
صحوة ضمير خائن
نافذة على الأمل
صحوة ضمير خائن
عدد القراء: 295
12/07/2007 إعداد: وفاء حبيب
أنا يا سيدتي زوج في السابعة والاربعين من عمري، لدي زوجة صالحة تحبني وأحبها بصدق، أنجبت لي خلال فترة زواجنا التي استمرت أكثر من اثني وعشرين عاما ثلاثة ذكور وابنتين. استمرت الحياة بيننا في حب وسعادة واخلاص وتفان.. كل منا يحاول اسعاد الآخر وتوفير الراحة له.
لكن منذ سنتين فوجئت بنبأ وفاة صديقي الحميم وتوأم روحي، فأسرعت أقدم واجب العزاء لأسرته. وبعد انتهاء فترة الحداد الشرعية توجهت الى زيارة أرملة صديقي لأعرض عليها مساعدتي في كل أمور حياتها وحياة أولادها، وهو أقل شيء استطيع تقديمه إلى أرملة صديق عمري. لكن منذ اللحظة الأولى التي وقع فيها نظري على أرملة صديقي شعرت بشيء يجذبني الى تلك المرأة الحزينة التي كانت دموعها ونظراتها كأنها نداء الأنثى وكان تعاطفي معها بلا حدود.
احتلت تفكيري وسرقت النوم من عيني، تكررت زياراتي لبيتها بحجج واهية، حتى نشأت بيننا قصة حب كبيرة انجرفنا إليها من دون أن ندري.. لكن وخز ضميري أيقظني من غيبوبتي.. فكرت كثيرا بصوت العقل لا القلب، ووجدت أنني على شفا هدم اسرتي وافساد حياة تلك الأرملة التي لن يرحمها أولادها أو يرحموني. وأحمد الله يا سيدتي أن صوت العقل طغى على صوت القلب، واستطعت التغلب على تلك النزوة، وعدت إلى أولادي وزوجتي بعد أن صحوت تدريجيا من خدر المشاعر واغراء النزوة وعبرت هذه المرحلة بصعوبة وتحملت الحرمان من شيء جميل أتمناه..
مرت الأشهر بسلام إلى أن اصبت بقصور في وظائف الكلى وطلب مني الأطباء زرع كلية. نزل الخبر علي وعلى زوجتي وأولادي كالصاعقة، فأنا إلى وقت قريب كنت أتمتع بصحة وافرة ونشاط ليس له مثيل.. أحافظ على رشاقتي واهتم بغذائي وصحتي لكن إرادة الله كانت أقوى من أي حذر.
لم تتردد زوجتي الملاك الطاهر وعرضت علي التبرع لي بكلية من كليتيها.. برضاء تام واقتناع ورغبة غير محدودة في العطاء. وقفت خجلا من نفسي أمام هذا الموقف النبيل الذي تعجز الكلمات عن وصفه. فهذه السيدة الكريمة تريد أن تفعل أي شيء من أجلي. حتى ولو كان إعطائي عضوا من جسدها، في الوقت الذي كنت أخونها فيه وأعيش في سماء الحب والغرام مع سيدة أخرى.
غرقت يا سيدتي في الشعور بالذنب.. لسعتني نار تأنيب الضمير، فهي زوجة صالحة لم تقصر يوما في أي حق من حقوقي، وكانت دائما تتحدث عني أمام أولادنا كقدوة ومثل أعلى وتصفني بالصدق والأمانة والوفاء!
وأنا الآن يا سيدتي حائر.. نعم حائر أريد أن أريح ضميري قبل أن أرحل فلدي احساس قوي بأنني قاربت على الرحيل عن هذه الدنيا، وأتمنى أن أقابل الله بنفس مطمئنة وأن ألقي هذا الحمل الثقيل عن قلبي.
أريد أن أعترف لها بنزوتي السابقة مع أرملة صديقي وأطلب منها الصفح والغفران.. لكنني أخشى ان تنقلب حياتنا الى جحيم.. وتفقد ثقتها بي إلى الأبد وأرحل عن الدنيا وهي غاضبة مني لم تسامحني! ايضا أخشى أن أخفي سري فتعرفه من أي شخص بعد رحيلي فأصبح في نظرها الزوج المخادع الخائن!
ماذا أفعل يا سيدتي وبماذا تنصحينني لكي استعيد هدوء نفسي وأنعم براحة الضمير والنفس في الايام القليلة المتبقية لي؟
الحل
في البداية أتمنى لك الشفاء من مرضك يا سيدي والعودة الى حياتك الطبيعية سليما معافى. كما أحب أن أقول لك إن مشاعر وخز الضمير التي تعذبك الآن أمام موقف زوجتك النبيل هي مشاعر إنسانية نبيلة ايضا، فأنت يا سيدي تشعر بالخجل أمام تلك الزوجة المخلصة المتفانية في حبك المستعدة للتضحية بأي شيء من أجلك، حتى لو كان احدى كليتيها. هكذا تعلمنا الحياة ان الحب الحقيقي الضارب في أعماق النفس موقف يظهر واضحا في الشدائد. أما المشاعر العابرة والنزوات المتأججة فهي أشبه بالوهج الذي يضيء بشدة ثم ينطفئ بسرعة فلا يبقى منه شيء.
لذلك أنصحك يا سيدي أن تترجم هذه المشاعر الى حب واهتمام وتقدير لزوجتك، وأن تظهر لها ذلك بكل الصور الممكنة، فهي بالعقل تستحق ذلك ايضا. نصيحتي ألا تذكر لها أي شيء عن النزوة التي عشتها مع أرملة صديقك، لأنك لو صارحتها فستصدمها وتجعلها تعيش احزانا وآلاما نفسية رهيبة، لا تستحقها، خاصة انها قدمت لك قطعة من جسدها لإنقاذك.
حاول أن تنسى ما حدث واطو تلك الصفحة من حياتك تماما.
منقول من جريدة القبس