أنا تائهة !!
بسم الله الرحمن الرحيم ..
قالت – بنبرة حزينة - : أشعر أني تائهة.. أدركني يا دكتور!
قلت لها: هذا إحساس رائع!
دهشتْ.. أنا منذ عشر سنوات، ومركب حياتي لم يرس على شاطئ.. أعيش قلقاً يحاصرني، يكاد يخنق أنفاسي، وتقول لي: إنه إحساس رائع؟!
قلت لها: كثيرون جداً يتيهون، ففي رحلة الحياة تضيع المعالم أحياناً، ويساعد على هذا الضياع ابتعاد الأهل، أو ابتعاد الشخص عنهم، ومن هنا يفاجأ الإنسان بنفسه تائهاً.. يظل مركبه يعوم وسط (يمّ) الحياة.. تخلب نظره بعض الشطآن، فيحس بفرح غامر، ولكن قبل أن يلقي مرساته تبدو له مناظر مزعجة، أو يرى في (لغة) أهل الشاطئ ما يدعوه إلى عدم الشعور بالأمان، فيرفع مرساته ويبحر من جديد، ليتكرر المشهد ربما مرات..
بل ربما وقع الشخص في أسر (عصابات) بعض الشواطئ، وناله (أذى) قبل أن يفلت منها بصعوبة!
إن من الرائع أن يدرك الإنسان أنه (تائه)..
إنها لحظة (اليقظة) الحقيقية من (نوم) البلادة الممتد.. إن هناك من هم غارقون في (بحار) التيه إلى الآذان، وربما عرف ذلك كل من رآهم، ويبقى الواحد منهم هو الشخص (الوحيد) الذي لا يدري أنه (تائه)!!
إن من يعرف أنه تائه سيحس بقلق (إيجابي) يدفعه للبحث عن (بوصلة) يستطيع من خلالها معرفة أو تحديد (الاتجاه) الصحيح.
إن هناك ثورة داخلية يعلن عن ولادتها داخل الشخص أحياناً لتدل أن الحياة لا تزال تدبّ فيه، وإن بدت بعض أطرافه (ميتة)!
إن بداية شعوره (الحاد) بأنه (تائه) هي التي تمثل –غالباً- شعوره (الحقيقي) بالنضج؛ إذ هي (رفض) حاد لواقع (مرّ)، وتوق جارف إلى (تغييره)!!
د. عبد العزيز المقبل
مجلة حياة العدد (74) جمادى الآخر 1427هـ
**
سبحان الله أعجبت كثيرا بهذه المقالة لأني فعلا أنا تائهة وعندما قرأتها انصدمت مثل الفتاة في البداية إلى أن غيرالدكتور فكرتي عن التيه والشعور بالضياع والقلق وأنهم أمور إيجابية رائعة خاصاً إذا كانت في موضعها الصحيح ..
لأنها إذا كانت في غير موضعها كان هناك الغفلة والضياع "اللهم إني أعوذ بك من الغفلة - اللهم إني أعوذ بك من الغفلة - اللهم إني أعوذ بك من الغفلة"
فنقلتها لكم وإن شاء الله يجعل بها الفائدة لمن يشعر بهذا الشعور ..
( اللهم اجعل نفسي نفساً مطمئنة طائعة حافظة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وتقنع بعطائك وتخشاك حق خشيتك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم )