منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - أصول الإيمان
الموضوع: أصول الإيمان
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-2018, 11:16 AM
  #54
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: أصول الإيمان

التحذير من البدع
تعريف البدعة: البدعة لغة: هي الاختراع على غير مثال سابق ومن ذلك قول الله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117] أي مخترعهما.
وشرعًا: ما خالف الكتاب والسنة، أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات المحدثة في الدين.
الآثار السيئة للبدع
إن البدع والمحدثات في الدين لها خطورة عظيمة، وآثار سيئة على الفرد والمجتمع بل وعلى الدين كله أصوله وفروعه. فالبدع: إحداث في الدين، وقول على الله بغير علم وشرع في الدين بما لم يأذن به الله، والبدعة سبب في عدم قبول العمل وتفريق الأمة، والمبتدع يحمل وزره ووزر من تبعه في بدعته، كما أن البدعة سبب في الحرمان من الشرب من حوض النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم فعن سهل بن سعد الأنصاري، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال: «أنا فَرَطُكم على الحوض من مرّ علي شرب، ومن شرب لا يظمأ أبدًا. ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم فأقوِل إنهم من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: سحقاَ لمن غيّر بعدي» (البخاري ومسلم) . والفرط: الذي يسبق إلى الماء.
وسحقًا: أي بعدًا.
والبدعة تشويه للدين، وتغيير لمعالمه. والخلاصة أن البدعة خطر عظيم على المسلمين في أمر دينهم ودنياهم.
أسباب البدعة
للبدع أسباب كثيرة أعظمها البعد عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم ومنهج السلف الصالح، الأمر الذي يؤدي إلى الجهل بمصادر التشريع.
ومن أسباب انتشار البدع، التعلق بالشبهات والاعتماد على العقل المجرد وجلساء السوء، والاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي يستدل بها المبتدعة على بدعهم، والتشبه بالكفار، وتقليد أهل الضلال ونحو ذلك من الأسباب الخطيرة.
خطر البدع
من تأمل الكتاب والسنة وجد أن البدع في الدين محرمة ومردودة على أصحابها من غير فرق بين بدعة وأخرى، وإن كانت تتفاوت درجات التحريم بحسب نوعية البدعة.
ومن المعلوم أن النهي عن البدع قد ورد على وجه واحد في قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم «إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» (صححه الحاكم ووافقه الذهبي) . وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (البخاري ومسلم) . فدل الحديثان على أن كل محدث في الدين فهو بدعة، وكل بدعة ضلالة مردودة، ومعنى ذلك أن البدع في العبادات والاعتقادات محرمة، ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوع البدعة فمنها ما هو كفر صراح كالطواف بالقبور تقربا إلى أصحابها، وتقديم الذبائح والنذور لها، ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم، ومنها ما هو من وسائل الشرك كالبناء على القبور، والصلاة والدعاء عندها، ومنها ما هو فسق ومعصية كإقامة الأعياد التي لم ترد في الشرع، والأذكار المبتدعة والتبتل والصيام قائما في الشمس.
ذم التفرق والاختلاف
الأدلة على ذم التفرق: لقد ذم الله التفرق ونهى عن الطرق والأسباب المؤدية إليه. وقد جاءت النصوص من الكتاب والسنة التي تحذر من التفرق والاختلاف وتبين سوء عاقبته وأنه من أعظم أسباب الخذلان في الدنيا، والعذاب والخزي وسواد الوجوه في الآخرة. قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ - يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ - وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران: 105-107) . قال ابن عباس: (تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة) .
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (الأنعام: 159) .
فقد دلت الآيات على ذم التفرق وخطورته على الأمة في الدنيا والآخرة، وأنه سبب هلاك أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى، وسبب كل انحراف وقع في الناس.
وأما السنة فقد جاءت فيها أحاديث كثيرة في ذم التفرق والاختلاف والحث على الجماعة والائتلاف فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن معاوية رضي الله عنه أنه قام فقال: ألا إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قام فينا فقال: «ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة. وإن هذه الأمة ستتفرق على ثلاث وسبعين ملة اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة» (رواه أحمد (4 / 152) . وأبو داود (5 / 5) وغيرهما بسند صحيح) . فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بافتراق أمته على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار، لا ريب أنهم الذين خاضوا كخوض الذين من قبلهم ثم هذا الاختلاف الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، إما في الدين فقط وإما في الدين والدنيا ثم يؤول إلى الدين. وقد يكون الاختلاف في الدنيا فقط. وعلى كل حال فإن الفرقة والاختلاف لا بد من وقوعهما في الأمة والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم يحذر أمته منه لينجو من الوقوع فيه من شاء الله له السلامة.
