قلت لها :يارا ..راسليني ..أريد ان أسمع اخباراً طيبة عنك ..أريد ان أراك وقد أصبحتِ طبيبة أو مهندسة ..أو معلمة ..
ابتسمت ورحلت ..كانت تبدو متامسكة على صغر سنها ..أجزم أن لها دموعا حبستها ..
كبرياء طفلة ..
بعد الفسحة ..كانت حصتي في فصلها ..
الطالبات كن صامتات ..وأشرن لي إلى زميلتهن أمينة ..كانت تبكي ..
<<<<<<<<< بكيت أنا الآن ..
لم أعرف ماذا أقول ..
خيم الصمت لحظات ..
قلت في داخي ..أطفال لم يتجاوزن الحادية عشر.. ومشاعرهم جياشة ..
طلبت منهم أن يتركن المقاعد ..
وجمعتهمن قربي على سجادة موجودة في وسط الفصل ..جلسنا على الأرض جميعاً
حاولت أن احتويهن ..
ولأكن صادقة ..لقد أردت أن أحتوي نفسي ..ليس فقط لفراق يارا ..بل ..لفراق كل من فارقت ..في عمري هذا ..
أو ربما ..لفراق اعذروها ..اعذروها ..التي لم تظن أنها ستطلب من أحد أن يعذرها في يوم من الأيام
لولا أن الهم قد أخذ منها مأخذه ..
قلت لأمينة التي كانت غارقة في دموعها :
عزيزتي ..لا تحزني ..قد يجمعك الله بها قريبا ..انتِ لا تدرين ..ولا أعرف لماذا زاد بكاءها ..أحسست أني لا أجيد فن التخفيف عن الاخرين ..
أمينة ..نحن لا نعلم ماكتب لنا ..قد يكون في رحيلها خير لكِ ولها ..ولتعلمي ياصغيرتي ..انك ستفارقين في حياتك ..
الكثير من هؤلاء البشر ...هذه هي الحياة ..ياصغيرتي ..
صاحت احداهن : معلمتي يارا تقول سنلتقي في الجنة ..
أردت ان أستشهد بسارة تلك التي تجلس في اخر الصف ..قلت لهن : هاهي سارة أمامكن ..جاءت من صف آخر ..
أكيد أنها وجدت صعوبة في التأقلم معكن في البداية ..ولكنها الان تأقلمت لاشك ..
صح ياسارة ..
هزت راسها موافقة
سارة ..حتى أنك ِ فقدت الرغبة في العودة لصفك الاخر ..صح ياسارة
فاجأتني سارة ..هزت رأسها : لا ..وبكت ..
سارة مازالت تريد العودة لصفها السابق ووزميلات صفها الأخريات ..لسارة قلبٌ لم ينسَ
صرختُ ضاحكة ..لا ياسارة ..لا تبكِ أنت أيضا ..ماهذا يابنات ..مابكن اليوم ..ستتحولن لصنابير مياه ..بعد قليل سنغرق في الصف ..بسبب دموعكن ,,
ضحكت الصغيرات ..على كلماتي ..
وقاطعتني احداهن : معلمتي انتِ أيضا تريدين البكاء ..أرى في عينك دموعا ..
حاولت أن اغير الموضوع ..
تراءات أمام عيني في تلك اللحظه ..مشاهد كثيرة ..لأناس أعطونا ظهورهم ورحلوا ..
وتبدى أمام ناظري ..مشهد ذلك الرجل ,,, الذي رحل ..منظره وهو يخرج من مجلس منزلنا ..لا يكاد يفارق خيالي ..
كنت أخجل كثيرا أن انظر في عينيه ..لكني في ذلك اليوم تأملته طويلا وهو يغادر راقبت مشيته وهو مطرق الرأس ..
ويمشي بتباطؤ ..كنت على يقين من أنها النهاية ..كنت ادرك ..أنه ذهاب بلا عودة ..
ترى ..كم من مثل هذه المشاهد ..سأشاهد ..
أخشى أن يكثر عدد المغادرين ..في صالة قلبي الصغير المسافر ..
عدنا إلى درسنا وتناسينا ..
وفي آخر الحصة ..وقبل ان أغادر ..وزعت أوراق الواجب السابق ..ووإذا بورقة يارا
رفعتها عاليا ..
هذه ورقة يارا ..ماذا نفعل بها ؟؟؟
صرخت أمينة ..معلمتي أرجوكِ ..أريدها سأحتفظ بها ..
وصرخت الطالبات : بل معلمت أنا أريدها ..أنا ..أنا
لكني كنت أدرك ..أن أمينة كانت الأقرب إلى يارا ..وأن لأمينة قلبا كقلب معلمتها ..يحفظ الذكريات ..قلب ٌ لا ينسى ..
ولم يبق من يارا سوى ورقة ..
أسال الله أن يجمعنا بمن نحب ..في جنات النعيم ..فوالله إني لأعلم علم اليقين ..أن مشاهد الوداع في حياتي ..ستتكرر ..غير أن لي أملاً باللقاء ..هناك في الجنة بإذن الله ..
اعذروا اعذروها ..قد يكون اسلوبي ركيكا ..لكني بصدق أشعر بألم
ماأقول على دعواتك الحلوة إلا ..اااااااااااااااااااااامين من كل قلبي ..
ولك بالمثل ياااااااااااااارب
بس والله البنت كانت شاطرة وهادية .,, كانت أشطر بنت بالصف
أبكيتني حبيبتي و أشعلت نارا أحاول إخمادها
خلال قراءة سطورك مرت علي شريط لحظات الوداع التي عشتها في كل مرة أزور عائلتي
وتذكرت تلك الدموع المتحجرة في عيون أمي في أخر لقاء لي بها
ليتني لم أقرأ سطورك التي زادت حرقتي و لوعتي على أحبة لي
أسأل الله أن يجمعني بهم قريبا
أحييك أختي على شعورك النبيل إتجاه لتلميذتك الذي إن دل على شئ فإنما يدل على نبل أخلاقك
متمنياتي للكل بالخير