من هو فينا (( السعيد )) ..؟؟؟ وكيف نحصل على إكسير (( السعادة )) ..؟؟؟ - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

مساحة مفتوحة موضوعات ونقاشات علمية، وثقافية، وفكرية، واجتماعية.

موضوع مغلق
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 27-12-2007, 08:36 AM
  #1
أم البراء1396
عضو نشيط جدا
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 496
أم البراء1396 غير متصل  
من هو فينا (( السعيد )) ..؟؟؟ وكيف نحصل على إكسير (( السعادة )) ..؟؟؟

ُيقال أن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز أمر رجلا أن يشتري له ثوباً بثمان دراهم ، فاشتراه له ، وأتاه به فوضع عمر يده عليه ، وقال : ما ألينه وأحسنه !!! ، فتبسم الرجل الذي أحضره ، فسأله عمر : لماذا تبسمت ؟؟؟؟

فقال : لأنك يا أمير المؤمنين أمرتني قبل أن تصل إليك الخلافة ( أيام الترف ) أن أشتري لك ثوبا من الحرير ، فاشتريته لك بألف درهم ، فوضعت يدك عليه يومها وقلت : ما أخشنه ...!!! وأنت اليوم تستلين ثوباً بثمانية دراهم ....!!!

- غريب أمر الإنسان ، أيّ إنسان ..!! .. مالذي يجعله يشعر بالإمتعاض وهو غير سعيد من خشونة الثوب الحريري الناعم ذو الألف درهم في وقت من الأوقات ، ثم يستلين في وقت آخر ويستنعم ثوباً رخيصاً خشناً حقاً قيمته ثمانية دراهم ، بل ويحمد الله - وهو سعيد - ويشكره على أن أنعم به عزوجل عليه ..؟؟

الفرق بين حالة الشعور بالإمتعاض والشقاء برغم توفر المال والملبس الناعم ، وبين حالة الرضى والسعادة رغم الفقر وخشونة الملبس ... لاشك أن الفرق بين هذين الحالتين المتباينتين كان بسبب توفر عامل (( السلام الداخلي والرضى النفسي )) أو إنعدمه ..

وحالة السلام النفسي هذه والرضا بما قدره الله على الإنسان تجعلنا نتفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو يعلى عن (( الراضين )) ووصفه العجيب لهم بقوله :

" لأحدهم أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء " .

- و (( السعادة )) هذه الحالة العجيبة من الشعور المريح لم يبق أحد من الناس إلا وبحث عنها وتمنى دوامها لنفسه منذ بدأ الخليقة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ... يقول ( فولتير ) :

(( يبحث الجميع عن السعادة من غير أن يعرفوا وجهتها كالثملين الذين يفتشون عن بيوتهم ولا يستطيعون أن يجدوها ..!! ))

ومن أغرب وأطرف حالات البحث البشري عن (( السعادة )) هو محاولة الباحثين الإنجليز صناعة (( السعادة )) وتنشيطها في عقل الإنسان بأسلوب غذائي مادي بحت .. فقد توصلت أبحاثهم العلمية - كما يقولون - الى دليل قاطع يؤكد بأن أكل البوظة يجلب السعادة للإنسان ...!!!

وقد ُنشر الخبر في أعقاب دراسة دؤوبة واختبار علمي أشرف عليه الباحثون في معهد طب الأمراض العقلية بلندن واستنتجوا أن أكل البوظة " ينشٌط " نفس مراكز السرور ، الموجودة في الدماغ ، التي تُحفز عادة عند ربح المال أو الإستماع الى الموسيقى المفضّلة .

وإذا كانت نتائج بحوثهم هذه صحيحة ، فلماذا يكثر القلق وتزداد حالات الطفش عند مراهقي ومراهقات عصرنا وهم أكثر الناس تناولاً للبوظة والآيسكريم ..؟؟؟ أم أنها (( سعادة )) صناعية مؤقتة لا تلبث أن تذوب مع آخر قطرة من كاسة الآيسكريم ..!!!

- إذاً من هو (( السعيد )) ، وكيف يمكن أن يحصل الإنسان على (( السعادة )) الحقيقية ...؟؟

بإذن واحد أحد سنتأمل الإجابة عن هذا السؤال في الوقفة القادمة ..

.............







يقول البعض بأن توفر العوامل الثلاثة الرئيسية ( الأمن ) + ( الرزق الوفير ) + ( الصحة والعافية من الأمراض ) لأي إنسان تجعله (( سعيداً )) ، فهو قد حاز الدنيا وكل ُمتعها الأساسية .. ويحتج بعضهم بما رواه الترمذي عن سيدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام :

{ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ ( آمِنًا فِي سِرْبِهِ ) ، ( مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ) ، ( عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ) ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا } .

- لكننا نجد كثيراً من مليارديرات العالم وأولادهم يعيشون في شقاء رغم حيازتهم للدنيا وكل متاعها ، فأين ذهبت هذه المقومات ولماذا لم تمنحهم (( السعادة )) بدلاً عن الشقاء والنكد ..؟؟؟

وكأنه يجيب على تساؤلاتنا هذه ، يقول الإمام أبو حامد الغزالي :

( مهما كان الإنسان آمناً في سربه ، معافى في بدنه ، وله قوت يومه ، فحزنه وغمه [ رغم كل هذه النعم ] بسبب أمر الدنيا أمارة نقصانه وحماقته ، فإن غمه ليس يخلو إما أن يكون تأسفاً على ماضٍ ، أو خوفاً من مستقبل ، أو حزناً على سبب حاضر في الحال . ) .

- وفي الماضي كانت قبيلة ُقريش في مكة تجول في رحلتين شتوية وصيفية كل عام ، وأنعم الله عليها بأن أطعمها من جوعٍ وآمنها من كل خوف ... ومع ذلك لم يتذوق القرشيين طعم السعادة والرضى النفسي لأنهم لم يشكروا ربهم على هذه النعم العظيمة فكفروا به بدلاً أن يدخلوا في دين الله أفواجا ..

- ويقول الباحث خالص الجلبي الذي عاش في ألمانيا ودرس في ربوعها :

( في ألمانيا لم أر الجوع ، وينام الانسان آمناً في سربه ، وعنده قوت أكثر من يومه ، لايخشى الأجهزة الأمنية وهو يعيش في ضمانات شتى ضد المرض والشيخوخة والبطالة وحوادث العمل وحتى ضمانات مابعد الموت لعائلته كي تعيش بكرامة ونعمة فلا تتكفف الناس . مع هذا كانت الوجوه في المانيا كالحة قاسية تشتد كآبتها مع ظهر يوم الأحد ، ولاتشرق الوجوه إلا مع جرعة كأس من الخمر ظهر يوم الجمعة عند استقبال عطلة نهاية الاسبوع ...!! ) .

ويخلص الباحث الجلبي بأن آية من سورة النحل أضاءت له الموضوع وعرفته السبب الذي جعل الألمان رغم توفر الرزق الوفير والصحة والأمان غير سعداء ... وقال ( ما معناه ) بأن السبب هو إنعدام عامل الطمأنينة الروحي والرضى النفسي وكونه ليس متوفراً عند الألمان ...!!

- وليس السعيد هو الذي ينال كل ما يرغب فيه .. بل إن الأسعد منه - يقيناً - هو الذي يقنع بما عنده . قال الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لابنه :

" يا بني ، إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة .. فإن لم تكن قناعة .. فليس يغنيك مال .. " .

و يصف الكاتب ( هايكو إرنست ) الذي يدير تحرير مجلة ألمانية تعنى بالصحة النفسية (( السعادة )) بأنها :

(( إحساس بالتوحد مع النفس ، وأن يتمكن المرء من العيش في موائمة مع آماله ومتطلباته .. ))

فإذا كانت : القناعة بالمكتسبات ، والطمأنينة النفسية والسلام الداخلي ، والرضى بما قدره الله على الإنسان هي العوامل التي تجعل الإنسان (( سعيداً )) في دنياه ، فماهي الطريقة المثلى والأسلوب الأسهل لامتلاك حالة السلام والرضا هذه ..؟؟





يحتاج الإنسان حتى يصل لحالة النفس المطمئنة الراضية عن الله والراضي عنها ، أن يعقد إتفاقية سلام داخلي مع نفسه يروّض بها عوامل ( البطر وكفران النعمة والقلق السلبي والحسد ) ليخلّص نفسه منها ويطهرها .. ولعل أهم بنود إتفاقية السلام هذه مايلي :

1- أن يجعل القيم الدينية والتعاليم الشرعية طريقه المستقيمة التي يمشي عليها ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، فباتباع ُهدى الله تختفي الشقاوة ليصبح طريق (( السعادة )) ممهداً والوصول إليه سهلا .. يقول المولى عزوجل

{ .. فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى ، فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى } .

2- المداومة على قراءة القرآن الكريم كلام الله ووحيه الذي كرمنا به ، وعدم هجرانه قراءةً وتطبيقا .. يقول عزوجل ُمحذراً من هذا الإعراض ومبيناً تأثيراته السلبية على معيشة الهاجر له والمعرض عنه :

" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا " ..

