سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
كلمات أجبرتني مشاعري على صياغتها وكتابتها بعد ان قرأت ردك الأخير
بشراكِ أخيتي بشراك .....فربما ماكنتِ فيه هو إختبار من الله لصدق إيمانك......وطوال السنين الخمس وأنتِ تجاهدين والشيطان يجاهد ضدك ..............والحمد لله أن تغلبتي عليه أخيراً واسأل الله أن يجعلك ممن يبشر بروح وريحان ورب راض غير غضبان
قال تعالى ( وليبتلي الله مافي صدوركم وليمحص مافي قلوبكم والله عليم بذات الصدور )...
فربما هذا إبتلاء من الله لك ليمحص مافي قلبك لتزدادين إيمانا
وأذكرك أخيتي بهذه القصة مع علمي بأنك تعرفينها ولكني أريدك أن تقرأيها وكأنك تقرأيها أول مرة
روى الامام مسلم في صحيحه أن امرأة من جهينة وقعت في كبيرة الزنى في لحظة ضعف فتذكرت عظمة الله وعقابه ووعيده فأنابت وتابت في شعور عظيم بمرارة المعصية وعظم الكبيرة وأرادت البراءة بطريق متيقناً لايتطرق له أدنى احتمال فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، وقالت يارسول الله طهرني فقال : ويحك ارجعي واستغفري الله وتوبي اليه – كان يكفيها ذلك – لكنها قالت يارسول الله أراك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك ، والله إني حبلى من الزنا فطهرني يارسول الله ، قال أأنت قالت نعم ، فقال لها ارجعي حتى تضعي مافي بطنك ، وبضعة أشهر تمر وهي على خوفها واشفاقها وقلقها ، ثم تضع وتأتي بالصبي في خرقة ، وتقول هو ذا قد وضعته فطهرني يارسول الله ، قال اذهبي فارضعيه حتى تفطميه ، وحولان كاملان على خوفها واشفاقها وعزمها على تطهير نفسها بالحد ، والحد كفارة كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ، فطمته وأتت النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي وفي يده كسرة الخبز ، هو ذا يارسول الله فطمته فطهرني ، دفع الصبي إلى رجل من المسلمين ، ثم أُمر بها فحفر بها إلى صدرها ، وأمر الناس فرجموها فكان ممن رجمها خالد بن الوليد رضي الله عنه فتنضخ دمها على وجه خالد فسبها وشتمها فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال مهلاً ياخالد فوالذي نفس محمد بيده لقد تابت توبة لو قسمت على أمة لوسعتهم
وماأدراك ربما تكون توبتك كتوبتها...
ولاتنسي أن ( لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده ) .
أخرج المنذري وغيره بنسد جيد عن أنس رضي الله عنه ( قال جاء شيخ كبير هرم قد سقط حاجباه على عينيه فقال يا رسول الله رجل غدر وفجر ولم يدع حاجة ولا داجة إلا اقتطفها بيمينه لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم فهل له من توبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم أأسلمت قال أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فقال النبي فإن الله غافر لك ما كنت كذلك ومبدل سيئاتك حسنات فقال يا رسول الله وغدراتي وفجراتي فقال وغدراتك وفجراتك فولى الرجل يكبر ويهلل ) ، فضل الله واسع ، لايهلك إلا هالك ولايشقى إلا شقي ، فلاتيأس من رحمة الله ولاتجترئ على معصية الله ، وتب كلما أذنبت .
بادر قبل أن تبادر ، بادر ولاتنظر إلا صغر الخطيئة ولكن انظر إلا عظمة من عصيت ، إنه الله الجليل ، إنه الله العظيم ، إنه الله الكبير ، من نظر إلى عظمة الله وجلاله عظم حرماته وقدره قدره وأجلّ أمره ونهيه .
افرحي أختي أن لك رباً غفوراً رحيماً حليماً , يقبل توبة العبد بعد الإسراف في المعاصي , فيتوب عليه ولا يبالي , بل ويبدل سيئاته حسنات...
