بسم الله الرحمن الرحيم
بعد قرأتي لبعض المواضيع في القسم وبعد التعليقات والتجارب من الاخوة والاخوات المغتربين بخصوص تربية الاطفال في الغرب وتأثير ذلك عليهم كان لي رأيي يختلف نوعا ما عن كثير من الاراء التي قرأتها هنا .
وقبل أن ادلي برأيي المحافظ جدا ربما والذي يركز اكثر على سيئات تربية الاطفال في الغرب وحتى يكون رأيي اكثر توازنا احببت في البداية ان انقل لكم فوائد تربية الطفل في حضارة اخرى او كما يسمى في الغرب Third-Culture Kids
ساسرد لكم بعض من مميزات تربية الاطفال في ظل ثقافتين مختلفتين كما اراه وكما عايشت ورأيت من حولي ... قد اصيب وقد اخطى والموضوع في الاخر هو وجهة نظر وقابلة للنقاش وليس موضوعي هذا سوى مقدمة لما اريد ان اقوله وهو السلبيات المترتبة عن تربية طفل في الغرب
ومن هذه الميزات:
1. يمتلك هذا الطفل ثقة بقدارته تنبع تلقائيا من خلال شعوره في المنزل في ظل ابوين مهاجرين انه اكثر تميزا واقدر على اشياء هم لا يقدرون عليها مثل اللغة ، فنجد كثير من الاباء والامهات في الغرب يلجأون الى اطفالهم في حالة لم يفهموا كلمة او معنى جملة معينة وهذا مما لاحظته خلال اقامتي في الغرب حيث وجدت احيانا ان بعض الابناء يترجمون الكثير للاباء والامهات ويساعدوهم في كثير من المتطلبات التي تحتاج الى لغة قوية .. طبعا هذا ليس الحال مع الاباء الاكثر تعليما والذين لا يحتاجون الى هذه المساعدة ... في موضوع اخر غير اللغة نجد ان الطفل وبسبب ذهابه الى المدرسة يدرك اشياء ومعلومات لا يدركها الاباء فنراه يعود للمنزل يشرحها ويشرح اهمية مثلا عدم رمي الورق في الشارع ومذا يسمى هذا بالقانون وما هي العقوبة حرفيا ونجد ان الاباء لا علم لهم بها كما لا علم لهم بطرق كثيرة للمحافظة على البيئة وعلى درجة حرارة الارض الامر الذي اصبح من البديهيات لدى الطفل الذي كثيرا ما ينبه اهله للامر عندما لا يمتثلون ... هذه الاشياء وان كانت بسيطة لكنها تخلق صفات من القيادية والثقة لدى الطفل ستؤثر لاحقا كثيرا على شخصيته ان ساعده الاهل على ذلك .
2. يمتلكون ادراك اوسع للعالم من حولهم: ... من وجهة نظري هذه نقطة مهمة جدا فلو تخيلت نفسي وانا طفلة كان حدود العالم من وجهة نظري هو بيتنا والطريق من البيت الى المدرسة وعندما تتوسع خيالاتي اعرف ان هناك عالم اخر لا يؤمن بالاسلام دينا وهم لا يحبوننا ومن هذه الافكار التي تتوالد بشكل خاطئ بسبب عدم انفتاح اوسع على الاخر منذ الصغر .
بالتالي فان الطفل الذي يتربي ضمن ثقافة مختلفة عن ثقافة الاسرة في البيت يعرف ان هناك اختلاف طبيعي في هذا العالم يجب ان نتعايش معه ونتفهمه ، وغالبا ما يكون هناك نزعة مستمرة للاستشكاف والتعرف على الاخر لدى هذا الطفل الامر الذي ساعد على خلق حالة ابداع في غالب الاحيان.
3. هذا الطفل في الغالب يكون متحدث صغير لاكثر من لغة فانا مثلا وخلال تواجدي في الغرب لاحظت ان هناك اطفال كثيرين يتحدثون الانجليزية والاسبانية ، أو الانجليزية والفلبينية ، او الانجليزية والفارسية ، او الانجليزية والعربية وهكذا بل اني تفاجأت بكثير من الاطفال الذين يتحدثون اكثر من لغتين كتلك الطفلة اليهودية التي عرفتها والتي تتحدث الانجليزية والعبرية والفرنسية بطلاقة .. ومن المعروف ان تعلم لغة في الصغر هو اسهل بكثير من تعلمها على كبر ووجود الطفل في ضل ثقافتين تتجاذبه في نفس الوقت في حدود المدرسةوالبيت مثلا تجعله يجيد التعامل مع كل ثقافة بلغتها ، وبرأيي هذا عامل يسهل على هذا الطفل في المستقبل وعندما يكبر ان يتعلم لغة او لغتين اكثر وبسهولة ... وربما هذا سبب لان نجد ان ابناء المهاجرين في الغرب نجحوا كثيرا على المستوى المهني في كثير من الاحيان اكثر من ابناء البلد من ابويين غير مهاجرين.
