مرحبا معلمة
سأدخل مباشرة بالموضوع نتيجة ماقرأته هنا وفي موضوع سابق لكِ كنتِ تستفتسري عن السكن بالمغرب وقرأته وقرأت ردودك، وقرأت ردودي عليك في تلك الفترة، وهذا الرد في هذا الموضوع لن يخرج عن سياق الردود موضوعك السابق.

لابد أن تعرفي المشكلة والسبب الرئيسي، ودائماً حينما نعرف السبب الرئيسي أو جذر المشكلة، نستطيع حلها بعد معالجته.
مشكلتك أنك تشعري أنكِ لم تعيشي طفولتك كما ينبغي أو كما كان يعيشها الآخرون بزعمك.
أدرك أن لكل إنسان وطفل ومراهق طموحات وأماني، وأتذكر في طفولتي أني لم أكن أملك مايملكه ابن عمتي الذي يبدو لي أنه يعيش أقصى حالات السعادة حيث كان مجاب الطلبات من قبل ولديه، وهو من أسرة ثرية نسبياً، وكل شيءٍ متاح له، فكنتُ أتمنى أن أكون مثله، وكنتُ أشعر أن يعيش برخاء ومتعة رهيبة، وحينما كبرت رحت أقلب صفحات حياتي، فوجدتني أعيش في تلك الفترة بسعادة، وكان بعض الأصدقاء يغبطوني على ما أملك، بالرغم من أن ما أملك في تلك الفترة شيئاً عادياً وبسيطاً، والفكرة من هذا الموضوع أن المرء لايشعر بما أنعم الله عليه من نعم كثيرة، وغالباً ماينساها، ثم يذهب تركيزه بالتفكير بأولئكَ الناس أو الرفاق أو الأقارب الذين يملكون مالاً سيارات يسافرون عندهم أدوات ترفيهية مختلفة، وبالمقارنة فإن مانشترك فيه ومانملك مع الأخرين يعادل أكثر من 90% في حين أنهم فقط أكرمهم الله لحكمته بأكثر من 1% وقد يبدو لنا أن لديهم الكثير، في حين أن الله أعطانا مزايا لم يعطهم، وليست بالضرورة هذه المزايا مادية فقد تكون أشياء أخرى مثل العلم أو الذكاء أو الشكل أو الأخلاق أو غير ذلك، وهذه الأشياء الأخيرة قد لاتقنع الكثيرين للأسف، إلا أولئكَ الناس الحكماء، والذين يقلبون أعيونهم في نعم الله وعطاياه، ويقدرونها حق قدرها.

ماتفكرين به الآن أشبه بتفكير بنت مراهقة، بالرغم من أنه يبدو لي من خلال كتاباتك أنكِ إمرأة واعية وافهمة، ولكن بعض الناس يبقى عندهم أسر للماضي ولا يحاولون تجاوزه.
لو كل من أصبح أسيراً لماضيه لما تقدم، وتذكري أن أغلب الذين تلتقين بهم أو تشاهدينهم في أي بقعة في العالم مروا بتجارب قاسية وقاهرة، ولكنهم تجاوزوها بالقدرة على النسيان والتفاعل مع الواقع وخلق فرص السعادة، بل وصناعتها من خلال ماهو موجود.
الجيد أن هناك أمور جميلة تحدث في حياتك، فأسرتك أصبحت أكثر ترابطاً، ولديكِ الكثير من الحرية، وهذا أمر جميل.
العادات والتقاليد التي ترهقك، ليس من الحكمة الوقوف طيلة الوقت وسبها وجعلها هي السبب في تعاستك، الذكاء يكمن في التجاوب والتفاعل معها، أضحك ابتسم انسجم وفق مالديك مما هو متاح، المتعة ليس بالضرورة أن تكون على شاطئ جميل تنتشر حوله أشجار الموز مع بنت لابسة البيكيني ومعها كأس من الشرب تتجاذبون الأحاديث وشعرها كالشمس يشع نوراً أو يتمايل كسعف النخيل، وليست شاباً وسيماً مفتول العضلات حاد الملامح ممسكاً بيد أنثى في شارع الشانزلية، المتعة يا أختي الكريمة ضحكة طفل بر والدين احسان إلى ضعيف أو مسكين، نكتة من صديقتك أو أختك أو أخوك.
أذكر هذا ليس تطيباً للخاطر، ولكن إيماناً تاماً، لأن بعض الناس يظنون أن متطلبات السعادة والفرح تكمن في الأشياء التي يبدو لنا جمالها أو نتخيل متعتها ولذتها وذكرتٌ بعضاً منها ويقاس عليها أموراً كثيراً.

