والله يا أخي الذي يده في الماء ليس كالذي يده في النار.
وسهل جداً على أي قارئ أن يقول لك ـ وهو جالس مكانه ـ أنه ما كان يجب عليك أن تضرب أخاك.
ولكن الذي واجه الموقف بالتأكيد سيكون رد فعله مختلف .. وليس بالضرورة ان يكون بالقدر الكافي من الموضوعية والتعقل.
منذ عدة شهور كنت في زيارة أهلي .. ولأن والدي مدخن ـ هداه الله وشفاه ـ فقد كان طبيعياً أن يراه ابني وهو يدخن .. وبعدها بفترة فوجئت بابني يمسك عصا صغيرة ويضعها بين أصابعه كما توضع السيجارة ثم يضعها في فمه كمن يدخن!!!!!!!!!!!!!!!
أصابني رعب قاتل .. وغاص قلبي بين ضلوعي وتساءلت (هل هذه هي البداية؟) .. لدرجة أنني شعرت باستياء كبير من والدي وتمنيت في ساعة الغضب تلك أن لو كنت ابنة جاحدة وأمنع ابني من رؤية جده حتى لا يرى منه هذا السلوك المقيت .. واقتربت من ابني وضربته وكأنه ارتكب الجريمة فعلاً .. وحذرته من تكرار هذا التصرف بمنتهى الحزم.
مع العلم ان ابني لم يكمل بعد سنته الثالثة
ما أريد قوله إن خوفنا على أبنائنا وإخواننا وأحبابنا قد يغلبنا أحياناً لدرجة أننا لا نفكر بموضوعية عند اتخاذ القرار.
ابني صغير وهو بالتأكيد كان (يقلد) لا أكثر .. وأخوك أيضاً صغير وغالباً هو إما يقلد أو (يسترجل) بمعنى أنه يريد أن يتصرف تصرف الكبار حسب منظوره القاصر ... وفي كل الأحوال فإن القدوة السيئة أو صحبة السوء هما السببان المباشران لتصرفه هذا.
الضرب ربما يكون تصرفاً غير صحيح .. ولكنني لا أستطيع أن أجزم لأن الضرب قد يؤتي ثماره مع البعض وقد يأتي بنتيجة عكسية مع البعض الآخر .. وواضح من حديثك أن تصرفك معه كان ذا جدوى .. كما كان تصرفي مع ابني

.
ورغم ذلك فلا أرى أن هذه ستكون نهاية الحكاية بالضرورة .. لذلك فالأفضل أن تتحدث معه بطريقة غير مباشرة كل حين وعلى فترات متباعدة نسبياً .. بمعنى: مرة ادعي أمامه أنك تتحدث مع شخص ما عن مساوئ التدخين ومضاره الصحية .. ومرة اذكر أمامه شخص أصيب بالمرض بسبب التدخين .. ومرة اعرض عليه الفتوى التي حرمت التدخين شرعاً (يرجى التأكد من نص الفتوى) .. كل هذا ربما يكون معيناً له للابتعاد عن ذلك السم القاتل .. وأذكر ثانيةً أن يكون ذلك بطريقة غير مباشرة وعلى فترات متباعدة حتى لا يشعر بالحصار ويصاب بالملل .. خصوصاً إذا كنت متأكداً بالفعل من أنه تراجع عن ذلك الخطأ.
وبالطبع يجب مراقبته عن بعد للاطمئنان والتأكد من عدم معاودته لهذا السلوك.