حكم ألجراحه التجميليه لإصلاح عيب خلقي أو طارئ0
يكاد يتفق الفقهاء المعاصرون على أن ألجراحه التجميليه التي تجري لعلاج عيب خلقي أو عيب طارئ نشأ عن حادث أو مرض أو غير ذلك تأخذ حكم ألجراحه العلاجية كاستئصال الزائدة الدودية واللوزتين عند الالتهاب
وحكمها عندهم الجواز بالشروط التالية :
1)أن يقرر الاطباء المختصون حاجه الإنسان إليها إما لإصلاح ما في العضو من خلل وضيفي يؤدي الى عدم قيامه بوصيفته على الوجه المطلوب0
2) أن يتعين العلاج الجراحي ولا يقوم غيره من العلاج مقامه0
3) أن يغلب على الضن نجاح العملية دون أن يكون لها عواقب تورث مفسده أعظم من المفسدة الحاصلة بتركه على حاله0
4) أن يكون الطبيب قادر على إجراء العملية ألجراحيه ماهر في ذلك 0
5) إذن طالب العملية أو إذن وليه0
إلى هذا الحد والأمر يتفق عليه عند أهل العصر0
ولكني أضيف إلى ذلك أن الخلل الوظيفي يختلف باختلاف العضو فقد تكون وظيفة العضو حيوية وجماليه وقد تكون جماليه فحسب أو حيوية فحسب0
فالأعضاء غير الظاهرة للناس تعتبر فيها الو ضيفه الحيوية والأعضاء الظاهرة قد تكون وضيفتها حيوية وجماليه مثل العين اذا أصابها حول فإصلاحه يفيد من الناحية الوظيفية والجمالية وقد تكون جماليه فقط كما في الإذن وانخفاضها غير المعتاد0
فهذا الانخفاض لا يؤثر على وضيفتها الحيوية بل الجمالية وكما في ألوحمات والبقع التي تكون في مكان ظاهر كالوجه 0والمرجع في تقدير ذلك الى الطبيب العدل العارف بوظائف الأعضاء البصير بعادات الناس وطباعهم
وهذي زيادة مني الكاتب أو الناقل (بلينا بكثير من المستوصفان الخاصة وخاصة ألتجميلي منها الهدف المادي يغيب معه النصح الطبي وأخلاقيات المهنة فل يؤخذ هذا في الحسبان)0
الأدلة على ذلك:
1)أن الله امتن على الإنسان بقوله : (لقد خلقنا الإنسان في احسن تقويم) فإذا وجد في خلقته خلل يؤثر على وظيفته العضوية أو الجمالية فمن مقاصد الشارع إعادته الى حالته لان بقائه قد يسبب له خللا ينقصه عن نظرائه 0
2)حديث عرفه بن اسعد رضي الله عنه قال :قطعت انفي يوم الكلاب في الجاهلية فاتخذت انف من ورق فأنتن علي فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اتخذ انف من ذهب0
القواعد الفقهية:
1) قاعدة

الضرر يزال) عند وجود العيب الخلقي فيعد ضرر
2) قاعدة

الضرر لا يزال بمثله) تقتضي انه إذا كانت هذه ألعمليه التي ستجرى لضرر متحقق لا ينبغي أن تخلف ضرر مثله أو اكبر منه وإلا فلا يجوز اجرائها0
3) قاعدة (الحاجة تنزل منزلة الضرورة) فإذا ثبت أن الإنسان بحاجه إلى تعديل هذا الخلل جاز له تعديله بالعملية الجراحية كما يجوز في حال الاضطرار أكل الميته0
4) قاعدة (( الضرورة تقدر بقدرها)) تدل على أن العمليات التجميليه لا يجوز ألجوء إليها إلا في حالت تعذر الانتفاع بغيرها0
5) قاعدة ((العبرة بالغالب الشائع لا بالنادر)) تقتضي انه يبنا الحكم على الغالب عند الاختلاف مثال (إذا كان الغالب في هذا النوع من العمليات نجاحها فيجوز إجرائها 0
ويدخل تحت هذا النوع من العمليات التجميليه المشهورة ما يلي :
1) تعديل الحول في العين0
2) تقويم الأسنان ولو أدى الى خلع بعضها0
3) ترقيع الجلد المحترق في الوجه واليدين أو غيرهما مما يطلع عليه الزوج ويؤثر في استمرار الحياة الزوجيه0
4) عملية انسداد الفرج المانع من استمتاع الزوج او من الحمل 0
5) إزالة الثاليل البارزة في الوجه أو اليدين أو غيرهما مما يطلع عليه الزوج0
6) عملية إزالة الشعر ممن خلا رأسه منه او كاد0
7) عملية تخفيف الوزن إذا أجريت لمن أصبح وزنه الزائد (خطر ) على صحته0
8) إزالة التشوه الظاهر في الإذنين أو الأنف أو نحوهما 0
9) عمليات تصغير النهدين أذا كبرا إلى درجه تؤثر على العامود الفقري0
حكم الجراحة لتحسين شكل لا عيب فيه0
إذا كان العضو ليس به عيب ظاهر لا بأصل الخلقة ولا بسبب حادث فقد يقوم بعض الناس بإجراء عمليه تجميل له لزيادة تحسينه أو لقصد أخر 0
وهذا النوع من العمليات التجميل يختلف حكمه باختلاف عاملين هما:
1) القصد من عملية التجميل0
2) ورود النص بمنعها أو إباحتها 0
ويمكن تقسيمه بحسب هذين العاملين الى الأقسام التالية:
