من البلاء .. ((تأخر إجابة الدعاء))
من منا ليس له حاجة عند الله ..
من منا ليس له هم اعتلى قلبه وأقلق مضجعه وأسهر ليله
الكل له أمنيات .. وطموحات ..
الكل يدعو ليلا ونهارا .. سرا وجهرا ..
فنجده يكرر الدعاء ، ويبالغ فيه ، وقد تطول المدة ،
فلا يرى أثرا للإجابة..
وهنا يجد الشيطان فرصته فيبدأ بالوسوسة له ..
فيقع في قلبه شيء من سوء الظن بربه بأن الله لن يستجيب له
وأنه لا فائدة من دعائه ..
فيصيبه الفتور .. وربما ترك الدعاء ..
وهذا من البلاء ..
نعم ,, تأخر الإجابة من البلاء الذي يحتاج إلى صير
فلا تيأسن من روح الله وإن طال البلاء؛ فإن الله - عز وجل - يبتليك؛ ليبلو أخبارك
فإياك أن تستطيل زمن البلاء، وتَضْجَر من كثرة الدعاء؛ فإنك ممتحن بالبلاء، مُتَعَبّد بالصبر والدعاء
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (يستجاب لأحدكم ما لم يستعجل قيل: وكيف الاستعجال يا رسول الله؟! قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر عن الدعاء فيترك الدعاء)،
وإذا نظرنا إلى حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، نجد أن اليأس لم يتسرب إلى قلوبهم،
فهذا نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام تمر به سنوات طوال ويقول في آخرها:
(( يَا بَنِيَ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ))
وزكريا عليه السلام مع كبره يقول: ((رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ))
وأيوب عليه السلام تأخرت عنه الإجابة فلبث في بلائه ثمانية عشر عاماً، حتى رفضه القريب والبعيد
وربه سبحانه وتعالى لا يخفى عليه حاله، ولكن كل دعوةٍ دعا بها أبوب أثيب عليها، ومن ثم جاءت التزكية والشهادة، من رب العالمين، قال تعالى: ((إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ))، ثلاث تزكيات من الله سبحانه وتعالى بعد هذا الجهد والعناء الطويل.
ولو تأملنا الحكم والأسرار من تأخر الإجابة لما دار في خلدنا تضجر من كثرة الدعاء
فالله يحب ان يرى عباده يلحون بالدعاء ويتوسلون ويدعون الله بقلب خاشع ليفاخر بهم بين ملائكته فالله سبحانه وتعالى قضى حاجته ولكن لحكمه يقتضيها اخرها قليلاً
وقد يكون يختبر صبر عباده وإيمانهم
يقول ابن الجوزي: نزلت فيَّ شدة، وكاثرت من الدعاء أطلب الفرج والراحة وتأخرت الإجابة، فانزعجت النفس فصحت بها: ويلك، تأملي أمرك، أمملوكة أنت أم مالكة؟! أما علمت أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، فإذا طلبت أغراضك، ولم تصبري على ما ينافي مرادك فأين الابتلاء؟.
ثم قلت لها: إنك قد استبطأت الإجابة وأنت سددت طرقها بالمعاصي كأنك ما علمت أن سبب الراحة التقوى:
((ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب))
وقلت لها: إنك تطلبين ما لا تعلمين عاقبته، وربما فيه ضررك،(( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون))
فأوصيكم أخياتي وأوصي نفسي المقصرة بالإقبال على الله تعالى والتضرع إليه
والاجتهاد بالدعاء والإلحاح فيه .. ونحن مقبلون على شهر فضيل
أسأله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يبلغنا شهر رمضان وقد انفرجت همومنا
وبلغنا مرادنا إنه سميع مجيب الدعاء. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
__________________
يارب افرجها