منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-02-2018, 10:22 AM
  #161
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: الفقه الميسر ثم فتاوى العث

فضيلة الشيخ، لكن بالنسبة للأراضي التي اشتراها أصحابها، وكسدت في أيديهم نظراً لقلة قيمتها، فهم يقدرونها بتقديرات عالية، مع أنها لا تساوي إلا القليل في السوق، فكيف تزكى هذه الأراضي؟
الجواب: الأراضي التي اشتراها أهلها للتجارة كما هو الغالب ينتظرون بها الزيادة هذه عروض تجارة، وعروض التجارة تقوّم عند حول الزكاة بما تساوي، ثم يخرج ربع العشر منها، لأن العبرة بقيمتها، وقيمتها من الذهب والفضة، والذهب والفضة زكاتهما ربع العشر، ولا فرق بين أن تكون قيمة هذه الأراضي تساوي قيمة ما اشتريت به أو لا، فإذا قدرنا أن رجلاً اشترى أرضاً بمائة ألف وكانت عند الحول تساوي مائتي ألف، فإنه يجب عليه أن يزكي عن المائتين جميعاً، وإذا كان الأمر بالعكس، اشترها بمائة ألف وكانت عند تمام الحول تساوي خمسين ألفاً فقط، فإنه لا يجب عليه أن يزكي إلا عن خمسين ألفاً، لأن العبرة بقيمتها عند وجوب الزكاة.
فإن شك الإنسان لا يدري: هل تزيد قيمتها عما اشتراها به أو تنقص، أو هي هي، فالأصل عدم الزيادة وعدم النقص، فيقومها بثمنها الذي اشتراها به، فإذا قدرنا أن هذه الأرض التي اشتراها بمائة ألف تساوي عند تمام الحول إن طلبت مائة وعشرين، وتساوي إن جلبت ثمانين ألفاً، وهو متردد، نقول: قومها بما اشتريتها به، لأن الأصل عدم الزيادة والنقص، ولكن يشكل على كثير من الناس اليوم أن عندهم أراضي كسدت في أيديهم، ولا تساوي شيئاً، بل إنهم يعرضونها للبيع ولا يجدون من يشتريها، فكيف تزكى هذه الأراضي؟ نقول: إن كان عند الإنسان أموال يمكن أن يزكى منها - من الأموال التي عنده - أدى زكاتها من أمواله التي عنده، وإن لم يكن عنده إلا هذه الأراضي الكاسدة، فإن له أن يأخذ ربع عشرها ويوزعها على الفقراء إن كانت في مكان يمكن أن ينتفع بها الفقير ويعمرها، وإلا فليقيد قيمتها وقت وجوب الزكاة ليخرج زكاتها فيما بعد إذا باعها.
وتكون هذه الأراضي مثل الدين الذي عند شخص فقير لا يستطيع الوفاء، فالزكاة لا تجب عليه إلا إذا قبضها، أي إلا إذا قبض الدين، والصحيح أنه إذا قبض الدين من مدين معسر، فإنه يزكيه سنة واحدة فقط ولو كان قد بقي سنين كثيرة عند الفقير. ويمكن أن يقال في هذه الأراضي التي كسدت ولم يجد من يشتريها، يمكن أن يقال: إنه لا يزكيها إلا سنة واحدة، سنة البيع، ولكن الأحوط إذا باعها أن يزكيها لكل ما مضى من السنوات، لأن الفرق بينها وبين الدين أن هذه ملكه بيده، والدين في ذمة فقير خربت لكونه أعسر.
فضيلة الشيخ، كيف تزكى الديون التي في ذمم الناس؟
الجواب: الديون التي في ذمم الناس، سواء كانت ثمن مبيع، أو أجرة، أو قرضاً، أو قيمة متلف، أو أرش جناية، أو غير ذلك مما يثبت في الذمة، تنقسم إلى قسمين:
الأول: أن تكون مما لا تجب الزكاة في عينه، كالعروض، بأن يكون عند الإنسان لشخص ما مائة صاع من البر أو أكثر، فهذا الدين لا زكاة فيه، وذلك لأن الزروع أو -الحبوب -لا تجب الزكاة في عينها إلا لمن زرعها.
وأما الثاني: فهي الديون التي تجب الزكاة في عينها كالذهب والفضة، وهذا فيه الزكاة على الدائن، لأنه صاحبه ويملك أخذه والإبراء منه، فيزكيه كل سنة، إن شاء زكاه مع ماله، وإن شاء قيد زكاته وأخرجها إذا قبضه، فإذا كان عند شخص لآخر مائة ألف فإن من له المائة يزكيها كل عام، أو فإن الزكاة تجب على من هي له كل عام. لكن هو بالخيار، إما أن يخرج زكاتها مع ماله، وإما أن ينتظر حتى يقبضها ثم يزكيها لما مضى، هذا إذا كان الدين على موسر باذل، فإن كان الدين على معسر، فإن الصحيح أن الزكاة لا تجب فيه، لأن صاحبه لا يملك المطالبة به شرعاً، فإن الله تعالى يقول: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) (البقرة: 280) ، فهو في الحقيقة عاجز شرعاً عن ماله، فلا تجب عليه الزكاة فيه، لكن إذا قبضه فإنه يزكيه سنة واحدة فقط وإن بقي في ذمة المدين عشر سنوات، لأن قبضه إياه يشبه تحصيل ما خرج من الأرض، يزكى عند الحصول عليه.
وقال بعض أهل العلم: لا يزكيه لما مضى، وإنما يبتدئ به حولاً من جديد. وما ذكرناه أحوط وأبرأ للذمة، أنه يزكيه سنة واحدة لما مضى ثم يستأنف به حولاً، والأمر في هذا سهل، وليس من الصعب على الإنسان أن يؤدي ربع العشر من دينه الذي قبضه بعد أن أيس منه، فإن هذا من شكر نعمة الله عليه بتحصيله.
هذا هو القول في زكاة الديون وخلاصته: أنها ثلاثة أقسام: قسم لا زكاة فيه، وهو ما إذا كان الدين مما لا تجب الزكاة في عينه، مثل أن يكون في ذمة شخص لآخر أصواع من البر، أو كيلوات من السكر أو الشاي أو ما أشبه ذلك، فهذا لا زكاة فيه، فما دام الدين مما لا تجب الزكاة في عينه، فلا زكاة فيه ولو كان عنده مئات الأصواع.
والقسم الثاني: الدين الذي تجب الزكاة في عينه، كالذهب والفضة ولكنه على معسر، فهذا لا زكاة فيه إلا إذا قبضه، فإنه يزكيه لسنة واحدة ثم يستأنف فيه حولاً، وقيل: إنه يستأنف فيه حولاً على كل حال، ولكن ما قلناه أولى لما ذكرنا من التعليل.
القسم الثالث: ما تجب فيه الزكاة كل عام، وهو الدين الذي تجب فيه الزكاة في عينه، وهو على موسر باذل، فهذا فيه الزكاة كل عام، لكن إن شاء صاحب الدين أن يخرج زكاته مع ماله، وإن شاء أخرها حتى يقبضه من المدين.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس