منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - صحيح السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 14-03-2019, 09:36 PM
  #57
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

4 - آثار فتنة الإفك:
ق
الت: فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، وكان رجلًا صالحًا، ولكن اجتهلته الحمية، فقال لسعد بن معاذ: كذبت لعمر الله لا تفتله، ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتى سكتوا، وسكت.
قالت وبكيت يومي ذلك، لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي، استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلست تبكي، قالت: فبينما نحن على ذلك دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلم ثم جلس قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل.
5 - مفاتحة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة وجوابها له:
وقد لبث شهرًا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: (أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا (1). فإن كنت بريثة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب الله عليه).
قالت: فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته، قلص دمعي (2) حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قال، فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فقلت: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن، إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم، وصدقتم به، فإن قلت لكم: إني بريئة -والله يعلم أني بريئة- لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر -والله يعلم أني بريئة- لتصدقونني، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلًا إلا كما قال أبو يوسف: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون}.
قالت: ثم تحولت فاضجعت على فراشي، قالت: وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله مبرئي ببرائتي، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله -عَزَّ وَجَلَّ- في بأمر يتلى، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يبرئني الله بها.
6 - نزول الوحي ببراءة عائشة:
قالت: فوالله ما رام (3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء (4) عند الوحي، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان (5) من العرق في اليوم الشات من ثقل القول الذي أنزل عليه، قالت: فلما سرى (6) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يضحك، فكان أول كملة تكلم بها أن قال: (أبشري يا عائشة، أما الله فقد برأك) فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله هو الذي برأني. قالت: فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم} عشر آيات فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- هؤلاء الآيات ببراءتي، قالت: فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق عليه شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشة، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} ... إلى قوله {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} ".
قال حبان بن موسى: قال عبد الله بن المبارك: هذه أرجى آية في كتاب الله.
"فقال أبو بكر: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال لا أنزعها منهُ إبدًا.
قالت عائشة: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمري (ما علمت؟ وما رأيت؟) فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، (7) والله ما علمت إلا خيرًا.
قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني (8) من أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعصمها الله بالورع. وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها، فهلكت فيمن هلك، قال الزهريّ: فهذا ما انتهى إلينا من أمر هؤلاء الرهط" (9). وهذا اللفظ لمسلم.
7 - الذي تولى كبر الإفك:
419 - من حديث عائشة: قالت: "وكان الذي يتكلم فيه مسطح وحسان بن ثابت والمنافق عبد الله بن أبي، وهو الذي كان يستوشيه (10) وهو الذي تولى كبره منهم هو وحمنة" (11).
8 - إقامة الحد على القاذفين:
420 - من حديث عائشة قالت: "لما نزل عذري قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن، فلما نزل أمر برجلين وامرأة فضربوا حدهم" (12).
421 - من حديث أبي هريرة قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأصاب عائشة القرعة في غزوة بني المصطلق ... " الحديث (13).
وفيه "وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجيء فيقوم على الباب فيقول: (كيف تيكم؟) حتى جاء يومًا فقال: (أبشري يا عائشة فقد أنزل الله عذرك، فقالت: بحمد الله لا بحمدك، وأنزل الله -عزَّ وجلَّ- في ذلك عشر آيات {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم} قال: فحد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسطحًا وحمنة وحسان".
وكذا جاء من حديث عائشة عن ابن إسحاق في السيرة وسنده في ذلك صحيح، وقد صرح بالتحديث كما جاء في سيرة ابن هشام (14).
9 - موقف صفوان بن المعطل من حسان بن ثابت:
422 - قال ابن إسحاق: حدثني محمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي: أن ثابت ابن قيس بن الشماس وثب على صفوان بن المعطل، حين ضرب حسان، فجمع يديه إلى عنقه بحبل، ثم انطلق به إلى دار بني الحارث بن الخزرج: فلقيه عبد الله بن رواحة فقال: ما هذا؟
قال: أما أعجبك ضرب حسان بالسيف! والله ما أراه إلا قد قتلته، قال له عبد الله بن رواحة: هل علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء مما صنعت؟
قال: لا والله، قال: لقد اجترأت، أطلق الرجل، فأطلقه، ثم أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكروا ذلك له، فدعا حسان وصفوان بن المعطل، فقال ابن المعطل: يا رسول الله آذاني وهجاني، فاحتملني الغضب، فضربته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحسان: (أحسن يا حسان، أتشوفت على قومي، أن هداهم الله للإسلام)، ثم قال: (أحسن يا حسان في الذي أصابك) قال: هي لك يا رسول الله" (15).
.................................................. ..............................
(1) كذا وكذا: كناية عما رميت به من الإفك.
(2) قلص دمعي: ارتفع وذهب.
(3) ما رام: ما برح وما فارق مجلسه.
(4) البرحاء: شدة الكرب من ثقل الوحي.
(5) الجمان: هو اللؤلؤ الصغار.
(6) سرى: انكشف عنه ما يجده من الهم والقتل.
(7) أحمي سمعي وبصري: أي أمنعهما من أن أنسب إليهما ما لم يدركاه، ومن العذاب لو كذبت عليهما.
(8) تساميني: تعاليني وتفاخرني تطاولني عنده - صلى الله عليه وسلم -.
(9) أخرجه البخاري في المغازي باب حديث الإفك رقم: 4141، مسلم في صحيحه كتاب التوبة باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف رقم: 2770، الترمذي في التفسير باب ومن سورة النور حديث رقم: 3180، وأبو يعلى في منده: 4397، 4927، أحمد في المسند: 6/ 59، وانظر الفتح الرباني: 21/ 73 - 75 وعبد الرزاق في المصنف: 5/ 410 - 419.
(10) يستوشيه: يستخرجه الحديث .. والسؤال والبحث عه.
(11) أخرجه البخاري في تفسير سورة النور باب قوله {إن الذي يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا} رقم: 4757، مسلم في كتاب التوبة باب حديث الإفك رقم: 2770 الترمذي تفسير سورة النور حديث رقم:3180.
(12) أخرجه الترمذي في التفسير باب ومن سورة النور حديث رقم: 3181 وقال حسن غريب ابن ماجه كتاب الحدود باب حد القذف حديث رقم: 2765، أبو داود حديث رقم: مصنف عبد الرزاق: 5/ 19، وأحمد: 6/ 61.
(13) قال الهيثمي في المجمع: 9/ 230 رواه البزار وفيه محمَّد بن عمرو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات.
(14) سيرة ابن هشام: 2/ 297 - 300.
(15) سيرة ابن هشام: 2/ 305، ابن جرير: 2/ 618 البيهقي في الدلائل: 4/ 74 - 75 وقال ابن حجر في تعجيل المنفعة: ص 128 سنده صحيح وقد وصلها موسى بن عقبة في مغازيه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وانظر مجمع الزوائد: 9/ 234 - 236. وقال الهيثمي رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس