تزايد الاهتمام الدولي والعربي بقضايا الطفولة، بل اكتسبت أهمية خاصة باعتبار إن هذا المخلوق الصغير هو أساس تكوين الأجيال القادمة، وينصب هذا الاهتمام بتنشئة هذا الطفل وتنمية قدراته المختلفة ليشب فرداً نافعاً، يتميز بقوته وسعة إدراكه، ليحقق بذلك الخير لمجتمعه. ثمة شواهد واضحة علي أن مستويات العنف في المجتمع تنعكس علي مستويات العنف في الأسرة، إلا أن السؤال المطروح هنا هو كيفية إتقان فن عمارة الأجيال بالشكل الصحيح، وتحقيق أمنية المجتمع بإنشاء جيل يكفل ارتقاءه. ؟ إن موضوع سوء معاملة الأطفال بمختلف أنواعه وتصنيفاته، أحد أبرز القضايا التي نالت الاهتمام في الآونة الأخيرة، لما لمسه ذوي الخبرة والاختصاص من أهمية عرض المشكلة والتصدي لها بشكل موضوعي وعلي مستوي رفيع من الجدية والجرأة في الطرح، للتوصل لوضع صحيح يبني علي أساسه مراحل التصدي لهذه المشكلة، قبل أن تتفشي وتصبح ظاهرة يعاني منها المجتمع أو مرض يهدد كيانه. المشكلات النفسية للأطفال او اضطرابات السلوك لديهم هي نتاج خلل او توتر في الوضع الأسري او العائلي، فإذا كان المناخ السائد يعمه عدم الانسجام والنقد الجارح والعقاب البدني والقسوة في المعاملة، فلابد ان تكون العلاقات بين الوالدين والطفل سيئة، خاصة ان سوء معاملة الأبناء يرتبط غالبا بالحالة المزاجية والوجدانية للآباء، وقد تكون العوامل الفيزيولوجية سببا لهذه المشكلات، ولكن في معظم الأحوال يكون السبب التربية الخاطئة والتصرف الخاطئ الذي قد يمارسه الأهل أمام أطفالهم او معهم .مشكلة متشعبة المحافظة علي الطفولة كما وجاء ذلك في نصوص اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة صادقت عليه الكثير من الدول حيث جاء ذلك في عام 1991م وعليه فان مواد هذه الاتفاقية تعتبر قانونا داخليا ساري المفعول من تاريخه، وحوت هذه الاتفاقية الكثير من البنود المتعلقة بتربية الطفل ونموه ومشكلة سوء معاملته، كما واهتم قانون العقوبات بهذا الجانب أيضا في مواد كثيرة فضلا عن قانون الأحداث. وقلة الوعي القانوني بين المعنيين والمتعاملين مع هذه الحالات وغياب وجود استراتيجية وطنية للطفولة .أجمعت آراء المختصين علي أهمية تثقيف وتوعية الآباء بنواحي الاعتداء والإساءة المختلفة، إضافة إلي التوعية التربوية وتثقيف وتدريب القائمين علي مجال الطفولة وتطوير المناهج التربوية والتعليمية وإنشاء مكاتب استشارية للوالدين والأطفال وحث المجتمع علي ارتيادها والتفاعل معها .ويبقي العنف وإساءة معاملة الطفل من أبرز القضايا التي تعاني منها المجتمعات، ليست فقط علي الصعيد المحلي، بل علي الصعيد العالمي، فإلي متي يظل الإنسان هو مصدر شقاء نفسه، وهل يعقل أن نتسبب نحن الكبار في شقاء أبنائنا وبناتنا، وكيف يمكن للإنسان أن يتحول إلي وحش مجرد من الأحاسيس، سؤال نوجهه إلي كل قلب نابض بالمشاعر الإنسانية، وإلي كل عقل مفكر، فإلي متي يكون الإنسان هو السبب في شقاء الإنسان؟.