دعينا ننزل لواقعك، أنتي مدرسة وراتبك ربما يلامس العشرة آلاف أو أقل أو أكثر بقليل، المهم أنه راتب جيد، عمرك في الثلاثينات.
طرحتِ قبل السفر للخارج والاستقرار فيه!؟ هل تعرفي مالسبب؟ هو الانتقام من بعض مواقف الماضي التي أنتي أسيرة لها، ومن واقعك الاجتماعي الذي لاشأن له بكِ، لأن الواقع لم يسبب لك مشاكل بقدر ما أن المشاكل تأتي بطريقة تفكيرك وطريقة تفاعلك معه.
يمكن للإنسان التفاعل والعيش بأسوأ الضروف، فكيف وأنتي تملكين من الخير الكثير الذين ترينه ولا ترينه.
من الذكاء التفاعل مع الواقع الاجتماعي، والحقيقة أحزن كثيراً حينما ينتقد أحد واقعه ليس بالضرورة في أي بلد من البلدان، فكيف في بلد جميل وفي فرصة رائعة تملكينها!!
بالنسبة للزواج! لا أدري لماذا لم تقبلي أو لم يحدث نصيب أن تزوجتي من شخص من ابن بلدك!؟ كان أمريكي وكان آسيوي، هل لديك مثلاً نزوع للالتقاء بالغريب والاحساس أن لديه ماليس لدى ابن بلدك باعتبار أن مزمار الحي لايطرب!؟
لابد أن تنزلي للواقع وتتفاعلي معه، رغم أني أعتقد أنكِ فعلاً متفاعلة معه ومتجاوبة والدليل أنكِ مدرسة ولديك زميلات ولديك طلبات فرغماً عنكِ ستكوني متفاعلة، لكن المشكلة بالأفكار لديك وبالعاطفة، وهذا مايجب أن تصلحيه لأنه يجب أن يكون التفاعل الفكري والعاطفي متناسقاً مع الواقع وليس هناك أي انفصام بينهما، مع تأكيدي على أنه في الوقت نفسه من الجيد أن يكون للمرء رؤية نقدية للظواهر الاجتماعية، ويكون له مواقفه وقناعاته الشخصية، ولكن لاتؤثر هذه الرؤية على الأفكار التي تعصف بالنفس والذهن والعاطفة وتجعل هناك غربة داخل المحيط الاجتماعي.
هذا مالدي حالياً، وأتمنى بعد قرائتك لردي، أن تححدي بشكل أدق المشاكل الرئيسية التي لديك، لنسعى لحلها، وأرجو أن تجيبي على هذه الأسئلة:
عمرك؟
كم لك سنة في شغلك؟
هل لديك صديقات؟
علاقتك بأخوانك وأخواتك؟
تخرجي بالويك إيند؟
هواياتك؟
راضية عن شكلك؟
إيش إيجابياتك؟
إيش عيوبك؟
أيش أولوياتك؟
أكثر شي تتمنينه يتحقق خلال السنوات القليلة القادمة؟ (أذكري شي أو أكثر من شي)
هذه الأسئلة ستفيدني في معرفة أكبر لتحليل شخصيتك.

__________________
ياصبحِ لاتِقبل !!
عط الليل من وقتك..