بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التاج المكلل
قال رزام مولى محمد بن خالد القسري: غضب الخليفة المنصور يوماً فطلب جعفر الصادق فوجهني لآتيه بجعفر الصادق من المدينة إلى المنصور . فلما صرت معه بالنجف نزل الصادق عن راحلته وأسبغ الوضوء واستقبل القبلة ، وصلى ركعتين ثم رفع يديه إلى السماء ، فسمعته يقول : اللهم بك أستفتح ، وبك أستنجع ، اللهم سهّل لي حزونته ، وذلّل لي صعوبته ، وأعطني من الخير أكثر مما أرجو ، واكفني من الشر أكثر مما أخاف . ثم ركب ومضى إلى المنصور. فلما قيل للمنصور إنه بالباب، أمر بالستور فرفعت ، وبالأبواب ففتحت ، ثم خرج المنصور إليه فلقيه في منتصف الدار فعانقه ، ثم أخذ بيده يماشيه مقبلاً عليه، حتى انتهى إلى مجلسه فأجلسه فيه ، ثم أقبل عليه يسائله ، وأقبل الصادق يدعو له ويفديه .
كلما كللت دعوتك بتاج العبودية وياقوت الثناء على الله تعالى وحُليّ الأسماء الحسنى وجدت الإجابة أسرع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: « ما أصاب عبداً هم ولا حزن فقال: (اللهم إني عبدك ، إبن عبدك ، إبن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماضٍ فيّ حكمك ، عدلٌ فيّ قضاؤك ، أسألك بكل اسمٍ هو لك ، سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي) إلاّ أذهب الله همّه وحزنه ، وأبدله مكانه فرجاً» . رواه أحمد.
فاستشعري معانيها لحظة الاستغاثة والدعاء، إن العسر يبدل يسراً .
قالت إحداهن: غضبت عليّ أمي يوماً، فدعوت الله تعالى تلك اللحظة أن يجعل الأمر خيراً فذهب غضب أمي ولم تحدثني عن الموضوع. وقالت أخرى: غضبت عليّ أمي لإطالتي الكلام في الهاتف، حاولت أن أشرح لها فلم تسمع مني. دعوت الله تعالى أن يرفع غضبها عني، فإذا رسالة هاتفية وصلت إليّ أن قد رضيت عنك .
دعوة صادقة من قلب مخلص تقلب موازين الغضب وتحوله إلى رضا.
غضب العباس بن المأمون يوماً على كاتبه علي بن يزيد فأخذ منه جميع ما يملكه ، فأصبح يتكسب بتأجير دابته لينفق على نفسه وأهله . فضاقت به الأحوال يوماً من الأيام فلم يجد ما يشتري علفاً لدابته ، فباع بعض ثيابه التي بقيت وبكى من شدة الحال والضيق ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : اللهم فرج عنّا ، وارزقنا من حيث لا نحتسب .
قال: فما رددْت طرفي حتى دق باب بيتي ، فقلت : من أنت ؟
قال: أنا وكيل العباس بن المأمون .
فلما دخل ونظر إلى صورتي قال: ما لي أراك على هذه الصورة !
ثم قال لي: الأمير يقرأ عليك السلام ، وقد ذكرك اليوم وأمر لك بخمسمائة دينار ذهب فأعطانيه ، فحمدت الله تعالى . فلما صرت بين يديه وعلم بحالي أمر لي بخمسمائة دينار أخرى .
ابتهلي إلى الله تعالى لحظة غضب الزوج ، فقلب زوجك بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء. وافتقري إلى أرحم الراحمين بقلب مملوءٍ بالرجاء لإخماد غضبه فإن رحمته وسعت كل شيء. وعليك بدعوة يونس عليه السلام عندما كان في بطن الحوت لم يسمعه إلاّ الله تعالى ( لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ، قال تعالى { فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننْجي المؤمنين } . قال النبي صلى الله عليه وسلم عن دعوة يونس عليه السلام: « لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له» . رواه الترمذي . فإن كنت فطنة فستميزين الغضب المصطنع الذي يظهر عليه بعد دعائك عمّا قبل الدعاء. واحرصي على الأدعية القرآنية والنبوية فإنها علاج سريع للمصائب. يقول الشيخ خالد: أتاني أحد المصلين يشتكي من القرض الذي أثقل كاهله منذ فترة طويلة ولا يستطيع سداده. فأرشدته إلى الدعاء النبوي في مثل هذه الحالة : اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك. فنظر إلي نظر المستغرب كأنه لم يعجبه. فألححت عليه بهذا الدعاء، فأتاني بعد فترة وقال: جزاك الله عني كل خير. لقد أديت كل ما علي من قروض بفضل الله تعالى ثم هذا الدعاء .
قالت إحداهنّ : اتصل الزوج مهدداً متوعداً مزبداً يبرق ويرعد من شدة الغضب ، فأغلق الهاتف . فاضطرب قلبي من شدة الخوف ، فدعوت الله تعالى أن يذهب غضبه . ثم دخل البيت وهو يبتسم غارقاً في هدوئه كأن شيئاً لم يكن .
باب السماء لم يغلق منذ أن خلق الله آدم { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم }. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب :« لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم» . متفق عليه .
دعوة صادقة لحظة غضبه تفتح لك كل أبواب الرحمة وترفع الغضب. قال الله تعالى : {ادعوني استجب لكم} .
منقول