منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-09-2017, 09:26 AM
  #56
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

المسألة الثالثة: في صفة الواجب:
وازن الإسلام بتشريعه العادل بين المصالح للفقراء والأغنياء، فندب إلى أخذ الفقير حقوقه كاملة، غير منقوصة، وندب إلى مراعاة حقوق الأغنياء في أموالهم، ولذلك حدد الواجب في الزكاة بأن يكون من وسط المال، لا من خياره، ولا من شراره، فيجب على الساعي مراعاة السن الواجبة، إذ لا يجزئ أقلّ منها؛ لأنه إضرار بالفقراء، ولا يأخذ أعلى منها؛ لأنه إجحاف بالأغنياء.
ولا يأخذ المريضة، والمعيبة، والكبيرة الهرمة؛ لأنها لا تنفع الفقير، وبالمقابل لا يأخذ الأكولة، وهي السمينة المعدّة للأكل، ولا الرُّبى، وهي التي تربي ولدها، ولا الماخض وهي الحامل،
ولا الفحل المعد للضراب، ولا حرزات المال، وهي خيارها التي تحرزها العين؛ لأنها من كرائم الأموال، وأخذها إضرار بالغني لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ... وإياك وكرائم أموالهم) (متفق عليه).
ولما روي عن عمر أنه قال لعامله سفيان: (قل لقومك: إنا ندع لكم الرُّبى، والماخض، وذات اللحم، وفحل الغنم، ونأخذ الجذع والثني، وذلك وسط بيننا وبينكم في المال).

المسألة الرابعة: في الخلطة في بهيمة الأنعام:
وهي على نوعين:
النوع الأول: خلطة أعيان، وهي: أن يكون المال مشتركاً بين اثنين في المِلك، مشاعاً بينهما، لم يتميز نصيب أحدهما عن الآخر، وتكون خلطة الأعيان بالإرث، وتكون بالشراء.
النوع الثاني: خلطة أوصاف، وهي أن يكون نصيب كل منهما متميزاً معروفا، ويجمع بينهما الجوار فقط.
وهي بنوعيها تُصَيِّر المالين المختلطين كالمال الواحد إذا كان مجموع المالين نصاباً، وأن يكون الخليطان من أهل وجوب الزكاة. فلو كان أحدهما كافراً لا تصح الخلطة، ولا تؤثر، وأن يشترك المالان المختلطان في المراح، وهو المبيت والمأوى، ويشتركا في المسرح فيسرحن جميعاً، ويرجعن جميعاً، والمحلب والمرعى، والفحل، فيكون فحل الضراب واحداً مشتركاً لها جميعاً.
فإذا توافرت هذه الشروط أصبح المالان كالمال الواحد بتأثير الخلطة.
لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية) (صححه الألباني). فالخلطة تؤثر في إيجاب الزكاة وفي إسقاطها، وذلك في بهيمة الأنعام خاصة دون غيرها.
ومثال الجمع بين المتفرق: أشخاص ثلاثة كل واحد منهم يملك أربعين من الغنم، فجميعها مائة وعشرون، فلو اعتبرنا كل واحد لوحده لوجب عليهم ثلاث شياه، لكن إذا جمعنا الغنم كلها فلا يكون فيها إلا شاة واحدة. فهنا: جمعوا بين متفرق؛ لئلا يجب عليهم ثلاث شياه، بل واحدة.
ومثال التفريق بين مجتمع: شخص عنده أربعون شاة، فإذا علم بمجيء العامل فرق بينها فجعل عشرين منها في مكان وعشرين في مكان آخر، فلا يؤخذ عليها زكاة لعدم بلوغها النصاب متفرقة.
الباب الخامس: في زكاة الفطر، ويقال لها: صدقة الفطر.
وفيه مسائل:
وسميت بذلك: لأنها تجب بالفطر من رمضان، ولا تعلق لها بالمال، وإنما هي متعلقة بالذمة، فهي زكاة عن النفس والبدن.

المسألة الأولى: في حكمها ودليل ذلك:
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صدقة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين) (متفق عليه).

المسألة الثانية: شروطها وعلى من تجب:
تجب زكاة الفطر على كل مسلم كبير وصغير، وذكر وأنثى، وحر وعبد؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق.
ويستحب إخراجها عن الجنين إذا نفخت فيه الروح، وهو ما صار له أربعة أشهر؛ فقد كان السلف يخرجونها عنه، كما ثبت عن عثمان وغيره.
ويجب أن يُخرجها عن نفسه، وعمن تلزمه نفقته، من زوجة أو قريب، وكذا العبد، فإن صدقة الفطر تجب على سيده؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ليس في العبد صدقة، إلا صدقة الفطر) (أخرجه مسلم برقم (982) - 10). ولا تجب إلا على مَنْ فضل عن قوته، وقوت من تلزمه نفقته وحوائجه الضرورية في يوم العيد وليلته ما يؤدي به الفطرة.
فزكاة الفطر لا تجب إلا بشرطين:
1 - الإسلام، فلا تجب على الكافر.
2 - وجود ما يفضل عن قوته، وقوت عياله، وحوائجه الأصلية في يوم العيد وليلته.
المسألة الثالثة: في حكمة وجوبها:
من الحكم في وجوب زكاة الفطر ما يلي:
1 - تطهير الصائم مما عسى أن يكون قد وقع فيه في صيامه، من اللغو والرفث.
2 - إغناء الفقراء والمساكين عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم؛ ليكون العيد يوم فرح وسرور لجميع فئات المجتمع، وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (فرض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين) (حسنه الألباني).
3 - وفيها إظهار شكر نعمة الله على العبد بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه، وفعل ما تيسَّر من الأعمال الصالحة في هذا الشهر المبارك.

المسألة الرابعة: مقدار الواجب، ومِمَّ يخرج؟
الواجب في زكاة الفطر صاع من غالب قوت، أهل البلد من بر، أو شعير، أو تمر، أو زبيب، أو أَقط (الأَقِط: هو لبن مجفف يابس مستحجر، يتخذ من اللبن المخيض.)، أو أرز، أو ذرة، أو غير ذلك؛ لثبوت ذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأحاديث الصحيحة، كحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم.
ويجوز أن تعطي الجماعة زكاة فطرها لشخص واحد، وأن يعطي الواحد زكاته لجماعة.
ولا يجزئ إخراج قيمة الطعام؛ لأن ذلك خلاف ما أمر به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولأنه مخالف لعمل الصحابة، فقد كانوا يخرجونها صاعاً من طعام، ولأن زكاة الفطر عبادة مفروضة من جنس معين وهو الطعام، فلا يجزئ إخراجها من غير الجنس المعين.

المسألة الخامسة: في وقت وجوبها وإخراجها:
تجب زكاة الفطر بغروب الشمس من ليلة العيد؛ لأنه الوقت الذي يكون به الفطر من رمضان. ولإخراجها وقتان: وقت فضيلة وأداء، ووقت جواز.
فأما وقت الفضيلة: فهو من طلوع فجر يوم العيد إلى قبيل أداء صلاة العيد، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة) (متفق عليه).
وأما وقت الجواز: فهو قبل العيد بيوم أو يومين؛ لفعل ابن عمر وغيره من الصحابة لذلك.
ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، فإن أخرها فهي صدقة من الصدقات، ويأثم على هذا التأخير؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) (حسَّنه الألباني).


__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس