منتدى عالم الأسرة والمجتمع - عرض مشاركة واحدة - مقومات السعادة الزوجية
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-06-2012, 03:30 PM
  #2
L0o0Ve
موقوف
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 695
L0o0Ve غير متصل  
رد : مقومات السعادة الزوجية

الجزء الثاني



ثانياً: مقومات السعادة الزوجية
بعد هذه العجالة في بيان شأن الزواج، وأهميته في الإسلام، وضرورة تحقيق السعادة في الحياة الزوجية، ودور الأسرة في بناء كيان الأمة، أنتقل إلى الحديث عن مقومات السعادة الزوجية، والتي سأحاول جاهداً – بعون الله – ربطها بالواقع، لتكون أقرب إلى الأفهام، وأدعى للقبول.
وهي تكمن إجمالاً فيما يلي:
أولاً: أمور يجب أن تراعي قبل الزواج.
ثانياً: القيام بالحقوق الزوجية.
ثالثاً: الواقعية في الحياة الزوجية.
رابعاً: معرفة كل من الزوجين نفسيّة صاحبه.
خامساً: الأولاد.
سادساً: حسن العلاقة مع الآخرين.
سابعاً: القدرة على حل المشكلات.
ثامناً: أمور متفرقة.
وسألقي الضوء على كل قضية من هذه القضايا، مع محاولة الإيجاز ما أمكن، إلا عند اقتضاء الأمر البيان والإيضاح لما يستدعي الإطالة وطول التأمل.


ثالثاً: أمور يجب أن تراعى قبل الزواج
ثمة مسائل يتعين على المقبل إلى الحياة الزوجية مراعاتها والعناية بها:
1- حسن الاختيار:
روى أبو هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " تُنْكَح المرأة لأربع: لجمالها،ولمالها، ولنسبها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " ( ).
إن مسألة حُسن الاختيار أمر مُهم، لا يختلف فيه اثنان، ولكن الذي يدور عليه الاختلاف هو: كيف يكون الاختيار حسناً؟.
حيث نجد أنّ كثيراً من الناس يغلب على اهتماماتهم شأن الجمال، أو الحسب، أو المال، وهذا ليس خطأ في حد ذاته، ولكن الخطأ أن يتنازل الرجل عن أهمّ مواصفات الزوجة، وهو (الدين) على حساب وجود المواصفات الأخرى كلّها أو بعضها، فالدّين، الدّين، تَرِبَتْ يداك.
وكما أن الرجل مطالب أن يُحسن اختيار شريكة حياته. وأمّ أولاده. يجب على وليّ المرأة أن يُحسِنَ اختيار الرجل المناسب، ليكون زوجاً لموليته.
وإنه لمن المؤسف حقاً أن يستحوذ السؤال عن المكانة والوظيفة والمال والمنصب على ذهن الولي، ويتناسى الدِّين الذي لا يجوز التنازل عنه ألْبتة، وليس اهتمامه بالأمور الأخرى مضراً إلا إذا اقتصر عليها، وتنازل عن رأس الأمر كلِّه ألا وهو الدين، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من تِرضون دينه وخُلُقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"( ).
وحسن الاختيار لا يقتصر فيه كل من الزوجين على صاحبه فقط، بل ينبغي أن يتعداهما إلى ذويهما وأهلهما، فقد تكون أم الزوجة امرأةَ سوء، تؤثِّر على ابنتها بأخلاقها، وتزرع الشقاق بين ابنتها وزوجها. وقل مثل ذلك فيمن عداها مما يتصل ببيئة الزوجين، وإيّاكم وخضراء الدِّمَنْ.
2- رؤية الخاطب لمخطوبته:
وهذه المسألة من المسائل التي صار الناس فيها على طرفي نقيض، ما بين مُفْرِط ومُفَرِّط، وخاصة في مجتمعنا!
فمن الآباء من يعتبر رؤية الخاطب لابنته عيباً كبيراً، وأمراً عسيراً، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حثَّ عليه، ورَغَّب فيه، وأمر به، فهو يقول للمغيرة، وقد خطب امرأة: "انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يُؤدَم بينكما"( ).
وأبو هريرة  يقول: " مكثت عند رسول الله  فأتاه رجل من الأنصار، فأخبره أنه تزوّج امرأة من الأنصار، فأمره الرسول  أن يذهب وينظر إليها " ( ).
والحاصل: أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم، قد أمر برؤية المخطوبة لأنه سبب في دوام العشرة، وبقاء المودة، وطول الأُلفة.
وعدم السماح بالرؤية مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم، ومجانبة لسنته، والخير كل الخير في اتّباع نهجه، واقتفاء أثره.
وفرّط آخرون ففتحوا الباب على مصراعيه، وتركوا الحبل على الغارب، فالخاطب لا ينظر فقط، بل يخلو بالمخطوبة ويحادثها ويضاحكها، وقد يصل الأمر إلى الخروج بها، واصطحابها إلى المتنزّهات والأسواق وغيرها، مما يسفر عن محاذير وفجائع، يذهب ضحيتها الفتاة المسكينة؛ والأب المخدوع.
ولا خير إلا في سلوك الصراط السوي، واتباع المنهج النبوي، حيث يُمَكّن الخاطبُ من رؤية ما يُرَغِّبه في مخطوبته، كالوجه واليدين والشعر وما إلى ذلك، بحضور أحد محارمها.
3- عدم المغالاة في المهور وحفلات الزواج:
أ- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " كان صداق النبي  لأزواجه اثنتي عشر أوقية " ( ).
ب- وقال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -: " ما نكح رسول الله  نساءه، ولا أنكح بناته، على أكثر من اثنتي عشر أوقية " ( ).
جـ- وقال – عليه الصلاة والسلام-: "خير الصداق أيسره"( ).
يقول أحد الكتّاب في هذه المسألة: "إن التوسط والبعد عن الإفراط والخيلاء وحب المظاهر، من أسباب السعادة الزوجية والتوفيق بإذن الله، وهو أمر مطلوب من الأغنياء والوجهاء قبل غيرهم؛ لأنهم هم الذين يصنعون تقاليد المجتمع، والآخرون يتشبهون بهم".
إن بساطة المهر، وحفل الزفاف، خطوة تحتاج إلى عزيمة صادقة، وهمّة عالية، لا تبالي بأقوال سفهاء الناس ودَهْمائهم.
وأكثر الناس في قضية المهر، طرفان:
غالٍ، وجافٍ، وكلاهما مذموم، فبينما نرى رجلاً يُبالغ في التبسيط حتى يصل مهر ابنته إلى ريال واحد، نجد آخر يغلو ويسرف حتى تبلغ نفقات ليلة الزفاف ما يكفي لزيجات كثيرة.
ولسائل أن يقول: ما علاقة بساطة المهر، وقلة نفقات الزواج بالسعادة الزوجية؟
فنقول: إن الرجل الذي أُثقِل كاهلُه بجمع الأموال الطائلة، التي قد يكون أكثرها قد تحمله دَيناً على ظهره ينوء بثقله زمناً طويلاً، إنه لا بد أن يتوقع في عروسه المثالية في الجمال والكمال وحسن الحال، وحينما ترحل الليالي الأولى بلذائذها وأفراحها، سيظهر من الزوجة مع الأيام تقصير في شأن من شئون الزوجية، مما يغضب الزوج، ويدفعه لتبكيتها: خسرتُ عليك، ودفعت فيك، وأنفقت من المال لأجلك مما أثقل الكاهل، وأنت تفعلين وتفعلين، وهكذا ديدنه عند حدوث أي مشكلة، خاصة، وإن اجتمع عليه مع ذلك ملاحقة الدائنين، وشكاوي الطالبين، فإن الأمر يتفاقم سوءاً في صدره، همٌّ في النهار، وأرقٌ في الليل، وزوجة لها حقوق، فلا خلاص إلا بالطلاق والفراق، وإن لم يكن فنزاع دائم وشقاق.
أما إن تمت مراسيم الزواج، ونفقات المهر، على ما سنّه المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمته، فإن الرجل وإن وجد عيباً أو رأى تقصيراً سينعقد لسانه عن ثلبها حياءً، لا محالة، وسيتذكر أن لأبيها فضلاً عليه، حين طلب مهراً مناسباً.
وهذه سعادة سببها تخفيف المهر ومعقوليته.