منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - مدينة نابلس .. مدينة أبو محمود الفلسطيني جبل النار ....في صور
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-10-2008, 08:26 AM
  #9
أبو محمود الفلسطيني
كبار شخصيات المنتدى
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 6,111
أبو محمود الفلسطيني غير متصل  
أما ابن جبير ( المتوفى سنة 614هـ/1217م ). فقد وصف في رحلته المشهورة غزو صلاح الدين الأيوبي لمدينة نابلس عندما كانت تحت يد الفرنج سنة 581هـ/1184م، والتي اعتبرها من أهم غزوات صلاح الدين، والتي حدثت قبل سنتين من فتح صلاح الدين لبيت المقدس سنة 583هـ/1187م. فقد داهمها صلاح الدين وهجم عليها بعسكره، فتمكن من الاستيلاء عليها، وسبى من فيها، واخذ حصونها وضياعاً فيها، وفي ذلك يقول: "فدهم مدينة نابلس وهاجمها بعسكره واستولى عليها وسبى كل من فيها وأخذ منها حصوناً وضياعاً"(17) كذلك فقد أورد فيها كيف تمكن المسلمون من سبي كثيراً من الفرنج وحصلوا على غنائم كثيرة من الأمتعة والذخائر والنعم والمواشي كما وأنهم تمكنوا من تخليص عدد كبير من أسرى المسلمين وفي ذلك يقول: " وامتلأت أيدي المسلمين سبياً لا يحصى عدده من الفرنج، وحصل المسمون منها على غنائم يضيق الحصر عنها، إلى ما اكتفت من المتعة والذخائر والأسباب والأثاث إلى النعم والكُراع، إلى غير ذلك"(18). وقد وزع تلك الغنائم على المسلمين وعلى الجند فامتلأت الأيدي يساراً وغنى، وفي ذلك يقول: "وكان من فعل هذا السلطان الموفق أن أطلق أيدي المسلمين على جميع ما احتازته وسلم لهم ذلك. فاحتازت كل يد ما حوت وامتلأت غنى ويساراً. وعفى الجيش على رسوم تلك الجهات التي مرّ عليها من بلاد الفرنج، وآبوا غانمين فائزين بالسلامة. والغنيمة والإياب. وخلصوا من أيدي الفرنج عدداً كثيراً من أسرى المسلمين وكانت غزوة لم يسمع مثلها في البلاد"(19).

ويمكن أن نستنتج من رواية ابن جبير ما يلي:

1. أهمية مدينة نابلس العسكرية والاقتصادية والسياسية.

2. كثرة خيرات نابلس واعتبارها مركزاً مهماً للفرنج لحصانتها ومنعتها.

3. إن انتصار صلاح الأيوبي على الفرنج في غزوة نابلس قد أضعف معنويات الفرنج؛ لكثرة السبي الذي حصل لهم.

4. كما أن هذه الغزوة قد قوت معنويات المسلمين وشجعتهم على التقدم إلى بقية المدن ولاسيما بيت المقدس.

5. كان صلاح الدين يركز على تماسك الجيش والشعب الذي يعتبر أهم ركيزة من ركائز الانتصار.

ومن الجغرافيين العرب والمسلمين الذين ترجموا لنابلس "ياقوت الحموي" ( المتوفى سنة 626هـ/1228م ) في كتابه "معجم البلدان" فيشير إلى أسباب تسمية نابلس بهذا الاسم بأنه ترجع إلى أن حية عظيمة كانت في واد المدينة. وكانوا يسمونها "لُس". فاحتالوا عليها حتى قتلوها وعلقوا نابها على باب المدينة فقيل هذا نابُ لُس، أي نابُ الحية، فيقول: "نابُلُس: بضم الباء الموحدة واللام والسين مهملة، وسئل شيخ من أهل المعرفة من أهل نابلس لِمَ سميت بذلك فقال: إنه كان ههنا واد فيه حيّة قد امتنعت فيه، وكانت عظيمة جداً وكانوا يسمونها بلغتهم لُس، فاحتالوا عليها حتى قتلوها وانتزعوا نابها وجاءوا بها فعلقوها على باب هذه المدينة فقيل هذا نابُ لُس أي ناب الحية. ثم كثر استعمالها حتى كتبوها متصلة نابُلُس هكذا غلب هذا الاسم عليها"(20).

وقد أشار إلى أنها مدينة معروفة ومشهورة بأرض فلسطين تقع بين جبلين مستطيلة لا عرض لها. وتتميز بكثرة مياهها. وفي ذلك يقول: "وهي مدينة مشهورة بأرض فلسطين بين جبلين مستطيلة لا عرض لها كثيرة المياه لأنها لصيقة في جبل، أرضها حجر"(21).

ويشير ياقوت الحموي بأن بظاهر المدينة جبلاً ذكروا أن آدم سجد فيه، ويذكر كذلك جبل جرزيم فيشير إلى أن اليهود يعتقدون بأن الذبيح كان إسحاق عليه السلام وأنّه تمَّ فيه، ويشير إلى أن السمرة تصلي إليه، وهذا السبب في كثرة تواجدهم في المدينة.

وفي هذا يقول: "وبظاهر نابلس جبل ذكروا أن آدم عليه السلام سجد فيه، وبها الجبل الذي تعتقد اليهود أن الذبح كان عليه، وغرهم أن الذبيح إسحاق عليه السلام، والسمرة تصلي إليه"(22).

وينسب إلى نابلس كثير من العلماء منهم: أحمد بن سهل بن نصر أبو بكر الرملي ويعرف بابن النابلسي وأبو سليمان النابلسي وغيرهما.

ونستنتج مما ذكره ياقوت الحموي عن نابلس:

1. نابلس مدينة عريقة كثرت حولها الأساطير.

2. وهي مدينة مشهورة بأرض فلسطين.

3. تتميز بكثرة المياه والينابيع فيها.

4. وهي مدينة مقدسة.

5. يكثر فيها العلماء العاملون الذين رفضوا حكم الفاطميين وأعلنوا الجهاد والمقاومة ضدهم أمثال ابن النابلسي.

أما الإدريسي، أبو عبد الله محمد بن عبد الله ( المتوفى سنة 646هـ/1165م ). فقد تحدث عن مدينة نابلس في كتابه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"، فقال: "ونابلس مدينة السامرية، وبها البئر التي حفرها يعقوب عليه السلام، وبها جلس السيد المسيح وطلب من المرأة السامرية الماء ليشرب وعليه الآن كنيسة حسنة"(23). فقد تناول نابلس بأنها مدينة السامرية وذكر أن بها بئر يعقوب عليه السلام، وأن السيد المسيح مرّ بها فقط دون أن يتعرض لشيء من خصائصها أو وصف للمدينة.

أما القزويني، زكرياء بن محمد بن محمود ( المتوفى سنة 682هـ/1282م ) الذي كان رحالة، فقد جمع كل ما وقع له وعرفه، وسمع به وشاهده من أحوال البلاد والعباد، وصنفه في كتاب أطلق عليه "آثار البلاد وأخبار العباد"، فقد وصف نابلس بأنها مدينة مشهورة بأرض فلسطين. وهي مدينة مستطيلة تقع بين جبلين فقال: نابُلُس مدينة مشهورة بأرض فلسطين بين جبلين مستطيلين لا عرض لها. وأورد كذلك بأنها مكان اجتماع السامرة، حيث يصفهم بأنهم طائفة من اليهود، الذين يعتبرونهم طائفة مبتدعة ومنهم من يرى في السامرة كفار ملة اليهود. وفي ذلك يقول عنهم: "وبها اجتماع السامرة، وهم طائفة من اليهود، واليهود بعضهم يقول: إنهم مبتدعة لملتنا! ومنهم من يقول إنهم كفار ملتنا"(24). وأشار القزويني إلى تسمية نابُلُس بهذا الاسم فيذكر عن مشايخ أهل نابلس أنها تُنسب إلى ظهور تنين عظيم له ناب ضخم، فتوسل الناس إلى الله بالصلاة والدعاء حتى أراحهم منه فعلقوا هذا الناب على باب المدينة ليتعجب الناس منه وفي هذه التسمية يقول: "ذكر بعض مشايخ نابُلُس أنّه ظهر هناك تنين عظيم فتوسل الناس في هلاكه وكان شيئاً هائلاً له ناب عظيم، فعلّقوا نابه هناك ليتعجب الناس من عظمها"(25).