أليس هو الذي نادى عباده قائلا

قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53)
وقال العفو الغفور في الحديث القدسي: ( يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم
وقال تعالى في سورة الشورى: )وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (الشورى:25)
وقال أيضا: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:110)
ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي : ( يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ) فلا يخيب من أمل في الله ، ولا يطرد من لزم باب الله فلزمي بابه .
وهذه الكلمات إهداء مني لك
هل تذكرت هاذم اللذات، ومفرق الجماعات ومشتت البنين والبنات؟
هل تذكرت يوماً تكون فيه من أهل القبور؟
هل تذكرت مفارقة الأهل والجيران، والأموال والأصحاب والأوطان؟
هل تذكرت ضيق القبور وظلمتها؟
هل تذكرت وحشتها وكربتها؟
هل تذكرت عذاب القبر وألوانه؟
هل تذكرت حياته وعقاربه وديدانه؟
هل تذكرت الشجاع الأقرع وعظم شأنه؟
هل تذكرت ضرب الفاجر بمرزبة من حديد مع الإهانة؟
هل تذكرت سؤال الملكين منكر ونكير؟
هل تذكرت أتوفق للصواب من الجواب، أم يقال لك: لا دريت ولا تليت؟
هل تذكرت نعيم القبر وروحه وريحانه؟
أخي أعد للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، وللصواب إخلاصاً لا رياء. وكان عون بن عبد الله يقول في بكائه وذكر خطيئته: ويح نفسي، بأي شيء لم أعص ربي؟
ويحي ! إنما عصيتُه بنعمته عندي.
ويحي ! من خطيئة ذهبت شهوتُها، وبقيت تبعتُها عندي.
ويحي ! كيف أنسى الموت ولا ينساني؟
ويحي ! إن حُجبت يوم القيامة عن ربي.
ويحي ! كيف أغفل ولا يغفل عني؟
أم كيف تُهنئُي معيشتي واليوم الثقيل ورائي؟ أم كيف لا تطول حسرتي ولا أدري ما يفعل بي؟
أم كيف يشتد حبي لدار ليست بداري؟
أم كيف أجمعُ بها وفي غيرها قراري؟
أم كيف تعظم فيها رغبتي والقليل منها يكفيني؟
أم كيف أوثرها وقد أضرت بمن آثرها قبلي؟
أم كيف لا أبادر بعملي قبل أن يغلق باب توبتي؟
أم كيف يشتد إعجابي بما يزايلني وينقطع عني؟
و أعلم أخيتي العزيزة بأن قلبك المليء بالإيمان سيتأثر بهذه الكلمات جدا وتذرف بها دموعك مدرارا
ولكن ماأجملها من دموع تلك الدموع...........دموع التوبة .....دموع العودة ......دموع تزيل معها كل أثر الذنب وتغسل القلب منها
فتشرق بعدها على القلب أنوار الإيمان تتسلل في كل جوانبه
فتعود البسمة على محياك ويعود النور لوجهك الوضاء
وتستقبلين زوجك بنظرة حب وإشتياق
وتشعرين بلذة في السجود والدعاء والصلاة
فأنتِ قد عدت أخيراً المرأة المؤمنة القوية والداعية الأمينة والحرة الأبية والزوجة التقية.
فحي على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيم
فهنيئاً لكِ وأحمدي الله على ماأنعم به عليك من صبر وإيمان وثبات واسأليه أن يثبتك دائماً على الخير وبأنه سبحانه قد إستجاب دعائك ووفقك لطاعته
فاستمري بارك الله فيكِ واسأل الله بفضله وكرمه كما ملأ هذا اليوم بالنور والضياء أن يملأ قلبك بنور الإيمان ولذة الطاعة
وأن يبعد عنك شياطين الإنس والجن
وأن يبارك لك في النعمة التي بين يديكِ وهي الزوج الصادق المحب والمتســــــــــامح فلو كان شخص غيره لحرمك الثقة من جديد ومنع عنك كل الوسائل وراقب تصرفاتك ليلاً ونهاراً
السعيدة بك أختك
أم جمانة