3- وحتى نضمن الحصول على رضى الله تعالى الذي يمكن أن يحقق لنا أعلى درجات السعادة التي علينا أن ندركها ، لابد :

أ - أن ُنطبّع أخلاقنا على الصبر على أذى الآخرين بالسمو بأنفسنا عن درجات الحقد والضغينة عن من نظنه ظلمنا وبالدفع بالتي هي أحسن بدلاً من العداوة والتعدي ...

ب - التسبيح وذكر الله بالحمد والشكر في كل الأوقات ، وعلى الخصوص وبلا نسيان أن يكون لنا ِورد من التسبيح والحمد : بعد صلاة الفجر ( قبل الشروق ) + العصر ( قبل الغروب ) + بعد صلاة العشاء ( وسط الليل ) + الضحى والظهر ( أطراف النهار ) ...

فالمداومة على التسبيحات المملوءة بحمد الله ، وشكره على نعمائه هي الأسلوب الأمثل للوصول لرضى النفس بما قدره الله ولطمأنينتها ، يقول المولى عزوجل :

( فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ، وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ، وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ ، وَأَطْرَافَ النَّهَارِ : لَعَلَّكَ تَرْضَى ) .

ولابد أن نحرص ونحن نحمد الله تعالى ونسبح بحمده على تأمل هذه النعم العظيمة علينا وأن نعددها ونتحدث بها مع أنفسنا في خلواتنا وحتى في مجالسنا مع الناس { .. وأما بنعمة ربك فحدث . } ، وقد قال أحد الأئمة قديماً :

" ولا يعرف النعمة إلا الشاكر ، ولا يشكر النعمة إلا العارف " ..

4 - مجاهدة النفس الأمارة بالسوء والهوى عن الوقوع في المعاصي والذنوب ... فمن كبح هواه ، ولم يسمح لشهواته أن تتسلط عليه ُسمي عاقلا مالكا لهواه ، وسعد في دنياه وآخرته ....

وقد ذكر عن أحد الملوك : أنه زار عالما زاهداً ، فسلم عليه ، فرد الزاهد السلام بفتور ولم يحفل له . فغضب الملك وقال له : ألا تحفل بي وأنا ملكك ؟ فابتسم الزاهد وقال له :

(( كيف تكون ملكي وعبيدي كلهم ملوكك . فقال الملك : ومن هم ؟ فقال : هم الشهوات .. هي ملوكك وهم عبيدي !! ))

5 - أن لا ننظر أبداً في الأمور الدنيوية إلى من هو أعلى منا في المراتب الإجتماعية والإقتصادية والصحية .. فهذا جدير كما وجهنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنكران النعمة وبطرها أو على الأقل عدم تقديرها ... وينقل لنا الإمام أبوحامد الغزالي عليه رحمة الله كيفية معالجة هذا الداء من النفوس بقوله :

( .. وكان بعض الصوفية وظّف على نفسه كل يوم أن يحضر دار المرضى ليشاهدهم، ويشاهد عللهم ومنحهم ، ويحضر حبس السلطان أيضاً ، ويشاهد أرباب الجنايات ومجيئهم لإقامة العقوبات ، وأيضاً يحضر المقابر، فيشاهد أرباب العزاء وسفهم على ما لا ينفع ، مع اشتغال الموتى بما هم فيه ، وكان يعود إلى بيته بالشكر طول النهار على نعم الله عليه في تخليصه من كل البلايا . وحق للإنسان في الدنيا أن ينظر أبداً ما عاش إلى من هو دونه، ليشكر ، وفي الدين إلى من هو فوقه ، ليشمّر .... ) .

6 - أن نعوّد أنفسنا على أن لا نجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ... وأن لا نتحسر على مافات ولا نقلق على ماهو آت ، ولا نحزن على أمرِ حاضر .. وأن نغرس في ضمائرنا أن الأمة لو اجتمعت على أن تضرنا بشيء لم يكتبه الله علينا لم تقدر عليه ، ولو اجتمعت على أن تفيدنا بشيء لم يكتبه الله من أرزاقنا لن تقدر على إيصاله لنا .. أو كما قال المثل المصري : يابن آدم لاتجري جري الوحوش ، فغير رزقك لن تحوش ..!!

وقد ُروي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إذ قال لعمار بن ياسر، وقد رآه يتنهد كالحزين :

(( يا عمار ، إن كان تنهدك على الآخرة فقد ربحت تجارتك ، وإن كان على الدنيا فقد خسرت صفقتك )) .

__________________
موضوع مغلق

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:30 AM.


images