أ) ألجراحه التجميليه للهرب من العدالة
وهذا النوع من الجراحات محرمه باتفاق الباحثين 0
القاعدة (( الأمور بمقاصدها ))
لان هذه ألجراحه تعين على استمرار الظلم وعدم مجازات الظالم 0
((الوسائل لها أحكام المقاصد))
ب) ألجراحه التجميليه التي يقصد بها الفرار من الظلم والذي لا تردعه سلطه ولا توقفه قوه عادله :
قال الباحث لا أجد من نص على حكمه من الباحثين وهو متصور الوقوع 0
الدليل من النص :
قوله تعالى( فإن خفتم فرجال أو ركبانا 0000)
- من القواعد الفقهيه:
(( الضرورات تبيح المحصورات )) ( واضحة التطبيق )
ج) ألجراحه التي يقصد بها التخفي بين صفوف العدو للتجسس عليهم :
هذا القسم لم أجد من تكلم عنه من الباحثين وهو متصور الوقوع والذي يظهر لي تحريم هذه الجراحة 0
والدليل قوله تعالى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) وجه الدلالة : أن الله علل النهي عن القتل بالرحمة والرحمة تقتضي النهي عما يؤلم من ألجراحه التي لا تدعو لها حاجه أو ضرورة
وقوله تعالى( ولأمرنهم فلبتكن أذان الأنعام0000 ) الآية
فا لآية تدل على أن تغيير خلق الله يأمر به إبليس ولا يكون مشروعا 0
وهذا النوع من الجراحة فيه إيلام للنفس وتغيير لخلق الله معتادة من غير ضرورة ولا حاجه صحيحة يتعين هذا الأسلوب لتحقيقها 0
د) خرم إذن المرأة لتعليق الزينة :
هذا النوع من الجراحة مباح ومما يدل على ذلك
1) إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للعادة الموجودة عند العرب في الآذان والأنوف
من القواعد الفقهية :
- الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامه كانت أو خاصة
- العادة محكمه 0
ويلحق بهذا الجراحة الخفيفة إذا كانت فيها مصلحه ظاهره 0
ه) عمليات الوشم :
الوشم كلمه واحده تدل على تأثير في شي تزيين له ومنه وشم اليد 0
وهو محرم بنصوص كثيرة ( قلت إنا الناقل : لعلي اقتصر منها على )
- حديث ابن عمر رضي الله عنهما في صحيح البخاري (( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة ) 0
وفي هذا الزمان تفنن الأطباء في الوشم فلم يعد مقتصر على رسم الطيور والحيوانات بل أصبح الوشم يتم لتغطية بعض العيوب كوشم الحاجبين إذا زالت بسبب مرض أو حادث وكالوشم لتحديد الشفاه أو تلوينها أو تلوين الخدود ونحو ذلك 0
ولصراحة النصوص في تحريم الوشم فإنه عمل محرم ويلحق به كل ما هو في معناه من أنواع الوشم المستحدثة 0
والذي يظهر أن علة التحريم هي جرح البدن بقصد تغيير لونه بما لا يزول بالغسل 0
فكل جرح يقصد به تغيير لون بعض البدن بلون يبقى مدة طويلة فهو في معنا الوشم فيحرم 0
وعلى ذلك يدخل فيه
- تغيير لون الشفاه أو إطرافها بحقن ماده باقية لا تزول بسهوله 0
- وكذا حقن الخدود والوجنات تغير لونه بماده تدوم طويلا 0
- وكذا من وشمت حاجباها بعد تساقط الشعر يرى الباحث التحريم خلافا لمن رأى الجواز ( الشيخ صالح الفوزان – في رسالة دكتوراه حديثه – الجراحة التجميليه )
ولذا فالظاهر والراجح ما ذكره الباحث ( الشيخ عياض لقوة استدلاله )
ولا مناص عن التسليم والوقوف عند النص وعدم الوشم للتظاهر بوجود الحاجبين ولكن لو زرع مكان الحاجبين شعرا عن طريق زراعة الجلد فالظاهر جوازه لعدم النص على تحريمه بخلاف الوشم 0
الجراحة لتغيير عضو لا عيب فيه بقصد التشبه بشخص أو طائفة :
وهذا النوع من ألجراحه انتشر في بلاد غير المسلمين ثم ما لبث أن انتقل إلى بلاد المسلمين0
حكم هذا النوع من العمليات الحرمة وذلك لما يلي :
1) أنها عبث بالجسم ومحاوله لتغيير خلقته دون هدف لامشروع0
2) أن هذه العمليات داخله في تغيير خلق الله الذي ورد النهي عنه في قوله تعالى حكاية عن إبليس ( ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ) تغيير خلق الله من غير هدف مشروع مما يأمر به الشيطان
وقول النبي صلى الله عليه وسلم (المتفلجات للحسن المغيرات خلق الله )
3) أن هذه العمليات أولى بالمنع من الوشم والوشر المنصوص على تحريمهما فتقاس عليهما قياس اوليا0
وهذا النوع من الجراحه يبدو انه محل اتفاق بين فقهاء العصر بل كل من كتب في هذا الموضوع من الفقهاء حكم بتحريمه لوضوح أدلة التحريم0