لا تثريب عليك يا أبا ساري، يغفر الله لنا ولك. خصوصاً إن كنتَ تسكن مدينة الرياض، فثق بأنك لست الوحيد الذي يتجهم، وبذا فلست لوحدك رعاك الله. الناس هنا مثلاً يعلو وجوههم تجهمٌ ووجومٌ لا سببَ له. ربما حرارة الصيف اللاهب واشتعال الطرقات والأرصفة والغبار هي السبب.
أنا من هواة التجهم والعبوس . وإن لم أجد ما أتجهم فيه طالعتُ المرآة وتجهمتُ في وجهي

. ومن كثرة ما أتجهم أصبح حاجباي يقطبان ووجهي يشبه مقدمة Bmw. بالعامية أنا "أقشر".
لكنني قرأت مرة للدكتور إبراهيم الفقي قولةً جميلةً جعلتني أعدلُ عن هذا التجهم والعبوس. فهو يحث قرّاءه في كتابه "قوة التحكم في الذات" على التبسّم، إذ أن الإبتسامة حتى لو كانت مصطنعة فإنها تساعد على إفراز هرمون الإندورفين، وهو هرمون يكافح الألم ويزيد في عمر الإنسان - بعد مشيئة الله عزّ وجلّ - وهو أيضاً يخفف من حدة إفراز هرمون الأدرينالين، والأخير هذا هو هرمون الغضب والاستعداد للقتال.
قال لي مديري في العمل ذات صباح باكر:
ابتسم، ابتسم، ابتسم من فضلك، لا شيء في الحياة يستحقّ كل هذا الغضب!
العجيب أنني لم أكن أشعر بالغضب مطلقاً وقتئذ! لكنّ ملامحي كانت توحي بذلك.
شخصياً، إتخذت حيلة طريفة لأصطنع الإبتسامة في أحلك الظروف، وهي تكرار العبارة التالية مئات المرات كل ماسنحت لي الفرصة:
أنا أبتسم دائماً
أنا أبتسم دائماً
أنا أبتسم دائماً
وقد كان لها مفعولٌ جيد جداً في تخفيف التجهم والاحتفاظ بابتسامة شبه مستديمة. وهي وإن كانت غير مريحة أحياناً، ومائلة نحو اليسار، إلا أنها تمنحني شعوراً بالراحة والانفتاح، وإحساسٌ عميقٌ بأن الدنيا لاتساوي فحل بصل.
وفقكم الله، وأزال عنكم التجهم والعبوس، وكل عام والجميع بخير،
عبدالله،،،