عندما كلمتني جدتي ذات الثمانين عاما بصوتها المثقل بهموم الحياة
قالت لي : جدك مات يا جدة, جدك مات
لم استطع ان امسك نفسي امام صوتها الباكي
استذكر جدي الان وقد مات عن 100 عام لم ينسى يوما ولم يخرف
ولم يضطر خلالها لتذوق اكلا لا يثق بمصدره
لم يزر خلالها طبيبا الا عندما زلت قدمه اثناء حضوره لعرس البذار في ارضه فكسرت ساقه
لم ينسى يوما انه ولد من ظهر فلاح
عاش ومات فلاح
كان يضرب بيده الارض فتهتز فرحا وطربا
كان يرمي بذاره في رحمها
فتنجب خيرات وخيرات
يزرع فنأكل
ونزرع فلا يأكلون
مفارقة عجيبة
وانقلاب لحال المثل
اراض باتت جرداء
حقول استعمرتها ملايين المستثمرين باربراج شاهقة
فلل وعمارات
ملاعب ومسابح
وجدي يصيح
ضاعت بلادي
ضاعت بلادي
ويل لكم يا ابنائي
ويل لكم من يوم لا تجدون به ما تاكلون من انتاج ايديكم
ويل لكم من يوم تلهثون به وراء حبة القمح
تقول ملاك الحب والسلام
انها تتنفس عشقا
وانا اقول انها تتنفس سما زعافا
عندما اصبح يُنظر للزراعة بعين النقص
كلا انها ليست من التمدن
استهانت الناس ازهاق روح شجرة تسبح بالله
واستهانت ان تحرم الارض الخصب من الانجاب
فمات الناس
ماتوا
الا نفكر قليلا بطعامنا
وطعام ابنائنا ؟
رحمك الله يا جدي
ورحم كفك الخشنة
انظر بصورتك وارى تجاعيد وجهك التي تدل على وسامتك
وسامتك التي عشقتك الارض من اجلها
عشق الارض لك جعلها تهيئ لك مكانا امنا في حضنها
لتحتضنك الى يوم يبعثون
بالنهاية أقول :
هل فعلا تنفس الارض عشقا ام الما على حال واطئيها !!!