السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مابعد السلام ، ذاتٌ كالنخلة حكيمة بعطائها وبموتها ثمينة !
ذاتٌ ولدت كبيرة واستمرت كبيرة حتى هذه اللحظة ، لم تفكّر بالشقوة التي عاشتها ولم تلتفت للوراء يومًا ما وأبدًا
ذاتٌ نامت على الأرض حتى تصلّب ظهرها ، وحملت الثقيل حتى نتأت عظام ترقوتها ، عاشت ماعاشت وأحكمت البداية بالنهاية رغم أنف كل الظروف ، وابتلعت الحزن مهما عظم وتكاثر .
مابعد ذلك ، يأتي الحاضر الذي لايزال رطبّا ، والجرح فيه لايزنف لأنه يُطهر كل حين ويعالج كل مدّة حتى أتجنب النزف
أنا فتاةٌ ككل الفتيات وإن كانت حياتي القديمة أهلتني مبكرًا للأمومة والمسؤلية الكبيرة ، عكفت على خدمة أهل البيت بتفانٍ وكنت عضد أمي في كل شيء وحينا كثيرة أخذ المسؤلية منها وكانت تقول لي ( أنتِ أمهم الثانية )
مرّت السنوات وكبرت فيها ونضجت أكثر وأكثر ووصلت السنّ الخطر كما يُقال عنها "الثلاثين" لم أكن أبّهُ كثيرًا وكنت أمتلك شيئا من القوة والتماسك إلى أن تمت خطبتي على شخصٍ ما وتم عقد القرآن بعد السؤال عنه والتمحيص .
لم أفرح ولم أبتهج والمرة الأولى التي رأيته فيها كرهته كرهًا شديدًا ، والجميع أجمع بأن هذا طبيعيّ ، مرّ الشهر الأول دون أي شيء يُذكر لم يبادر بأي شيء حتى أتفه شي - كالرسائل مثلا - قلت ربما هكذا طباعه ! وكرهي له في تزايد
جائت ساعة العرس- بعد شهر وقليل من عقد القرآن- البسيط والعائلي جدا طلبت منهم أن لا يحضر أحدّا وكأني نظرت للغيب من سترٍ رقيق ، وسريعا تم الزفاف وبثوبٍ عادي وزينة عادية وذهبت معه وكانت الكارثة ، مجرد ساعات لا تتعدّا الخمس ورجعت لأهلي كما خرجت منهم وحينما رأيت ما رأيت حافظت على نفسي منه ومن قذارته .
إلى هنا انتهى كل شيء في مدّة وجيزة ، وكأنه كان صخرةً صمّاء عظيمة تزحزحت عن صدري وتنفست الصعداء .
أنا الأن لا أعاني تبعيات الطلاق مطلقا لأني مؤمنة بأنه خير الحلول ، وبأنه طلاق ناجح بكل المقاييس ، ولم أشعر أني عروس بالأساس كي اتحطم رغم كل ماعشته أول ليلة معه بيد أني استطعت أن أتعدّا تلك الأزمة بشكل مهول ولله الحمد في ذلك حدّا أن الناس مستغربين من شدّة تماسكي وقوتي خصوصا أني ظهرت للمتجمع فور طلاقي والذي مابينه وبين الزواج غير أسبوعٍ واحد
وحقيقة البعض واجه والدتي بذلك بمدائح كثيرة لم أكن أتوقعها يوما من الأيام .
حسنًا إذًا ممَّ أعاني ؟
معاناتي معاناة أمٍ مفجوعة لم تلد يوما ولم تحمل بجنين يختلط دمه بدمها ، شعور الأمومة يتضخم في نفسي وأحلم بكلمة "يمّه"
حينما أرى امرأة حاملًا أشعر بوخزاتٍ مؤلمة وأقول في نفسي " ماذا لو كان الله جلّ في علاه يهب من تريد طفلا كما وهب مريم عليها السلام من دون رجلٍ غرّ أحمق مقيت أُبتلى به !" وأعود استغفر الله وأطلبه الرجل الصالح .
صرت أفكر وأقول "ايوجد رجلٌ يستحق ؟" وأعود لربِ واطلبه رجلا يستحقّ ، أي أني أعيش بحسن ظني بالله وأغذّي شكّي بيقيني به سبحانه .
وأقل إيلامًا أن يأتوكِ شيوخًا بعتباركِ أنسة وكبيرة بعض الشيء ومطلقة وترفضِ جملة وتفصيلا لأن الهدف من الزواج الاستقرار بعد الأمومة ، تحقيق الهدف الأسمى به لا أن أعيش بحيوانية مقززة أو ممرضة .
لأول مرة أفكر بفكرة الفضفضة ، لا أدري فقد تعودت على الكتمان ، لكنّ ثمة كلمات سمعتها من أقرب الناس هي لاتجرح لكنها تخيط قلبك بالةٍ حادّة ، تنزعه من مكانه سمعت كثيرا لكنّ هذه الكلمات والرؤى أثرّت فيّ بشكل كبير وغير متوقع
عرفت من خلالها أن ثمة أمور في المجتمع لن تتغير وإن غيرتها أنت من نفسك
أنا لست مكسورة لكنّي موجوعة بكل شيء أولها الأمومة .
أعتذر عن طول حديثي وتمزقه وعدم اتصاله بفكرة أو شكوى وارتباطه بالفضفضة فقط .