بسم الله الرحمن الرحيم
لاشك بأن الحياة الزوجية يجتمع بها شخصان كان لهما قبل الزواج مطامحهما وآمالهما الشخصية لحياة مختلفة ومتدرجة بين الواقعية والخيال ..
وحين يقررا الزواج ..فإن الأمور المحيطة بهما من دين وعادات وظروف يرسمان لهما خارطة الطريق لإيضاح الصورة وتحديدها وفق المحيط الإجتماعي الذي يحيا الزوجان به..
وبعد الزواج ..
ياتي دور الزوجين الرئيسي في نمذجة اسلوب الحوار بينهما وتطبيع العلاقات النفسية والسلوكية حتى يقتربان الى اقرب نقطة من التوافق ..
كل هذا يحدث بشكل تلقائي او بإتفاق او حتى تحت ضغط من الظروف المحيطة ..
وتمضي الحياة بينهما على هذا النهج بما يحفظ لكل طرف حقوقه المكتسبة شرعياً وإجتماعياً وعاطفياً حتى يحدث امر ما !!!
وهذا (الأمر) يتردد في أهميته بين مشكلة تافهة و أخرى عويصة ومتشعبة الأطراف ..
قد يحدث كل هذا بالحياة الزوجية ..بل وأكثر !!
ولكن حين كان يقع ذلك في الماضي القريب ..
فإن لدى الأباء والأجداد تصوراً واضحاً لمفهوم الحياة الزوجية ..فكانوا يعالجون المسائل الخلافية بينهم بطرق كثيرة مابين اللين والقسوة ..
ولكن كان لديهم أمر مهم جداً عند نظرتهم العامة للمشكلة ..وذلك الأمر هو :
(الرغبة في الإستمرار)
ربما لأن مجتمعاتهم في تلك الأوقات لاتسمح بحدوث الطلاق لتكاتفها وتعاضدها فيما بينها ..
وربما لأن الرجل أنذاك يرى في زوجته ماهو أكثر من إمرأة غير جميلة او لاتستطيع الحوار معه او اصبحت بدينة ...الخ
وكذلك المرأة أنذاك لاتتخيل بأن تفارق زوجها تحت أي ظرف من الظروف لأنه مدار حياتها وعائلها وعائل ابناءها..
وكانت الأخلاق الإسلامية في تلك الأزمنة هي الغالبة على القوم ..وهي العلاج النافع لكل أمر مستعصي ..
لذلك فإن حل المشكلات الزوجية بالسابق كان أيسر منه في الزمن الحاضر !!
اما الآن ..
فحدث ولا حرج عن اسباب الطلاق المتعددة ..
وحدث ولا حرج عن تلك الأعداد الهائلة من المطلقين والمطلقات وابنائهم المتفرقين بكل صوب !!
والسبب
(الرغبة في الإنفصال) لأسباب غير مقنعة وعلى رأسها (لم اعد احبه/احبها) !!
وكأن الحب (حمى) قد تعافيا منها !!
وقبل ان تلومونني لمقارنتي بين زمنين مختلفين ..تفكروا قليلاً بمسألة
(الرغبة في الإستمرار) ..فهذا هو صلب الموضوع !!
ارى بأن (الرغبة في الإستمرار) اصبحت الآن معلقة كالعصاة على جدران الحياة الزوجية ..
بل أنها للأسف تكون بمرحلة متقدمة قبل هذا بالنسبة الى من يعقدون قرانهم ولم يفرغوا بعد من تأثيث منزل الزوجية ويخططون لحفل العرس وخلافه !!!
أحاط المجتمع مسألة الطلاق بأهمية كبرى مؤخراً نظراً للأرقام الإحصائية المخيفة التي صدرت من الجهات المختصة ..
وسعى المجتهدون كل حسب قدرته وموقعه بالعمل على تقليل هذه النسبة والحرص على توعية المجتمع بأخطارها ..فالتفكك الأسري اخطر الأمور التي يمكن ان تصيب الفرد بالمشكلات الإجتماعية والنفسية والسلوكية !
ولكنها ليست مشكلة واقعة على عاتق المجتمع لإصلاحها من الأساس ..
بل الأمر مناط بيد الله تعالى ثم على عاتق من يتزوج في هذا الزمان !!
فيا ايها المتزوجون في هذا الزمان !!
أتمنى ان نجعل (الرغبة في الإستمرار) شعارنا عند حدوث المشكلات ..
فلا تتفوهوا بأي كلمة قد تشير الى عدم الرغبة بالإستمرار إلا اذا كنت تعني ذلك حقاً ولديك أسبابه الوجيهة ..
فهذه الكلمة ستبقى مثل (مسمار جحا) بذهن الطرف الآخر وستؤجج الخلاف كلما ظهر !!
وللحديث شجون ..ولكن خير الكلام ماقل ودل
واللبيب بالإشارة يفهم !!
وفق الله الجميع الى مايحبه ويرضاه
03-04-2010, 11:57 PM
ضوابط المشاركة
العرض الشجري