الاختلاف والتفرق سبب هلاك الأمم السابقة
إذا تأملنا القرآن والسنة وجدنا أن سبب هلاك الأمم السابقة هو التفرق وكثرة الاختلاف لاسيما الاختلاف في الكتاب المنزل عليهم.
قال حذيفة رضي الله عنه لعثمان رضي الله عنه: (أدرك هذه الأمة، لا تختلف في الكتاب كما اختلفت فيه الأمم قبلهم) ، لما رأى أهل الشام وأهل العراق يختلفون في حروف القرآن الاختلاف الذي نهى عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم. فأفاد ذلك شيئين:
أحدهما: تحريم الاختلاف في مثل هذا.
والثاني: الاعتبار بمن كان قبلنا، والحذر من مشابهتهم. قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} (البقرة: 176) . وقوله: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} (آل عمران: 19) .
ومن السنة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال: «ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (البخاري ومسلم) . فقد أمرهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في هذا الحديث بالإمساك عما لم يؤمروا به، معللا بأن سبب هلاك الأولين إنما كان كثرة السؤال، ثم الاختلاف على الرسل بالمعصية أي بمخالفتهم لما أمرتهم به أنبياؤهم.
هل الاختلاف رحمة
يدعي بعض الناس أن الاختلاف رحمة اعتمادًا على حديث موضوع: (اختلاف أمتي رحمة) . وهذا القول مردود بالكتاب والسنة والعقل. وقد ذكرنا بعض الآيات والأحاديث الواردة في ذم الاختلاف والتفرق. وفي ذلك كفاية لمن تدبر وتأمل.
بل قد دل القرآن على أن الاختلاف لا يتفق مع الرحمة بل هو ضدها. قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ - إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} (هود: 118، 119) .
والحديث الذي استدل به أصحاب هذه الدعوى باطل ولا يصح بحال، ولا يوجد في شيء من كتب السنة. وهذا كافِ في بطلان هذه الدعوى، يضاف إلى ذلك مخالفته للمعقول، فإنه لا يتصورَ عاقل أن الاختلاف رحمة، بعدما عرفنا المفاسد الخطيرة الناتجة عنه من التشاحن والتباغض والتهاجر بل وربما القتال والحروب التي كثيرًا ما ثارت بين الناس بسبب الاختلاف، حتى في بعض مسائل الفروع.
طريق الخلاص من الفرقة والاختلاف
ومن المعلوم أن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هي الجماعة. والجماعة هم الذين يسيرون وفق منهج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم وأصحابه لا يعدلون عن ذلك ولا يحيدون عنه يمينًا أو شمالًا.
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام: (إن الجماعة ما كان عليه النبي وأصحابه والتابعون لهم بإحسان) . فطريق الخلاص هو اتباع منهج أهل السنة والجماعة قولًا وعملًا واعتقادًا، وعدم مخالفتهم أو الشذوذ عنهم.
قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء: 115) .
وقال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام: 153) .
وفي السنة ما رواه الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال: «لا تجتمع أمتي على ضلالة- أو قال: أمة محمد على ضلالة- ويد الله على الجماعة» (رواه الترمذي (4 / 466) ، وغيره بسند صحيح) .
وبهذا نختم القول بأن طريق الخلاص وعنوان السعادة التمسك بكتاب الله تعالى، ذلك الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وكذلك التمسك بالسنة المطهرة الثابتة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فإنهما أي الكتاب والسنة هما المصدران الوحيدان لعقيدة الإسلام وشريعته. فأي منهج جانب هذا الطريق فإنه منهج خاسر، فالتمسك بالسنة هو سبيل المؤمنين، وطريق الوصول إلى مرضاة رب العالمين، والحصن الحصين، وهذا هو المنهج الذي يحفظ الله به الأمة من بدع المبتدعين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين وتحريف الغالين. وهو الطريق الذيَ صلحت به أحوال الأمة في صدر الإسلام، ولا فلاح لنا ولا نجاح إلا بالرجوع إليه. يقول إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس رحمه الله: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) ، وما صلح به أولها هو العمل بكتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم ومما ينبغي على المسلم في هذا الجانب أن يكون العمل بالكتاب والسنة مقيدًا بفهم السلف الصالح ومنهجهم لقول الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء 115) .
فاتباع سبيل المؤمنين وهم الصحابة وأتباعهم من الأئمة المهديين بإحسان هو سبيل النجاة نسأله تعالى أن يوفق الأمة الإسلامية للتمسك بكتاب ربها وسنة نبيها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم واتباع سبيل المؤمنين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس