لماذا لا استطيع ان انسى الاساءة او ذكرى الماضي الأليم ؟
هذا السؤال نسمعه يومياً عدة مرات رغم كثرة الكتب والاطباء والمختصين ورغم وجود الاهل والاحباب حول ذلك السائل
من الاسباب الجوهرية والاساسية لمعضلة عدم نسيان الماضي الاليم والتي يمكن ان نوجزها في ثلاث اسباب اساسية :
أولاً : مواريث خاطئة وتراكمات اجتماعية .
بمعنى ابسط ... زُرع في كثير من البشران صاحب الشخصية القوية وصاحب الكرامة وعزة النفس والمرتبة العالية هو الذي لا يعتذر حتى لو أخطأ وبالتالي لن يسامح من اخطا في حقه { فكرامته غالية جدا ونفسه عزيزة } حتى لاقرب المقربين منه فلا للنسيان ولا للتغاضي عن الاساءة والصفح والا فسيشعر انه اهين وانكسر و اصبح ذليل وبالتالي فلن يسامح مهما طال الزمن او قصر ..
ايضا تأثير من حولنا يسير مشاعرنا وانفعالاتنا بل واتخاذنا لقرارتنا دون ان نشعر... فمثلا لو أخطئ في حقك شخص امام صديق او قريب او جار او زميل عمل ... ثم اتى ليتسامح منك .. ربما تتأثر ويلين قلبك وتود مسامحته ونسيان الماضي وفتح صفحة جديدة رغم انه أخطئ خطا كبير في حقك ... وبدأت من جديد متناسيا الماضي بآلامه وهو كذلك .. هنا سيظهر الشخص الشاهد في الصورة وقد صعقه ما وجد ... كيف تسامح من فعل وفعل وفعل بك .... اين كرامتك كيف سيكون موقفك امام باقي الرجال قد رجعتم اصحاب واحباب لو انا مكانك ما اسامحه لو ايش ..
ولا نقول سوى انا لله وانا اليه راجعون والله المستعان ... كيف تستطيع هذه الفئة من البشر ان تعين على الشر وعلى ان يجد ابليس في نفس اخوانه مكان ويجعله ينتصر عليهم بعد ان شارف على الهلاك بعودة واجتماع المتخاصمين اليسوا اخوة في الله .
[إنما المؤمنون أخوة فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون]
ثانياً : غياب القدوة
بمعنى ادق لم نرى امامنا شخص سامح وصفح عن غيره ممن اخطئ خطأ كبير في حقه .. فمرافقة الصالحين الاتقياء المتواضعين ممن ينسوا ويسامحوا ويصفحوا عن من اخطئوا في حقهم له اثر كبير جداً في نفوسنا سواء أكانوا من الاهل او الاصحاب او الاقارب او او ... وبالتالي فغياب هذه القدوة في حياتنا او بالاحرى غياب هذا المشهد من حياتنا لن يجعلنا اول من يفعل ذلك خاصة لو كانت العائلة المنتمى لها الشخص معروفة بعدم نسيانها الاساءة او انها لا تسامح من يخطئ في حقها او انها تتفاخر بعزة نفسها وكرامتها وتستخدمها هذا الاستخدام المبالغ به
ثالثاً : نسيان الثواب العظيم للصفح
الا ترون معي ان هناك تناقض مضحك او ربما وضح لنا وبشدة ان دور الشيطان له اثر كبير في هذا الامر فهولا يتوقف عن تذكيرنا بالاساءة وبمن اساء لنا ومن اخطئ في حقنا واهاننا ووو وفي نفس الوقت لا نكاد نذكر الثواب الذي سنجنيه من صفحنا ونسياننا وعفونا عمن اخطئ فينا ... رغم اننا نقرأ الاف الآيات كل يوم عن هذا الموضوع ونسمع لعشرات المشائخ الذين يدعون للصفح والنسيان الا انه لم يلامس قلوبنا ولم نستشعر عظمة هذا الامر والا لكنا نتسابق ونسارع لفعله لكي ننال الاجر والثواب العظيم المضاعف
تأملوا معي هذا الحديث الشريف{قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل لمسلم ، أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام}
لن اقول لماذا لا ننسى بل سأقول لماذا نسينا ما امرنا به الله ورسوله ونسينا ما وُعدنا به من غفران للذنوب ونعيم وجنات ورضا من الله سبحانه وتعالى
لماذا تأثرت ثقافتنا وتعاملاتنا ومعتقداتنا رغم اننا مسلمون نتبع هدي وسنة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام ؟
لماذا نشعر انه لم يمر احد بما مررنا به من اذى واساءة وننسى ما مر به سيد الخلق عليه الصلاة والسلام ونسينا كيف قابل كل ذلك ؟
لماذا نسينا ان الدنيا ممر للآخرة والجنة هي المأوى والمستقر ؟ لماذا نتسابق للوصول لاعلى الدرجات في الدنيا ونسينا ان نصل لاعلى الدرجات في الاخرة ؟