فقدان البركة، بين عدم شكر النعم و الاصابة بالعين - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

مساحة مفتوحة موضوعات ونقاشات علمية، وثقافية، وفكرية، واجتماعية.

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 06-09-2013, 02:25 AM
  #1
الورّاق
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Jun 2011
المشاركات: 63
الورّاق غير متصل  
فقدان البركة، بين عدم شكر النعم و الاصابة بالعين

إن عدم شكر النعم في وقت ذكرها في اعتقادي هو الذي يسبب فقدان البركة وحصول المشاكل أكثر من أعين الناس ، فاشكر النعمة حين تذكرها, قال تعالى { وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ إِن تَرَ‌نِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا } ﴿الكهف: ٣٩﴾ ..

وقارون لم يشكر النعمة ونسبها إلى علمه، وكلاهما (قارون وصاحب الجنة) محقت البركة من ممتلكاتهما، وإلا فما أكثر حساد قارون .. و ربما هذا ما يقصده الحديث الذي أمرنا عندما نرى شيئاً يعجبنا أن نقول: ما شاء الله تبارك الله ، لأنه أمر بذكر الله, وكلمة "ما شاء الله" الأولى أن يقولها صاحب النعمة أو من يهمه أمرها ، لأن شكر الله هو الذي يديم النعم ..

لاحظ قوله تعالى {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْ‌نَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْ‌جُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾ قَالُوا طَائِرُ‌كُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْ‌تُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِ‌فُونَ ﴿١٩﴾ } ، قف هنا و ضع معها آية : { ما أصاب من مصيبة فبما كسبت أيديكم } ، و من هنا نفهم أن الإنسان مسؤول عما يصيبه من نقص البركة و ليس الآخرون.

هذا الكلام على هدي القرآن ، من شاء أخذه و من شاء تركه ، ولا نور غير نور القرآن..

إن عدم شكرنا للنعمة حينما ننتبه لها فيه جفاء مع الله وغرور بالنفس قد يجعل الله يغضب منا وينزع البركة عنا ، و هذا ما جربته أنا بنفسي وعانيت منه ، أي أني عانيت من عيني أنا و ليس من عيون الناس الذين أتحداهم دائماً أن يصيبوني بأعينهم ولم يستطيعوا بحفظ الله ..

تذكر في حياتك.. ستجد ما يشير إلى ذلك . حتى آليت على نفسي ألا أنتبه إلى نعمة إلا وأشكر الله عليها في حينها ولو بيني وبين نفسي خوفاً من زوالها.

صديقي حصل له حادث سيارة في الشهر الماضي كان يقول بنفس اليوم بينه وبين نفسه: "كل يوم أذهب من هذا الطريق الخطر ولم يصبني حادث" ولم يشكر الله , و في طريق العودة في نفس ذلك اليوم وقع له حادث فظيع لولا رحمة الله لزهقت روحه.

حتى موسى -عليه السلام- عندما سـُئـِل : هل يوجد من هو أعلم منك على الأرض؟ قال: لا, وهنا امتحنه الله بالخضر الذي أوتي علماً لم يؤته موسى .

ولقد لاحظت بقاء النعم التي أستمرُّ في شكر الله عليها, قال تعالى : { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} حتى لا ننسى الله ونذكر أنفسنا ومجهودنا فقط .. وكل شيء عندنا هو من الله وليس من أنفسنا, إنما نحن وغيرنا أسباب ، وهكذا نكون عبيداً لله فالعبد لا ينسى مولاه .

إذا تذكرت أنك تبصر فاحمد الله في نفس اللحظة, إذا رأيت أطفالك بصحة جيدة فاحمد الله فوراً, إذا قمت معافى من نومك فاحمد الله الذي أحياك بعد موتك, قال صلى الله عليه وسلم : (يا غلام احفظ الله يحفظك) ، ولم يقل: انتبه من أعين الناس؛ لأنه ما من خير إلا برعاية الله وهو القادر على إزالته..

وتذكر صاحب الجنة وقارون و { قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} ، وتذكر قول اليهود : {ربنا باعد بين أسفارنا} , كل هذه المصائب أتتهم بسبب أنفسهم, لا بسبب حسد غيرهم ..

و تذكر وعد الله وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم, فنحن الذين نزيل نعمنا عنا و ليس الآخرون, نحن من نضر أنفسنا أكثر مما يضرنا الآخرون . ولو أن قارون سمع النصيحة ونسب النعمة إلى صاحبها وأحسن كما أحسن الله إليه لما زالت نعمته, أيّة عين ستصيب قارون مثل لعنة كفر النعمة التي جعلته يُخسف به وبداره وكنوزه ؟!

تخيل أنك تصنع معروفاً لأحد تلاميذك في صدر مجلسك ثم ينسبه لنفسه ولا يذكر دورك, ألا يسخطك هذا؟! وقد تقطع عنه معروفك؟ يجب أن نتعامل مع الله بأخلاق مثلما تعامل معنا بأخلاق, وهو أهل الذكر والشكر, والفضل للمتقدم.

إن هذه هي العين الحقيقية التي يجب اتقاؤها, كل له نصيب من سخط المنعم بسبب كفره, تذكر غرق التايتنك التي أكدوا أنها السفينة التي لا يمكن أن تغرق, وتذكر انفجار مكوك الفضاء "تشالنجر" ومعناه"المتحدي".

كل نظرة مبنية على الغرور يلاحقها سخط الله وتمحق البركة بسببها عاجلاً أو آجلاً, لأن الكون لله يديره كما يشاء, ولا يستطيع أحد أن يثبـّته كما يشاء. هذه ما يمكن تسميتها بـ "إصابة الجحود" أو "لعنة كفر النعمة" بدلاً من "إصابة العين" ..

والخوف من إصابة الجحود يزيد الإيمان ويقوي العلاقة بالله ويثبت النعمة ويبارك فيها ولا يضر المجتمع في شيء ولا ينشئ العداوات ويسبب القناعة وحسن الأخلاق ، أما الخوف من إصابة العين فيقلل الثقة بالله ويجعل الخوف ينصرف إلى غيره بعد أن يعطَ ما ليس له ولا يستطيعه ..
وهكذا يعلمنا القرآن العظيم ورسوله الكريم الذي يأمرنا في أحاديث كثيرة بالتوكل على الله وحده {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}, وقال تعالى : {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً} ، أي أن خوفهم من غير الله واستعاذتهم بهم زادت قلقهم وخوفهم ولا تطمئنهم ، لأن القلوب تطمئن بذكر الله وحده.


كتبه الوراق .. وجزى الله خيراً من نقله دون اجتزاء مع ذكر المرجع (مدونةالوراق)
__________________
مدونة الوراق وتويتر

ابحثوا عنها في محركات البحث
رد مع اقتباس
قديم 06-09-2013, 07:11 AM
  #2
فجر الاعياد
كبار شخصيات المنتدى
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 1,809
فجر الاعياد غير متصل  
رد : فقدان البركة، بين عدم شكر النعم و الاصابة بالعين

جزاك الله خير

وبارك فيك

ونفع بك
__________________
مُساعدتك للآخرين وإن نسوا ؛ خيرٌ لا ينساهُ .. الله ♥ !
رد مع اقتباس
قديم 12-09-2013, 02:10 PM
  #3
شيها نة
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية شيها نة
تاريخ التسجيل: Feb 2007
المشاركات: 2,734
شيها نة غير متصل  
رد : فقدان البركة، بين عدم شكر النعم و الاصابة بالعين

((( والخوف من إصابة الجحود يزيد الإيمان ويقوي العلاقة بالله ويثبت النعمة ويبارك فيها ولا يضر المجتمع في شيء ولا ينشئ العداوات ويسبب القناعة وحسن الأخلاق ، أما الخوف من إصابة العين فيقلل الثقة بالله ويجعل الخوف ينصرف إلى غيره بعد أن يعطَ ما ليس له ولا يستطيعه ..)))
لفتة مهمة في حياتنا .. تنفع كثيرا لمن تدبرها , بارك الله فيك

(((تخيل أنك تصنع معروفاً لأحد تلاميذك في صدر مجلسك ثم ينسبه لنفسه ولا يذكر دورك, ألا يسخطك هذا؟! وقد تقطع عنه معروفك؟ )))
من الأفضل أن تذكر بعض ضرب المثال (( ولله المثل الأعلى )) .
__________________
{ اللهم صلي وسلم على محمد وآله وصحبه تسليما كثيرا }

التعديل الأخير تم بواسطة شيها نة ; 12-09-2013 الساعة 02:13 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:18 PM.


images