ويقدم القرطبي ( المتوفى سنة 693هـ/1293م )، المؤرخ والمحدث والمفسر وصفاً لحياء نساء نابلس وعفافهن في كتابه "الجامع لأحكام القرآن" في نصٍ نقله عن ابن العربي(26) ( المتوفى سنة 543هـ/1148م ) فيورد أنه ما رأى في رحلاته أصون ولا أعف من نساء نابلس. وانه لم يشاهد أحداً منهن إلا وهن ذاهبات إلى الصلاة يوم الجمعة فقط، برغم أنه زار ألف قرية، وعن ذلك يقول: في تفسير قوله تعالى: "وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرُجَ الجاهلية وأقمن الصلاة وآتين الزكاة، واطعن الله ورسوله"(27).

"لقد دخلت نيفاً على ألف قرية، فما رأيت نساءً أصون عيالاً، ولا أعف نساءً من نساء نابلس، التي رُمي بها الخليل صلى الله عليه وسلم، فما رأيت امرأة في طريق نهاراً إلا يوم الجمعة، فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد منهن فإذا قضيت الصلاة، وانقلبن على منازلهن لم تقع عيني على واحدة منهن إلى يوم الجمعة الأخرى. وقد رأيت بالمسجد الأقصى عفائف ما خرجن من معتكفهن حتى استشهدن فيه"(28).

ومن أشهر المؤلفين الذين تحدثوا عن نابلس "شيخ الربوة الدمشقي"، شمس الدين أبو عبد الله محمد أبو طالب الأنصاري، ( ت 727هـ/1327م ) في كتابه "نخبة الدهر في عجائب البر والبحر" أورد فيها وصفاً دقيقاً لهذه المدينة في عصره، وما تتميز به من كثرة مياهها وينابيعها وحماماتها، ومن السمات العامة التي أوردها عن نابلس:

1. نابلس عاصمة إقليم السامرة.

2. تتميز بخصوبة أرضها وكثرة أشجارها وخضرتها.

3. مدينة واسعة بين جبلين.

4. تكثر بها الينابيع والمياه الجارية.

5. تتصف نابلس بكثرة حماماتها الجميلة والمريحة.

6. يميل أهلها إلى التدين والاشتغال بقراءة القرآن الكريم ليلاً ونهاراً، وكثرة حلقات العلم .

7. وصفها بأنها عبارة عن قصر فسيح تكثر فيه البساتين والجنات.

8. خصها الله بالشجرة المباركة وهي الزيتون.

9. أكثر بلدة في فلسطين تشتهر بشجرة الزيتون، ولذا فهي تصدر الزيت إلى الديار المصرية والشامية والحجاز.

10. تشتهر نابلس بصناعة الصابون الذي يصدر إلى بلاد كثيرة.

11. تعتبر ثمارها ومنها البطيخ من أحلى ثمار بقاع الأرض.

12. يوجد بها طائفة السمرة وعلاقتهم جيدة مع أهلها المسلمين.

وفي وصف مدينة نابلس وصفاتها يقول شيخ الربوة الدمشقي في كتابه "نخبة الدهر في عجائب البر والبحر":

"وإقليم سامرة ومدينته نابلس مدينة خصبة نزهة بين جبلين متسعة ما بينهما ذات مياه وحمامات طيّبة وجامع حسن تقام فيه الصلوات وكثير قراءة القرآن به ليلاً ونهاراً والاشتغال فيه كثير. وهي كأنها قصر في بستان، وقد خصّها الله تبارك وتعالى بالشجرة المباركة وهي الزيتون ويحمل زيتها إلى الديار المصرية والشامية والحجاز والبراري مع العربان ويحمل إلى جامع بني أمية منه ألف قنطار بالدمشقي، ويعمل فيه الصابون الرقي، الذي يحمل إلى سائر البلاد التي ذكرنا وإلى جزائر البحر الرومي. ولها البطيخ الأصفر الزائد الحلاوة على جميع بطيخ الأرض. ولها الجبلان طور زيتا وإليهما حج السامرة {وقربانهم على الطور، يذبحون الخرفان ويحرقون لحومها}. ولا توجد في بلد من البلدان من السامرة ما يوجد منهم بها ويقولون إنهم لا يبلغون في بلد منهم الألف أصلاً، ويقال أنه إذا اجتمع في طريق مسلم ويهودي وسامري ونصراني رافق السامري المسلم"(29).
__________________