بسم الله الرحمن الرحيم


تغيّـر صوت الليل .. فقد هدوءه المعتاد

وها أنا ككل ليلة أصغي إلى نحيبها الذي لا ينقطع .

سعاد

تلك القابعة في أعماق دفتري

كم أرقني بكاؤها .. دموعها .. شهقاتها

سألتها : سعاد .. ما الذي يبكيكِ ؟!

فقد أحلت النوم عليّ صعباً .. و الحزن لي رفيقاً .


رفعت رأسها ..

و رمقتني بعينين غارقتين .. تجاهدان النظر من خلف

خصلات سواد مازجها البياض ..

وعلى محياها رسوم الزمن وتجاعيده .. مروية بدموعها .


قالت : اكتبيني .. اكتبيني ..

لا تتركي ألمي مسفوحاً على أوراقكِ

اجمعي أشلائي .. أغلقي جراحي .


فأجابها قلبي :

آه .. يا سعاد

قد أثقلت كاهلي .. وأنتِ تدورين في رأسي

وتلاحقيني بأطيافك .. تعبت

فما أنا بالمتمكنة من كتابتكِ .. ولا أنا بالقادرة على نسيانكِ .

كيف أكتبكِ ؟! وما دخلتُ عالمكِ !


قالت : إذن فاسمعيني .. و اسمعي أحلامي ..


أحلم بالربيع ..

عندما تتفتح أزهاره .. وتتمايل فراشاته الملونة

وحين تصفّـر بلابله .. وتغرد طيوره

أحلم بأجمل أيام الربيع ..

فيه سيرقص قلبي بنشوة غامرة .. تفوق فرحة العيد .

سأرتدي الثوب الأبيض .. وأجر خلفي رداء العروس

وحولي الوجوه ضاحكة .. تفيض سرور

وتبسم أمي .. وتخفي الدموع .


وهاهو ( .. حُـلمي .. ) يقبل نحوي

يحدو قلبه الشوق ليّ .. يصوب نظراته إليّ .

وها أنا أذوب خجلاً .. فما أستطيع أن أرفع رأسي

أو أنظر في عينيه ......


صمتت سعاد فجأة .. وطال صمتها وشرودها .

فيما تقاذفتني رياح الأحاسيس المبهمة

فانعقد لساني .. ولم أعرف ما أقول ... ؟!




أطلقت سعاد زفرة .. كادت تحرق أوراقي

ثم قالت : دعينا من الأحلام ....

فشعور الوحدة يقتلني ..

كل هؤلاء البشر الذين من حولي لم يستطيعوا أن يذهبوا أحزاني .

أعترف أني أشتاق زوجاً .. ألجأ إليه في لحظات حزني وضعفي .

أحتاج حبيباً .. بيده الحانية يجفف دمعي .

أريد رجلاً : يبعث الدفء في أوصالي .

جائعة إليه .. وكم طال جوعي ..

قد جفت عروقي ظمئاً إلى .. نظرة في عينيه

أو بسمة من شفتيه .



صمتت سعاد ثانية .. وغرقت في أفكارها .



ثم أقبلت عليّ تحدثني هذه المرة

وقد لفظت نواة الحزن من قلبها ..

كفكفت دموعها .. ابتسمت لي .


فيما أدهشني .. تلألؤ الأمل في سواد عينيها .


قالت بزهو : إنني ( سعاد الجديدة ) !

هكذا أريدكِ أن تكتبيني ..

لن أستسلم للحزن واليأس .. فانا أقوى من كل ذلك .


وماذا إن لم يأتي ذلك الرجل ( الزوج ) الذي أحلم به ؟!

لن تتوقف الحياة ..

ومازال أمامي الكثير من الأحلام التي أطمح لتحقيقها

سأعيش حياتي طولاً وعرضاً ..


فما بي من بلاء وضيق .. ما هو إلا رحمة من ربي :

ربما لأخرج من الدنيا كفافاً لا لي ولا عليّ .

لا أحمل وزر .. حق زوج مضيع .. ولا مسؤلية أبناء مهدرة .



نعم .. أنا ( سعاد الجديدة ) .....

سأجمع مهري .. بطاعة ربي ..

صلاة .. وصيام .. و قيام .. ودعاء

أسأل الله أن يعينني ...


فغاية أملي .. وظني بإلاهي .. أن يمنّ عليّ بنعيم مقيم في جنته .

وأسأله تعالى : أن يزوجني برجل من رجال الجنة

رجل على هيئة البدر ليلة تمامه .. يرفل بريح المسك

وأي مسك !!! إنه مسك الجنة !!!


صوبت نظراتها إليّ .. وقالت :

والآن ما رأيكِ ؟!

هل يمكنك أن تتخيليني عروساً في الجنة ؟!

هل تستطيعين أن تصفي عُـرسي ؟!



قلت لها مُـكبرةً : تعرفين جوابي !!!




أسأل الله أن يرزق بنات المسلمين الأزواج الصالحين .

شكراً لكل من مرّ من هنا

تحياتي .