4. التميز الذي سيحققه هذا الطفل في خلال دراسته على مستويات كثيرة فانا مثلا كنت استغرب لطفلة عمرها 7سنوات من ابوين مهاجرين وحجم ادراكها الهائل لخرائط العالم وعواصم الدول واسماء الانهار والبحيرات وتاريخ كثير من الدول وهذا تولد لديها من كثر اسئلتها عن بلدها الام ... فمثلا ان تعرف انها تقع شمال الدولة الفلانية هذا يقودها ان تعرف في اي قارة وعلى اي بحر وكم تبعد عن بلدها التي نشأت فيها .. عندما يهتم الطفل بأسئلة من هذا النوع منذ صغره في الخامسة وربما اصغر .. من الطبيعي ان يكون متميزا في المدرسة خصوصا ان اقترن هذا بحبه للقراءة والمطالعة التي هي بطبيعة الحال جزء من ثقافة العالم الغربي والتي يستفيد منها ابناءنا كثيرا هنا ويفتقدها ابناءنا في بلداننا الام
5. نقطة مهمة جدا قرأتها واحب نقلها لكم وهي انه احيانا يكتسب هذا الطفل مقدار كبير من الثقة بالنفس نابعة من ادارك اوسع لطبيعة العالم من حوله وان الكون يبنى على الاختلاف ، حيث يدرك ان هناك اقليات وهناك الوان من البشر وهناك اديان مختلفة وبالتالي لن يشعر انه اقل حينما يكون ضمن اقلية او يشعر بنوع من الضعف عندما يكون مختلف باللون او الدين او الانتماء بين اكثرية مختلفة .... واريد هنا ان انبه ان هذه النقطة ليست دائما ايجابية بل انه احيانا يكون هذا الاختلاف سببا لانعزالية وضعف في الشخصية لدى الاطفال وبطبيعة الحال هذا يعتمد على وعي الاسرة وطريقة تربيتها للطفل ومدى مساعدته للاندماج في مجتمعه الاخر خارج نطاق الاسرة. وساركز على هذه النقطة ان شاء الله في موضوعي القادم عندما اتحدث عن السلبيات.
6. سهولة التأقلم والاندماج لهذا الطفل في شتى الظروف ومع مختلف الثقافات ... فاذا عاد هذا الطفل الى مجتمع الوالدان المحافظ لا يجد صعوبة كبيرة في التأقلم والتفهم للاختلاف عن ما وجده في مجتمعه الغربي ذي النزعة التحررية. فتجده في المدرسة يعايش اقرانه من مختلف الخلفيات ويخاطبهم بلغة واحدة يكاد الجميع يفهمها وعندما يعود للمنزل يتفهم ان بعض الاشياء غير مقبولة في المنزل وبكل ذكاء ودهاء بنفس الوقت نجده يتفهم عدم قبول الاهل لها. هذا الشي يوثر ايجابيا على هذا الطفل عندما يكبر فنجده اقل تعصبا لجهة اوثقافة او دين واكثر تفهمها للاختلاف وتقبلاً له.
حاولت ان اختصر اهم النقاط بنظري للايجابيات التي قد يكتسبها الطفل الذي يعيش في ثقافة مختلفة عن ثقافة الابوين وطبعا هذه الايجابيات دون مساعدة من الاهل ومساندةتهم وتفهمهم لن تكون سوى سلبيات تضاف الى السلبيات الكثيرة التي ساذكرها في موضوع منفصل .
اخيرا اقول لمن يفكر في الهجرة ولديه اطفال هذا الموضوع ليس دعوة لتحضر اطفالك وتربيهم في الغربة لان السلبيات كارثية على بعض الاطفال خصوصا لمن يريد ان يربي اطفاله تربية دينية صحيحة وهذا ما سنناقشه لاحقا ولكني ومن أجل موضوعية الحديث بدأت اكتب عن الايجابيات لانها موجودة ولا نستطيع ان ننكرها ولا يعني اني اشجعها ولو خيروني في المستقبل ورزقت باطفال فاني ساعود بهم الى بلدي ولن ابقى معهم في الغربة مهما كانت الظروف .