الفراسة - القوة الخارقة - الحاسة السادسة
بحث مختصر عن:
الحاسة السادسة ، أو أن فلاناً من الناس لديه الحاسة السادسة. فهو يكتشف أو يشعر بأشياء ليس بمقدور غيره من الناس الشعور بها أو اكتشافها.
مثل أن يستطيع أن يشاهد ما وراء الجدار ، أو يكتشف الشيء الذي تخبئه عنه .. و ما إلى ذلك.
سُميت بـ"الحاسة السادسة" لأن الحواس الطبيعة المعروفة –كما لا يخفى عليكم- خمس حواس : البصر ، السمع ، الشم ، الذوق ، اللمس .
فألحقوا اكتشاف أو الشعور بالشيء المجهول قبل معرفة مقدمات حصوله من غير وسيط بـ"الحواس الخمس" و سموها "الحاسة السادسة" نظراً لكونها –عندهم- من ضمن منافذ العقل المعلوماتية.
القوة الخارقة ، فلان من الناس لديه قوة خارقة ، فهو يلوي سيخ حديد بأسنانه أو يجرُّ سيارةً بشعر شاربه أو ذقنه أو يعمل تمارين رياضية أمام الجمهور لا يمكن أن يعملها الشخص الطبيعي ، يُخْفِي معدته و أمعاءه من عين المشاهد و يمسك العمود الفقري من مكان بطنه و يحركه يمين و يسار و ما شابه ذلك من المستحيلات بالنسبة للقانون الذي أودعه الله في الطبيعة و الحِلقة.
الفراسة ، و هي الحكمُ على شيءٍ ما من خلال أخذ قاسَمٍ مُشْتَرَكٍ من الأشباه و النظائر المحفوظة في الذهن.
أقول –و العلم عند الله- :
الحاسة السادسة: هي ضربٌ من الأعمال الشيطانية .
القوة الخارقة : هي ضربٌ من الأعمال الشيطانية كذلك.
و لا يُشترط أن يعلم صاحب هذه الحاسة أو الصفة بأنه مسكون من قِبَلِ جِنِّيٍ مثلا ، بل قد يظُن أنه مميز بهذه الصفة دون غيره. و لا يعرف ذلك إلا حين يقرأ عليه أحد الصلحاء شيئاً من كلام الله بقصد علاجه أكثر من مرة ، لأن هذا الجني الذي حلَّ بدنه ليس بالهين.
إذن: لا وجود لشيء إسمه: حاسة سادسة ، و لا قوة خارقة.
الفراسة : بغض النظر عن أنواعها المذكورة في كتب أهل العلم ، فالذي يهمني هنا هو : الفراسة المبنية على التجارب و كثرة المشاهدات مع قوة الربط الذهني و استدعاء الأشباه و النظائر من خلال ساحة المدركات الذهنية ، و الحكم عليها من خلال عملية ذهنية دقيقة جداً و سريعة للغاية ، و هذا ما يميز صاحب هذا النوع من الفراسة عن غيره من الناس.
و قالوا : الفراسة مشتقةٌ من الإفتراس ، فهي قدرة تهجم على خاطر القلب فيفيض بها على الفكر فيقولها صاحبها مثلا لمن حوله فتصدُق في الواقع غالباً.
و استدلوا لها بقول الله تعالى (إن في ذلك لآياتٍ للمتوسمين ) يعني أصحاب الفراسة الحقَّة ، و في الآية إشارة إلى أن الآيات لا تكون إلا للفكر فالقلب لا يحتاج آيات ، و هذا دليل على أنها عملية فكرية أكثر من كونها صفة وهبية .
و أما حديث : (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ) فلم يصح.
و مما يجب معرفته عن الفراسة بالتعريف أعلاه أن :
1- الفراسة غير مقطوع بنتيجتها إلا بعد وقوعها ، فهي أشبه باستراق السمع من الشياطين ، حين يلقون على الكاهن بجُمَلٍ لا يعرفُ هو صدقها من كذبها. لاختلاط الغيب بكذب الشياطين.
2-لا يُعتمد عليها في أي حكمٍ شرعي . و لا في أي حكم عُرْفي و لا يجوز من خلالها سوء الظن بالناس قبل وقوعها.
3-قد يدخل في هذا (الأرواح جنودٌ مجندة ، فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف) ، فقد يكون للروح دور في الحكم على هذا الشخص مثلا أنه كريم أو لئيم أو حقود أو سمح التعامل أو شرِّيب ، أو ما شابه.
4-لو طولب صاحب الفراسة بالدليل لم يستطع إلا نادرا ، لأن دليلها فكري معقَّد ، و روحيُ مميز ، بما يعني أنه قد يأخذ وقتاً طويلا للتدليل على صحة فراسته بعد وقوعها .
5- يشترك فيها المؤمن و الكافر ، و الصالح و الفاسق ، لأنها عملية ذهنية مع شيء من تقارب الأرواح و تعانقها.
يقول ابن القيم رحمه الله كما في كتاب "الروح" : (..وأخبرك بِأَمْر إِذا تَأَمَّلت أَحْوَال الْأَنْفس والأبدان شاهدته عيَانًا قل أَن ترى بدنا قبيحا وشكلا شنيعا إِلَّا وجدته مركبا على نفس تشاكله وتناسبه وَقل أَن ترى آفَة فِي بدن إِلَّا وَفِي روح صَاحبه آفَة تناسبها وَلِهَذَا تَأْخُذ أَصْحَاب الفراسةأَحْوَال النُّفُوس من أشكال الْأَبدَان وَأَحْوَالهَا فَقل أَن تخطئ ذَلِك .
و يحكى عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي ذَلِك عجائب.
وَقل أَن ترى شكلا حسنا وَصُورَة جميلَة وتركيبا لطيفا إِلَّا وجدت الرّوح الْمُتَعَلّقَة بِهِ مُنَاسبَة لَهُ هَذَا مَا لم يُعَارض ذَلِك مَا يُوجب خِلَافه من تعلم وتدرب واعتياد
وَإِذا كَانَت الْأَرْوَاح العلوية وهم الْمَلَائِكَة متميزا بَعضهم عَن بعض من غير أجسام تحملهم وَكَذَلِكَ الْجِنّ فتميز الْأَرْوَاح البشرية أولى)
و هذا كلام في قمة الروعة و التأمل من العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى.
من غرائب الفراسة أن الموفَّق لها المعتاد عليها لو رأى شخصاً مّا فإنه بأول نظرة يستطيع أن يتفرس أن هذا الرجل مثلا طيب أو سيء ، و هل هو كريم أو بخيل ، و هل لص أو أمين.
سبحان الله العظيم : أحيانا ترى شخصاً ، فتحس أن بينك و بينه عداوة ، أو العكس.و يكون واقعه بعد التعامل معه نفس إحساسك.
و ذكروا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه و أرضاه كان ذا فراسة صادقة .
سبحان الله لله في خلقه شئون.
إن أفادتك كلماتي هذه فإن دعائك لي يغنيني عن شكرك أو ردك.
التعديل الأخير تم بواسطة شكوى حبيب ; 07-09-2012 الساعة 09:08 PM