تمهل .. قبل اتخاذ قرار الطلاق ( الجزء الأول )
تمهل .. قبل اتخاذ قرار الطلاق
ما أسعد الرجل حين يظفر ببنت الحلال = المرأة الجميلة التي حازت على غالب المحاسن والصفات المحمودة التي كان يرنو إليها .. ، فقد كلت نفسه وأرهق تفكيره بحثًا عن امرأة تلاؤمه ، يسأل القاصِ والدانِ لعل وعسى .. .
ثم يجد تلك الجوهرة التي تمناها ماثلة بين يديه يوم خطبتها ، فيشعر بالفرح ، ويطفح السرور على وجهه وترتعش أعضاؤه ويكاد يطير فرحًا أن تحققت أمانيه ..
خصوصًا بعد أن علم بموافقتها وتم الاتفاق ووضعت الشروط .. .
ثم بعد أن أجرى عقد نكاحه قبل الدخول بها بدأ في مرحلة جديدة ، مرحلة مليئة بالحب والغرام .. تزداد نبضات قلبه إذا أقترب منها وحادثها وحادثته ، وضاحكها وضاحكته ، وعذاب وهيام إذا تركها وفارقها لموعد آخر ..
ينتظر بفارغ الصبر ويجهَّز نفسه لموعد زيارتها في أبهى حلة ، وأجمل شذى ، وأحسن لقاء ، فهي الأثيرة لديه..
في البداية ؛ يحرص كل واحد منهما على إرضاء صاحبه ، ويتقرب إليه بالغالي والنفيس .. .
هدايا ، كلمات كبار في الحب والعطاء .. ، نظرات ملؤها الرضا ، ليجد كل منهما طعم السعادة الحقيقي .. .
لا يصبر على فراقها ، لذا هو يسلي نفسه تارة بإرسال رسائل الهاتف المحمول ، وتارة بالحديث عبر الهاتف ؛ الذي يأخذ الأوقات الطوال ـ لطيب الأنفاس ـ وكأنها لحظات عابرة انقضت في لمح البصر .. .
ويمني الزوج نفسه بقرب حفل الزفاف البهيج ، ويعد الأيام والساعات ، بل الدقائق والثواني ، ويقلب بصره دائمًا بكثرة نحو أرواق التقويم ويخاطبه بلسان حاله : عجل عجل فقد طال عهد حفل زفافي فمتى يحين ؟! .
فيجيبه التقويم : ولماذا العجلة يا صاح ؟ فيجبيه : لأرفل مع عروسي في ثوب السعادة والهناء .. فلا أريد أن تفوت على نفسي أي لحظة سعيدة مع شريكة حياتي !.
ثم يشاء الله وتتم مراسيم حفل زفافه السعيد ويأخذ عروسه في بهجة وحبور وسرور والأرض لا تكاد أن تسعه فقد ظفر بمحبوبته الغالية .. وقد خرج من قصر الزواج بعد ما ودع الأهل والضيوف وخصوصًا أم العروس التي فارقتها بعد بكاء الفرح لابنتها التي كانت لصقيتـهـا في البيت ، والآن تركتها لتقيم في عش الحياة
الزوجية ويصبح لها صرحًا آخر مع شريك حياتها .. .
وسوف يقضي الزوجان أمتع اللحظات والأوقات مع بعضهما البعض .. .
وهكذا .. تدور عجلة الحياة بهما وكل واحد متعلق بالآخر .. ما أجمل أيام الزواج الأولى وما أبهجها ـ عند الكثيرين من الأزواج والزوجات ـ لا كدر فيها ، بل كلها أيام سعادة وهناء .. .
بعدها يحصل ـ كما يحصل في كثير من البيوت ـ بعض القصور ، فيغض أحدهما الطرف عن الآخر ، ثم يتكرر خطأ ثاني وثالث ، ويبدأ العتاب ثم يصطلحا ، ثم ترجع نفس الأخطاء ويرجع العتاب من جديد ، ثم تختلف وجهات النظر وتحتد الأنفاس ويتطور الأسلوب إلى تراشق بالتهم والكلمات النابية ، وربما ذهبت المرأة إلى بيت أبيها وتوسعت الهوة وازداد ت المشاكل فأصبحت كثيرة لا حصر لها ؛ تغلق من جانب ، وتفتح من جانب آخر ..
أُغلقت لغة التحاور بالتي هي أحسن ، وحل مكانها سوء الظن ، وتصيد الأخطاء ، وقصور في الوظائف ، وقل الاحترام .
كثرت المشاكل على الرجل فلا هو مستقر في بيته مكان راحته ، ولا هو مرتاح خارج بيته بل مكدود الخاطر ماذا يفعل إذا رجع إلى بيته أمام ذلك الركام من المشاكل ؟!.
خاصة مع مرور الشهور بل الأعوام ، ووجود الأولاد ، والأمر يزداد تعقيدًا .. فما الحل ؟ الحل ـ في نظر الكثير ـ هو الطلاق .. ! .
فأقول : رويدك يا أخي فما هكذا تعالج الأمور .. .
ابتداء أقول : من أراد بيتًا لا يخلو من المكدرات فهذا يطلب المستحيل ، حتى بيت نبيك صلى الله عليه وسلم ما خلا من المشاكل .. ، والسنة النبوية حفظت لنا الكثير من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته .
النساء قال فيهن النبي صلى الله عليه وسلم : « استوصوا بالنساء خيرًا ؛ فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرًا » متفق عليه ، وفي لفظ لمسلم : « فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج ، وإن ذهبت تُقيمها كسرتها ، وكسرها طلاقها » .
أخي الزوج العزيز :
المرأة بطبيعتها عاطفية تحتاج من الرجل النزول إلى مستوى تفكيرها ومناقشتها بأسلوب يحاكي تفكيرها فهي في الغالب تتعامل مع الأشياء بعاطفتها لا بعقلها ، وأما طريقة الرجل وتفكيره عقلية منطقية .
المرأة تريد رجلاً يتفهم نفسيتها يراعي مشاعرها يبادلها الحنان والعطف والاحترام .
المرأة تحتاج من الرجل الحزم مع اللين .
ولا تنسى أخي الزوج أن مسؤولية المرأة كبيرة فهي تقوم بشؤون البيت ، ولا يخفاك أن عمل البيت مضني وكثير . من غسل الملابس وكيها ، وطبخ الطعام وغسيل الصحون ، وكنس البيت ورعاية الأولاد طوال اليوم وغسلهم .. إلخ من أمور لا تنقضي .
فتحتاج إلى من يقدر جهدها ويثني عليها وعلى عملها ، ولاشك أن قد يحصل شيء من القصور فينبغي للزوج أن يغض الطرف عن ذلك ، خاصة أيام دورتها الشهرية فإن وضعها النفسي والجسدي سيء ، فتحتاج من يقف بجانبها ويراعى حالها .. وهذا مما يجهله الكثير .. .
إذا كان الله أسقط عنها الصلاة والصيام رحمة بها أفلا تخفف عليها الحِمل حتى ترتاح وتستعيد نشاطها .
__________________
محمد بن محمد الجيلاني
مهتم بالكتابة حول شؤون الأسرة