، وسواء جومعت بنكاح أو زنا. ووافقه أبو يوسف ومحمد إذا كان الوطء بزنا، واعتلوا بأنها إذا جربت الرجال كانت أعرف بحظها من الولى، فوجب أن يكون الأمر لها. واحتج الأولون، فقالوا: لما كانت محجورًا عليها فى مالها حجر الصغير جاز أن يجبرها على النكاح، وأيضًا فإنها قد ساوت البكر الصغيرة فى أنها لا يصح اختيارها، فلا معنى لاستئمارها. اهـــ
__________________
أنا جنتي وبستاني في صدري أين رحت فهي معي لا تفارقني إن حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدى سياحة
إبن تيمية


رد مع اقتباس