أختي الفاضلة : أمة البديع
هل تعلمين موضوعكِ هذا ذكرني
بإحدى الطالبات وقفت وقالت مخاطبة الجميع : حدثتكن في المرة الماضية عن قيام الليل
فمن منكن قامت الليل ؟!
فخيم الصمت على المكان .. و بدت علامات التعجب واضحة على وجوه كل من في الفصل .
فأعادت السؤال .. لكن دون جواب !
في قرأتي لتلك الوجوه المتعجبة .. أحسست أنهن كن يتسائلن في قرارة أنفسهن
هي حدثتنا أن قيام الليل أمر سهل .. فلماذا لم نستطيعه ؟!
كذلك :
الحديث عن الإبداع أمر سهل .. لكن لماذا نفتقده ؟!
ليقوم المسلم الليل عليه أن يجاهد نفسه ويربيها على تحمل المكاره ليس ليوم ولا يومين
و إنما كما قال أحد السلف : ( جاهدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة ثم تلذذت به عشرين سنة )
وكذلك الإبداع يحتاج للمجاهدة المستمرة للنفس و حملها بقوة على العلم والعطاء والعمل
حتى نتلذذ بجني الثمار !
***
مازال في أمة محمد _ صلى الله عليه وسلم _ خير كثير نراه في الدعاة و غيرهم
لكن لأنها جهود فردية لا تأخذ حيز كبير في العيون .. أسأل الله أن يجعلها في موازين حسناتهم .
***
أما الإبداع الجماعي الذي تنهض به الأمه ككل يحتاج لشروط :
أولاً عودة الأمة للتمسك بدين الله حق التمسك ( هذا الشرط كفيل بأن يوفر بقية الشروط )
كالقضاء على الفقر والعوز و تحقيق الأمن و الأمان و انتشار العلم والمعرفة
و كذلك وجود القائد المناسب للأمة .
***
و دعونا نعود للتاريخ لنعرف كيف استطاع المسلمون الوصول
إلى العصر الذهبي _ عصر هارون الرشيد و ابنه المأمون _
العصور الإسلامية قبل العصر العباسي لم تخلو من الإبداع لكنها
كانت مخصصة بشكل كبير لتأسيس الدولة الإسلامية و مواصلة الفتوح
و مع بداية العصر العباسي و في زمن المنصور .. بدأت الأمة تسير
في طريق النهضة العلمية في جميع الميادين فقد شجع الخليفة أبو جعفر المنصور
الترجمة .. فبدئوا بترجمة كتب اليونان و الفرس و الهنود و غيرهم
حتى أنشأ الخليفة هارون الرشيد ( بيت الحكمة ) في بغداد
ووظف فيه العديد من المترجمين فلم يكن مكتبة عامة فقط بل إن المأمون
حوله إلى معهد علمي كبير .. و بعث البعوث ليحضروا أنفس ما في بلدان الحضارات
القديمة من كتب لترجمتها .. بيت الحكمة هذا هو أساس الثورة العلمية والصناعية في الغرب !
لأنهم أخذوا كتب المسلمين وترجموها للغتهم !
هل رأيتم كيف أن للترجمة أثر كبير في صناعة الإبداع و بناء الحضارات
فلكي تبني لابد أن تبدأ من حيث ما انتهى من سبقوك !
***
النقطة الأخيرة :
ما مدى حاجة المسلم للترويح الإعلامي ؟!
ألم يقل عليه الصلاة والسلام : ( أرحنا بها يا بلال )
و كذلك قول ابن تيمية رحمه الله : ( أنا جنتي وبستاني في صدري )
حينما يعود المسلم مساءاً إلى منزله
ما مدى سعادته بمشاهدة فلم السهرة ( كما يسمونه ) مهما كان الفلم هادفاً ..
هل تساوي سعادته باقتراب موعد لقائه في جنح الليل مع مالك الملك .. رب الأرباب .. و مجري السحاب ..و خالق خلقه من تراب ..
الترويح في قاموسي عبادة ( عبادة التفكر في خلق الله )
يكفي أن يخرج المرء في نزهة برية أو بحرية أو ...
شكراً لكِ أختي أمة البديع على هذا الموضوع القيم
أتمنى لكِ التوفيق و السعادة .
__________________